المقالات

كتب: د. عبدالمحمود أبّو: الكلمة مسئولية

تميز الإنسان عن المخلوقات الأخرى بالخصائص التي أهلته لوظيفة الاستخلاف، ومنها حرية الإختيار ليكون الحساب عادلا، ولذلك فهو محاسب على كل ما يقدم عليه من قول أو فعل أو موقف؛ قال تعالى:((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)).
هنالك أعمال يقوم بها الإنسان يقتصر أثرها عليه، وهنالك ما يتعدى أثرها فيصيب غيره، ولذلك طلب من المؤمن أن يتبصر مآلات أقواله وأفعاله حتى لا يتضرر غيره، وثبت أن الكلام ضرره كبير فعلى المؤمن أن يراجع الكلمة قبل أن ينطق بها، ولخطورة الكلمة جاء التوجيه في القرآن والسنة بصيغ مختلفة منبها على خطورتها ومن ذلك:
أولا:أن يتذكر الإنسان أن كل ما يقوله مسجل وسيحاسب عليه، قال تعالى :(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))
ثانيا:أن يتأكد ويحرص على أن ما يقوله مفيدا، قال تعالى :(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا))
ثالثا:أن يتخير أفضل الكلمات التي تدخل السرور في نفس السامع، قال تعالى:((وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)) وقال تعالى:(( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا))
رابعا: أن يكون صادقا في قوله ويتحرى الصدق في كل مواقفه، قال صلى الله عليه وسلم :(( علَيْكُم بالصِّدْقِ، فإنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وإيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا)). وقال تعالى:(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)).
خامسا:التأكد من صحة الأخبار، وعدم اتخاذ المواقف على المعلومات المضللة قال تعالى:(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)).
سادسا:عدم نشر الأخبار والمعلومات المضرة، فناشر الخبر شريك في كل ما يترتب عليه من آثار، قال صلى الله عليه وسلم:((كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّث بكلِّ ما سمع)).ونشر الأخبار من غير أهل الاختصاص ربما تضر الأمة كلها ولذلك قال تعالى:(( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)).
سابعا:معظم البلاوي تأتي من اللسان ولذلك شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضبط الألسنة ففي حديث معاذ عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدله على عمل يدخله الجنة ويباعده عن النار، قال له:((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أخبِرْني بعملٍ يُدخِلُني الجنَّةَ، ويباعدني منَ النَّارِ، قال: لقد سألتَ عن عظيمٍ، وإنَّهُ ليسيرٌ علَى من يسَّرَه اللهُ عليه، تعبدُ اللهَ ولا تشرِكُ بِه شيئًا، وتقيمُ الصَّلاةَ، وتؤتي الزَّكاةَ، وتصومُ رمضانَ، وتحجُّ البيتَ، ثمَّ قالَ: ألا أدلُّكَ علَى أبوابِ الخيرِ؟ الصَّومُ جُنَّةٌ، والصَّدَقةُ تطفئُ الخطيئةَ، كَما يطفئُ الماءُ النَّارَ،وصلاةُ الرَّجلِ في جوفِ اللَّيلِ، ثمَّ تلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ الْمَضَاجِعِ) حتَّى بَلغَ: يَعمَلونَ) ثمَّ قال: ألا أُخبِرُك بِرأسِ الأمرِ ، وعمودِه، وذِروَةِ سَنامِه؟ قلت: بلَى، يا رسولَ اللهِ، قال: رأسُ الأمرِ الإسلام، وعمودُه الصَّلاةُ، وذِروةُ سَنامِهِ الجِهادُ، ثمَّ قال: ألا أخبرُك بمِلاكِ ذلِك كلِّه؟ قلتُ: بلَى، يا نبيَّ اللهِ، فأخذَ بلسانِهِ، وقال: كُفَّ عليكَ هذا، فقُلتُ: يا نبيَّ اللهِ، وَإِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِعلَى وجوهِهِم، أوعلَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم)).
فلنحذر من إلقاء الكلام على عواهنه، ولنضبط ألسنتنا لنسلم وتسلم الإنسانية من أن يلحقها الأذى بسببنا.

# لا للحرب نعم للسلام
# لا لخطاب الكراهية نعم للتسامح

مواضيع ذات صلة

عمار العركي يكتب: خبر وتحليل : امس “المفضل” في روسيا ، غدا الإمارات في مجلس الأمن : المخابرات تُحاصر الإمارات

عزة برس

الهندى عز الدين على “إكس” يعلق على جلسة مجلس الأمن بشأن عدوان الإمارات على السودان

عزة برس

بُعْدٌ و مسَافَة .. مصطفى أبو العزائم يكتب: الروس قادمون

عزة برس

العطا لمن عصا بقلم: بدر الدين عوض الله المحامي

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: بعد إنقلاب عربته بالأربعة من زادنا طه حسين للأسافير

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: كري المدني: (الشهادة السودانية والجنسية الخضراء ام خرتيت) ..!

عزة برس

اترك تعليق