المقالات

همس الحروف.. قبل فوات الاوان.. رسالة الى عبد الواحد و الحلو.. بقلم :الباقر عبد القيوم على

 

 

شك أن الشعب السوداني يمر بأسوأ حالاته هذه الأيام نتيجة الظروف الإقتصادية الحرجة و المتردية التي نتجت من إتباع الدولة الأعمى لروشتة صندوق النقد الدولي ، و علاوة على ذلك التخبط السياسي في إدارة دولاب الخدمة ، و عدم توفر الرؤية والخطة الواضحة و لو كانت قصيرة المدي لإدارة يوم واحد ، و يجب أن نستصحب ما سبق مقروءاً مع حالة الضبابية والتغبيش التي تنتهجها الحكومة في معظم سياساتها نتيجة ركوب من يجلسون في سدتها لرأسهم ، بتعمدهم قفل آذانهم حتى لا يلومهم أحد في عدم تقبلهم للنصح الذي يرد إليهم يومياً من أهل الحكمة و الدراية بخبايا السياسة و خصوصاّ ادارة الملف الإقتصادي ، الشيئ الذي قاد الى الإنفلات السلعي و إنهيار الأسواق ، و هذا ما سيؤدى إلى زيادة معدل الجريمة و زيادة حالة السيولة الأمنية ، حيث ينشط مرتادوها من أجل البقاء على قيد الحياة لصعوبة الكسب الحلال ، و هذا هو الشيئ الذي سيؤدي إلى سقوط الحكومة حال إهمالها لأنين شعبها دون بذل أي جهد من الشعب ، و هذا ما نخشاه حال حدوثه لعدم التوافق بين مكونات الشعب هذه الأيام و خصوصاً بعد تفشي ظاهرة الإرتكاز على القبيلية و مزانق الإثنية الضيقة التي ترتفع عندها نبرة العنصريات البغيضة ، و لهذا نجد أن اليأس بدأ يدب في قلوب معظم أفراد الطبقة المسحوقة من الشعب التي تطالب بوجوب مغادرة د. حمدوك و حكومته للمشهد ، فإذا حدث ذلك هل نتوقع أن يكون هنالك تغيير ملموس في إدارة دولاب الدولة ، و هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين ملف معاش الناس بعد هذا الإنهيار المريع الذي وصلت إليه البلاد ؟ ، قطعاً لن يكون هنالك تحسن و ذلك وفق ما يقول أهل الحكمة (يدخل المرض بالباب و لكنه يخرج بخرم الأبرة) ولهذا لابد من مد حبال الصبر قليلاً لأن أي تغير يحدث تعقبه تحديات جسيمة يصعب تجاوزها ، لانها ستكون معقدة أكثر من التي سبقتها ، و هذا أمر مفرغ منه و خصوصاً أننا لن نتوقع أن يحدث توافق بيننا في من يملأ كرسي رئيس الوزراء .

وإذا قمنا بربط هذة الأحداث المتداخلة مع بعضها البعض واستعرضنا فيها سلوك النخب السياسية التي تتصدر المشهد في هذه الفترات الأخيرة ، لوجدنا أن بلادنا تمر بمنزلق عظيم نسأل الله السلامة منه لانه يقود بلادنا إلى هاوية سحيقة و بسرعة شديدة و قطعاً إذا ما إصطدم هذا الوطن بقاع هذه الهاوية و من هذا العلو سوف يتشظى و يتجزأ إلى أجسام صغيرة مكون دويلات صغيرة وكثيرة و متناحرة مع بعضها و تطمع كل واحده منهن في الأخرى و لن تهنا شعوبها بسلام بينهم و سيكون حالهم كما كان في وصف القران لأهل النار (ثم لا يموت فيها ولا يحى) ، لأن ما يسيطر على العقل الجمعي الآن هو مفهوم السيطرة و الهيمنة و الصراع و الإستحواذ على السلطة ، و خاصة بعد توقيع إتفاقية سلام جوبا التي ولدت و هي معاقة و ستموت وهي صغيرة ما لم يتم تصفية نفوسنا من الرواسب السابقة الموروثة من نظام الإنقاذ ، حيث كان أملنا فيها أن نتمكن من تعميق مفهوم الوحدة الوطنية ، مستفيدين من هذا التنوع الجميل في طيف الشعب السوداني و ليس تعويم مفهوم ذلك ، و ما زال الأخ عبد الواحد محمد نور يسعى في توسيع هذا المفهوم و خصوصاً أن منهجه الذي يسير عليه الآن لا يتوافق حسب مكونه القبلي الذي يرفض الإستحواذ والإستوزار الذي ناله إخوتنا الزغاوة نتيجة مصالحتهم لكل ما تم عرضه عليهم من حلول ، و الذي تم تقديمه لهم لانهم انتهجوا المفهوم القومي في سيرهم بالرغم من أنهم في بعض الممارسات لا يخلوا من شيئ من حتى ، وهذا هو حال كل مكونات الشعب السوداني الذي يعيش ما بين حالتي المد و الجزر في جميع أموره .

و لا يخفى على أحد من الناس كبيراً كان أو صغيراً ما يقوم بزراعته الأخ عبد العزيز الحلو من حقول ألغام في وسط حديقة الورود و كأنه يستجر ذواكرنا لتلك النكتة التي تحكى في مثل هذه المواقف حينما قام المدير في المعاينات أحد المتقدمين لشغر وظيفة ما في مؤسسته التي يديرها وكان للمتقدم واسطة قوية ، فسأله ما إسم بلد المليون شهيد وعاصمتها هي الجزائر ؟ ، حين سأل المتقدم الآخر عن تعريف أسماء المليون شهيد ، فعبد العزيز الحلو يحتفظ بنصيبه كاملاً في أرض والده دار مساليت في دارفور و ما زال يصارع من أجل الظفر بأرض والدته كاملة في بلاد النوبة الغنية ببترولها و ذهبها و أراضيها الزراعية الخصبة و ما زال يضع المتاريس في طريق السلام بسؤاله لنا الذي يحتم علينا مده بأسماء المليون شهيد ، فإذا كان لهذا الرجل نيه صادقة و حقيقة في السلام فإنه ما زال تسبطر على عقله دكتاتورية القيادة لأنه ما زال رجل ميدان يصدر أوامره وينتظر تنفيذها ، فإذا كانت حجة عبد العزيز الحلو بسحب البساط من يوم الجمعة و تقديم يوم إجازة الدولة الأربعاء لإعتقاده الخاطي بأنه يوم يخلو من القداسة العقائدية فيجب عليه أن يعلم بأنه هذا اليوم يعتبر أكثر قداسة عند السومريين ، و تزيد قداسته في أوّل أربعاء من شهر أپريل من كل عام حيث أنها ترتبط قداسته مع بعض الممارسات الغريرية .

بعد هذه التعجيزات التي يتبارى بها بعض أبناء السودان في تقديم فرضية تقسيم السودان الى دويلات أو حكومات كثيرة أو بالعدم تظل الحرب مستمرة ، حيث يظل الشعب يعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني و النفسي ، و لذلك يجب أن يعي الشعب بما يحاك له في الخفاء من أجندات عابرة للحدود . و ما زلنا في سباق و صراع مع الزمن لكي نحتفط بوحده السودان لنقطع على الجارة إثيوبيا فكرتها التي صنعتها من أجل حرب المياه والنزاع حولها .

يجب أن يعي أخوينا عبد الواحد محمد نور و عبد العزيز الحلو أن يفصلوا قضية خلافهم من حزب المؤتمر الوطني من قضية الوطن و أن يحاولو بناء علاقات متينة كتلك التي إستطاع بها جون قرن أن يعبر بها إلى قلوب كل أفراد الشعب السوداني ، فالسودان قطر واسع و جميل و متنوع و سيسعنا كلنا لأن المجتمع السوداني يعتبر مجتمعٍ سليم و متماسك ، ذو وحدة و قوّة بين جميع مكوناته ، فيا أخي الحلو لا تجعلنا و مواطني أرض النوبه أن نعتقد يوماً بأن كل نضالك ضد الإنقاذ لم يكن لأمر قومي حيث جسدت لنا ذلك بصوتك الصارخ من أجل فصل الدين عن الدولة ، فهل من أجل ذلك كانت قضيتكم ؟ ، و يا أخي عبد الواحد يجب علينا التّعاون الصادق الذي يؤدي إلى تعزيز روابط العلاقات الإجتماعيّة بين جميع مكونات الشعب تحت وحدة واحده تعترف بوحدتنا كدولة تتنوع فيها ثقافاتنا و مشارب حضاراتنا المختلفة لنعمل سوياً على نشر أواصر المحبة ، و الطّمأنينة والسّكينة بيننا إن شاء الله تعالى .

مواضيع ذات صلة

منى أبوزيد تكتب في هناك فرق – مُفارقة وطَنية..!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: الكباشى والعطا .. ورهان القحاتة !!

عزة برس

زوايا المرايا.. د.زينب السعيد تكتب: رسالة في بريد البرهان

عزة برس

بينما يمضى الوقت .. الحرب.. وحرب الاقتصاد و(الاصطناعى) القذرة.. بنك السودان نموذجا.. أمل ابوالقاسم

عزة برس

الامارات و (التنقلات) !! بقلم: أسامه عبد الماجد

عزة برس

الضوء الشارد.. عامر باشاب يكتب: حكاية صديق كنت أبغضه “مجدي مكي”  ( رنين وأنين) ) الزمن الجميل.!

عزة برس

اترك تعليق