المقالاتمقال

منى أبوزيد تكتب في هناك فرق – مُفارقة وطَنية..!

.
.
“الرجل الحكيم يغير رأيه لكن الأحمق لا يفعل أبداً”.. مثل أسباني..!

عندما ضاق الناس ذرعاً ببعض مثالب الحكم في نهايات العصر الأموي ناصر كثيرون الدعوة العباسية أملاً في حدوث التغيير. لكنهم ندموا بعد أن رأوا ازدياد الجور وتفشي الظلم، فأنشد شاعرهم أبو عطاء السندي البيت الشهير “يا ليت جور بني مروان عاد لنا وأن عدل بني العباس في النار”..!

والحقيقة أن إعادة تقييم الأحكام الشعبية على بعض القضايا السياسية في عهد لاحق – بعد وصولها إلى أعلى درجات الحكم غير القابل للنقض في عهد سابق – ظاهرة تاريخية لم يقتصر شيوعها على عالمنا العرب إسلامي..!

في فرنسا مثلاً كثرت حالات الانتحار بين الشباب بعد مرور فترة على انتصار الثورة بسبب الإحباط، لأنهم كانوا يظنون أن الإطاحة بالنظام الملكي عبر ثورة عظيمة سوف تنتهي إلى عدالة اجتماعية وسياسية، لكن الثورة الفرنسية نفسها أنجبت بعض الطغاة..!

وكذلك الحال مع ثورات الربيع العربي، والعيب بطبيعة الحال ليس في مبدأ الثورة ولا في نوايا الثائرين بل في أيقوناتها السياسية التي استبدلت أهداف اندلاعها بدفء الكراسي وبعض المناصب..!

معظم السياسيين في بلادنا يرفضون الاعتراف ببعض الحقائق التي اتضحت بعد اندلاع هذه الحرب لأن الاعتراف بها يقتضي تغيير مواقفهم واستجماع شجاعتهم للاعتراف بأنهم كانوا على خطأ، فضلاً عن فض التحالفات واستبدال القواعد..!

لكن تقلب البلاد بين الثورات والانقلابات شأن واندلاع الحروب في قلوب الأوطان وتفتيت أكباد الشعوب شأن آخر يستوجب أن يُغلِّب الناس انتماءهم للوطن على كل انتماء مهما علا شأنه..!

في أيام التفاوض التي أعقبت ثورة ديسمبر شاهدتُ مقطع فيديو للدكتور محمد جلال هاشم وهو يحدث الناس عن وجوب رفض مبدأ المناصفة في المجلس السيادي لأنه يستبطن غدر رئيسه – الفريق البرهان – ببقية العضوية من خلال التصويت لقرارات العسكر..!

واستوقفني أنه قد ضرب مثلاً بتفاوض إملاء الإرادة بين الأمريكيين واليابانيين أيام الحرب العالمية الثانية ثم بنى عليه افتراضاً مفاده أن تفاوض المدنيين مع المجلس العسكري يجب أن يكون – هو أيضاً – تفاوض إملاء إرادة لأن المجلس العسكري هو الطرف الأضعف..!

وقد كتبت مقالاً انتقدت فيه بعض ماجاء في حديث د. محمد جلال هاشم وأنكرت عليه المقارنة بين قوة موقف المدنيين في المفاوضات وقوة موقف أمريكا التي شنت قصفاً نووياً على مدينتي “هيرومشيما” و”ناجازاكي” ثم دخل الطرفان في مفاوضات، فكان تفاوض إملاء الإرادة من جانب الأمريكان منطقياً لأن الإمبراطورية اليابانية كانت – فعلياً – هي الطرف الأضعف..!

وختمت بقولي إن كان الدكتور يستطيع أن يقنع مختلف أعراق الشعب السوداني بأنه شعب إفريقي أسود – كما صاح جازماً في ختام حديثه ذاك –  فهو سينجح لا محالة في إقناع ذات الشعب بأن المجلس العسكري هو الطرف الأضعف، الذي يجب التفاوض معه على طريقة إملاء الإرادة..!

اليوم وبعد اندلاع هذه الحرب صارت مثل تلك الندوة وصار مثل ذلك المقال في حكم الشجون الصغيرة التي تتضاءل وتتوارى أمام عِظَم ما نحن فيه من كربٍ جلل وقف خلاله الدكتور محمد جلال هاشم موقفاً نبيلاً ومشرفاً من أجل هذا الوطن..!

وقد تصادف أن ذات الموقف الوطني قد وضعه في ذات الخندق مع ذات المجلس العسكري، ووضع ذات المدنيين – الذين كان يطالب بإملاء إرادتهم على ذات العسكر – في خندق المليشيا المعادية..!

الحمد لله الذي عافاه وفضله عليهم وجعل لسان حاله مثل أحد مساعدي هتلر الذي انشق عنه ولجأ إلى بريطانيا، وعندما طلبوا منه أن يساعدهم في تحديد بعض الأهداف قال قولته التي ذهبت مثلاً
“لقد انفصلتُ عن هتلر وليس عن ألمانيا”!.

munaabuzaid2@gmail.com

مواضيع ذات صلة

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: بنك السودان بين الخنق والإنفتاح

عزة برس

مصر .. قبلة التعليم الأولى للسودانيين بقلم : علي يوسف تبيدي

عزة برس

الضوء الشارد.. عامر باشاب يكتب: أي مستقبل تلفذيوني هذا ومستقبل بلادنا في ( ظلمات ) ؟!

عزة برس

عبد الماجد عبد الحميد يعلق على مسيرات التي سقطت في الساعات الأولي من صباح اليوم في منطقة النقل النهري بمدينة كوستي

عزة برس

هل نحن بخير بقلم: د. صديق مساعد

عزة برس

قلم ورصاصة. ملازم أول صهيب عزالدين يكتب: نفوق قادة المليشيا يظهر هشاشتها ومعايبها (شيريا نموذجاً)

عزة برس

اترك تعليق