مقال

الراصد.. فضل الله رابح يكتب: الأسري المدنيين… ومأزق حرب المليشيا وأدواتها_واستفسارات مشروعة حول رجل ثقة (2)

لحظات وأنني أتأمل وأبحث في ملف الأسرى المدنيين لدى الدعم السريع ترددت كثيرا الخوض في هذه الاستفسارات لما بتنا نعاني منه في مجتمعاتنا السودانية من حساسيات عديدة فتقتها حرب مليشيا الدعم السريع والتعصب القبلي الأعمي هنا وهناك فيما نطلق عليه اليوم (الفتنة القبلية) وما تحويه العبارة من تنويهات وتخوفات عديدة، ولكنني انتصرت لقناعتي دون تردد وإيماني العميق بمفهوم المواطنة والمناصحة وتوجيه الانتقادات والاستفسارات وعزمت علي كتابة هذه السطور ، وأنا أتأمل عظمة الملف الإنساني تذكرت عبارة قالها المتمرد السابق بصفوف حركة العدل والمساواة الشيخ سليمان جاموس للزميل يوسف عبد المنان أثناء مفاوضات السلام بأديس أبابا حينما تبادل جاموس السلام والبكاء الحار مع عضو وفد التفاوض الحكومي عبد الرحمن ابومدين فباغت يوسف الشيخ جاموس بسؤال: (يا عم سليمان هسي بعد تاريخك دا كله وخدمتك للمساكين بأم بدة الجابرك على الحرب دي شنو ) فرد جاموس: (والله يا يوسف أنا 13 سنة مع العدل والمساواة نسيت فيها فك بندقية الكلاش وتركيبها الذي تعلمه في الدفاع الشعبي، كل شغلي كان أن أحافظ على كرامة المواطن بمناطق الحركة ولا تنتهك إنسانيته ولا يتم التعدي عليه) وبعد سنة من هذا اللقاء ترك سليمان جاموس الحركة وعاد للخرطوم من دون تفاوض وبلا شروط…
أولي هذه الاستفسارات ما شاع مؤخرا حول الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية السابق وهو رجل كان محل ثقة تم توجيه هجوم عنيف لشخصه من جهات وشخصيات عديدة حول دعمه للمليشيا المتمردة وبما يشاع عن وجود علاقات اقتصادية بين أبناء حسبو محمد عبد الرحمن وقيادات الدعم السريع فلم ينف الرجل الاتهامات رغم خطورتها لكن البعض دافعوا عنه ممثلا في شخصه النبيل ربما من باب حسن النوايا وربما بمعلومات موثوقة بأن كل ما قيل عنه غير صحيح، غير أن تحفظ (حسبو) عن الكلام في وقت مطلوب من شخصيات مثله أن يضغط على جرحه وهو نازف وينطق بكلمة الحق ويقول بما يعصم الناس عن الفتنة ، إن صمتا حسبو محمد عبد الرحمن جعل أي اتفاق أو اختلاف معه حول تقدير موقفه مرهونا بالحساسيات الجهوية التي أثارتها الحرب وربما تصبح معيقة لأي تقدم حقيقي في النسيج الاجتماعي السوداني الذي كان يجب أن يكون رجلا مثل (حسبو) بحكم تاريخه على الأقل قدوة لمفاهيم عديدة نعرفها اليوم بالشوري والنصح والمجادلة بالتي أحسن والعفو والإصلاح فضلا عن كثير من قضايا الوطن التي تفاعل معها كل السودانيين والتي تهدف إلى صياغة مستقبل هذا البلد…
نفضت هذا الغبار وأنني على يقين بأنه من حق أي شخص أن يضع نفسه مع الرؤية التي يتوافق معها سياسيا وإن الخلافات السياسية هي حسابات مصالح لكن ليس على حساب ثوابت الدين والوطن ، كما أن الحرب التي أشعلتها قيادة الدعم السريع والنخبة المدنية من قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي واستخدمت شعارات الديمقراطية والحكم المدني وقودا لها وما تبعها من جرائم وفظائع قد تجاوزت كل المسلمات وهزت ثقة الشعب السوداني في النخب السياسية السودانية لأنها دفعت (حميدتي) و (أخوه) ودفعت بعض أبناء قبائل السودان على التخبط والطريق الخطأ..
إن حرب 15 أبريل 2023م وضعت هذه النخب وكل من يقفو خلف الحرب ودعمها ظاهرا أو مستترا أمام ضمائرها للإجابة على سؤال واحد: إلي أين تريد الذهاب بهذا الوطن…؟؟ ثم متى تدرك هذه القوى السياسية أنها بحاجة إلى مراجعة ضمائرها وذاتها، أمل أن تمنح الشهادات الواقعية للحال المعاش للسودانيين داخل وخارج السودان بسبب هذه الحرب إجابة عن هذه الأسئلة التي قد تتجاهلها النخب، ولكن يقيني أن أصحاب الضمائر الحية يمكن أن يتغلبوا بشجاعة علي طموحاتهم ويقطعون الطريق أمام الفتنة التي توسعت وبسبب الحرب التي ما يزال يشوبها الغموض والخداع خاصة فيما يلي القضايا السياسية المطروحة وما يمكن أن ينتج منها من تقدم، هذه الحرب خلطت كل الأوراق وبات اللاعب رقم صفر هو الفاعل الرئيسي والمحرك لكل عناصر اللعب عبر المجتمع الدولي والإقليمي وبعض دول المحاور…
من حق حميدتي وعبدالرحيم دقلو إن يتمردا وإن يكونوا علي تباينا مع السلطة السياسية ويتحملون نتائج فعلهم ولكن ليس مشروعا ولا معقولا إن نقل قبيلة عظيمة مثل الرزيقات تمردت ومارست كل هذه الفظائع بحق السودانيين، ويتحتم علي العقلاء التبروء من جرائم مرتزقة تشاد وجنوب السودان وافريقيا الوسطي المرتكبة ضد الشعب السوداني والابادة الجماعية بحق القبائل الاخري في اقليم دارفور لانها جرائم سيوثقها التاريخ لكل الاجيال القادم وستظل موجودة في متحف الحروب السودانية، فمن حق برشم ان يتمرد ولكن ليس معقولا أن تصمت قيادات ورموز قبيلة عظيمة مثل المسيرية بكل بطونهم، قبيلة قدمت (11) الف شهيد من اجل وحدة السودان ان يصمتون علي جرائم المتمردين وهلاك شبابهم أنني اعلم ان معظم قياداتهم ضد الحرب ولكن عدم مقاطعتهم التامة لخط التمرد ومقاومة مشروعهم التدميري فهذا موقف يتطلب توضيحات من شخصيات بارزة مثل الناظر المثقف الصادق الحريكة عز الدين، والشيخ عمر سليمان وآخرين من زعماء المسيرية عليهم ان يسيرون علي خط الرجل الشجاع احمد الصالح صلوحة ..
إن حالة مسئول العمل الإنساني السابق حسبو محمد عبد الرحمن وصمته فتحت الباب علي مصراعيه لمزيد من التأويلات فيما يتعلق بمشروع حكم العطاوة واصبح يفرض علي البعض تصديق ان الصامتين من رموز وقيادات هذه القبائل هم اصدقاء المتمردين في الخفاء، تاريخيا فقد تمرد داؤود يحيي بولاد بسبب (شيك مصرفي راجع) وإدعي أنه مهمش لكننا لم نعرف له قبيلة حتي الان لانه لم يستنصر بقبيلته، ثم تمرد خليل ابراهيم وجبريل ابراهيم ومني اركو مناوي وعبد الواحد محمد نور ولكن لا احد يجروء ان يتهم قبائل الزغاوة والفور بالتمرد، أما اذا تحدث بعضهم عن ظلامات شخصية دفعته لهذا السلوك فإنني أقول ليس هناك شخص من أبناء العطاوة ظلم وتعرض لضغوط واستهداف شخصي مثلما تعرض الدكتور الدرديري محمد احمد داخل وزارة الخارجية إذ إنه مكث بها أكثر من ثماني سنوات في وظيفة وزير مفوض ولم يتم ترقيته مع أن دفعته يترقون وهو متقدم عليهم مهنيا وتميزا حتى خرج مستقيل من الوزارة لكنه لم يتمرد ولم يتحامل على وطنه وشعبه حتي تم انصافه وأعيد إليها وزير فقد ظل وفيا لفكرته ومخلصا لبلاده شامخا كالجبل لا تهزه الرياح…
نواصل المقال القادم إن شاء الله عن شخصيات وقبائل ينتمي إليها المتمردون وهم ضد التمرد لكنهم لم يدينوا الجرائم التي ارتكبها المليشيا وحلفاؤها فيتحملون معهم المسئولية التاريخية…

مواضيع ذات صلة

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: غباء (قحت).. (الكيزان و فرز الكيمان)

عزة برس

وھج الكلم .. د حسن التجاني يكتب:( الحياة بقت مسيخة)….!!

عزة برس

رسالة من عبدالحميد كاشا في بريد هؤلاء

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: بين جيشين فى كسلا وبورتسودان

عزة برس

عمار العركي يكتب: مقاومة والي القضارف لمقاومة ولايته الشعبية

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: المسكيت: أرى أشجارا تسير ..!!

عزة برس

اترك تعليق