المقالات

كسلا الوريفة ، كلمات الوفاء وأنا على بوابات الخروج بقلم: محمد يوسف محمد

كثيرا ما تغنينا وانشدنا أعذب الألحان الكسلاوية التي ساهمت في تشكيل الوجدان السوداني وذوقه الأدبي و الفني، تلك الأغنيات الخالدة التي جادت بها عبقرية شعراء كسلا من أمثال ابو أمنه، هلاوي، الحلنقي وغيرهم، وأصواتاً عذبة طروبة كابراهيم حسين وآخرون جملوا
فضاءات الأغنية السودانية بدرر و معاني متفردة.
كغيري من السودانيين أحببت المدينة قبل رؤيتها من خلال تلك القيم ومن خلال زميلات وزملاء رافقناهم في جامعة الخرطوم وكنا نتابع نشاطهم الثقافي والفني والأدبي عن قرب، ثم دارت الايام ودارت لتضعني في قلب كسلا نازخاً جاءت به الحرب باحثا عن الأمان في أرض الجمال وفي ذاكرتي مقولة ماثورة أن (ادروب ولوف) ذلك الولف الذي يجسد طيبة هذا الإنسان وطهره من دنس الايام وعبثها، سمحت ليه الشهور التي قضيتها برفقة أسرتي الصغيرة في كسلا بأن اتعرف على المدينة بمبانيها ومعانيها كلها، فقد ساقتني الظروف للعمل في نشاط تجاري صغير طفت من خلاله كل المدينة، كلها تماما فقد قسمت المدينة وبداتها من شرق القاش وطفت الأحياء كلها(الميرغنية، السوريبة، العامرية، الشهيد،، الختمية القديمة حيث اسكن، الشعبية، الدرجة، المربعات، مكرام ،غصب إلى مشارف ود شرفي، ثم الحلنقة شمالا ووسطا حتى قندهار للطريق المؤدية للكبري الجديد)، وغرب القاش من حي العمال، العرب، السواقي جنوبية حتى السبيل والشمالية، الشعبي، مستوره، وغيرها)، مررت بكل الأسواق بما فيها سوق الأكشاك وسوق الحيارى، غرب القاش العتيق وسوق مستورة.
مشيت في كل الدروب بحب استطلاع شديد متجاهلا المسافات وتقلبات السوق، مشيت فيها وانا انظر للناس بعيون فاحصة واضع خطواتي على أرضها بخطى باحثة فمشيت والتقيت الناس من هرم المدينة إلى قاعها، باشرت الناس البسطاء، وتعرفت على إصالتهم وطيبة معدنهم، فالإنسان البسيط في أطراف المدينة طيب وودود وعطوف كانوا حين يعرفون أنني قادم من الحرب يشعرونني بعاطفتهم ويجبرون الخواطر بطيبة تخصهم هم فقط وكثيرا ما جلست إلى شيوخهم هناك بالقرب من جبل مكرام أو في نهايات شارع الختمية القديمة الذي يمر بمعالم الباب واضرحة السادة الختمية وجلست إليهم وهم يقلبون حبان البن على جمر بالكاد يكفي لتحميصه ثم يكملون مراسم وطقوس القهوة ودارت بيننا أحاديث القلب للقلب.
رجال وقامات شرفت بالتعرف عليهم وعائلات عريقة جمعتني بهم هذه الظروف جميعهم شكلوا زكريات عزيزة وباقية، اذكر منهم العمدة الراقي مرتضى ٓآصف، الصديق محجوب الأنصاري، رضوان، إبراهيم، وآخرين كُثر، وبالطبع رفقة العظماء خالد و المنشاوي وعائلاتهم.و
كسلا مدينة اجتماعية تضم العديد من القبائل و الاثنيات التي إستطاعت تشكيل ثقافة وسطية يتعايشون عليها جميعا في تواصل وانسجام ملحوظ في كثير من الجوانب.
المدينة بها العديد من المطاعم و المقاهي الراقية، وبها حدائق ومتنزهات صديقة للعائلات و الأفراد، ضفاف القاش،، البستان، الضفاف، توتيل ، الطريفي، سامي للأسماك وغيرها.
كسلا بكل هذا الجمال الإنساني الوفير تعاني إهمالا في البنيات التحتية و المشروعات العامة الخدمية، فالمدينة أيضا عاشت تاريخيا أحداثا سياسية وأمنية غايه في الحساسية وظلت تعيش في حذر شبه دائم.

لكسلا وأهلها السلام والحب والدعوات بالأمان، وانا على بوابات الخروج مغادرا هذه المدينة وأحمد الله أن أصبحت لي علاقات إجتماعية رفيعة باصدقاء ورفاق اصفياء أنقياء يوزنون بالذهب.

مواضيع ذات صلة

من بعد نفحات الشيخ الزين أديس أبابا تستقبل السفير الزين بقلم: حالي يحيي – أديس أبابا

عزة برس

كل الحقيقة عابد سيد أحمد يكتب: افعلها يابرهان !

عزة برس

د عبدالباقي الشيخ الفادني يكتب: الإمارات و إستخدام الدوبلير

عزة برس

هناك فرق.. منى ابو زيد تكتب: “الخُلعة الصاح”..!

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران.. استعمار (الفيتو) و (حامل القلم) !!

عزة برس

شكرا” السفير ليندا توماس…ولكن بقلم: عمر عصام

عزة برس

اترك تعليق