المقالات

القاهرة ، وإن طال السفر.. عمار العركى

* طيلة عمر الأزمة السياسية السُودانية التى تجاوزت السنوات الأربع ، ظللنا على الدوام نتناول بالقراءة والتحليل اهمية وإستراتيجية الدور المصرى رغم “غيابه” لحسابات وشواغل داخلية ، و “تغييبه”، بتأثيرات خارجية ، و إستعرضنا كثير من العوامل الإستراتجية والأدلة المنطقية والمؤشرات الواقعية التى تؤكد على أن “القاهرة” بيدها الشفرة وكل مفاتيح الحل ، * أشرنا كذلك الى رسوخ هذه القناعة لدى كل الطامعين والطامحين الدوليين والإقليميين المتداخلين فى السُودان والمتنافسين من أجل السيطرة وبسط النفوذ ، فى مقدمتهم المحور (الإسرائيلى ، الامريكي، السعودي، الإماراتى) ، فكان لابد لهم من “إقصاء أو تحييد” مصر ابتداءً لضمان نجاح مشروعهم وتحقيق مصالحهم فى السُودان.
* الى حد كبير نجح المتداخلون فى تحييد الدور المصرى حيال الأزمة السياسية السودانية منذ ثورة ديسمبر 19 الى حد كبير ، ولكن ظلت مصر بشكل او بآخر قريبة من الميدان وتراقب عن كثب آداء جميع اللاعبين وهى مطمئنة نسبة لإمتلاكها كل مفاتيح اللعب ، ولا تتدخل الا عندما تكون النتيجة ماضية الى غير صالح السودان وبالتالى لصالحها ، فتسارع بالتدخل لتعديل النتيجة مثال لذلك المبادرة المصرية لجمع كل الفُرقاء السودانيين إلا من أبى ، فى العاصمة الإدارية بالقاهرة ، تحت شعار (الحل السودانى سودانى), وقطع الطريق امام الحلول المستوردة ذات الأجندات الخاصة التى اوشكت على بلوغ غاياتها
* الحرب الراهنة فى السودان التى، تسبب فيها المتداخلين الخارجيين بشكل أساسى ومنذ الطلقة الأولى سارعت مصر بكل ثقلها ونفوذها الدولى والإقليمى فى محاصرة رقعة الحريق وإبعاد كل ما يساعد فى الإشتعال والتمدد ، فكان وأن خرجت القيادة بتصريح قوى وتحذيرى فيما بعد مضى عليه وهو أن ما يحدث فى السُودان (شأن داخلى صرف محذرة من مغبة أى تدخل خارجى من شأنه تفأقم الوضع ، مع ضرورة المحافظة على مؤسسات الدولة القائمة) ، وبعد الاسبوع الثانى من الحرب إطمأنت مصر لمسار الأحداث.فى السودان وفق رؤيتها وتكييفها للأزمة ، عادت الى برج المراقبة والرصد الدقيق للأحداث.
* فى الإسبوع الخامس للحرب في الخرطوم ، وبعد أن بدأت تلوح فى الأفق محاولات الإخلال بمبدأ خصوصية الشأن السودان وبوادر تدخلات خارجية ، ظهرت مصر بقوة لقطع الطريق مرة أخرى بتحركات دولية واقليمية اثمرت عن تأمين الموقف بمجلس الأمن الدولى والإتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية والخروج بمواقف داعمة ومساندة ، وإستطاعت إعادة الأوضاع الى ما كانت عليه فى الإسبوعين الأوليين للحرب.
* حاليا ، وفى خواتيم الإسبوع الثانى عشر وبعد فض سامر منبر جدة الذى لم يحقق أى تقدم ، برز “منبر الإيغاد” المنحاز والغير محايد أعدت مصر عدتها مجددا لقطع الطريق أمامه من خلال قمة القاهرة لدول جوار السودان ، والذى صادف الإعلان عنه و الدعوة له في 13 يوليو القادم ، في ذات اليوم الذى شهد فشل اجتماع رباعية الإيغاد بالعاصمة الأثيوبية بسبب إعتذار السودان عن المشاركة نسبة لعدم تلبية طلبه في ازاحة كينيا من رئاسة الرباعية لعدم حيادها. وإنفض السامر قبل البداية مما جعل اديس الداعية ونيروبي المتربصة تطلقان المواويل والتوعد بالويل والثبور تعبيرا عن الإنحياز لحليفهم المتمرد ، ونتوقع من العاصمتين وضع كثير من المتاريس والمواتع امام “القاهرة” .
خلاصة القول:
* ذاكرة المنطقة السياسية تقول أن كل التجارب السابقة للمبادرات والواساطات التى تقودها دول الجوار الملاصق فى الحلول والتسويات للأزمات والحروب داخل الدولة الجارة تكون حاسمة ومستدامة عكس مبادرات الغير.
* فما بالكم بالجارة مصر التى تتأثر مباشرة بالأوضاع فى السودان ، وبكل ما لديها من ثقل وتأثير سياسى. ودبلوماسى دولي وإقليمي ، يُضاف إلى قراءتها الجيدة للمشهد السودانى وتعقيداته وإمتلاكها لكل مفاتيح و شفرات الحل.

مواضيع ذات صلة

بُعْدٌ و مسَافَة .. مصطفى أبو العزائم يكتب: الروس قادمون

عزة برس

العطا لمن عصا بقلم: بدر الدين عوض الله المحامي

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: بعد إنقلاب عربته بالأربعة من زادنا طه حسين للأسافير

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: كري المدني: (الشهادة السودانية والجنسية الخضراء ام خرتيت) ..!

عزة برس

شيء للوطن.. م. صلاح غريبة – مصر السودان، حربٌ على النسيج الاجتماعي أم حربٌ على الشائعات؟

عزة برس

يا مافي السجن مظاليم بقلم: عميد شرطة فتح الرحمن محمد التوم- الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة

عزة برس

اترك تعليق