المقالات

دولة القانون.. عبدالعظيم حسن المحامي يكتب :رمزية الاعتصام

التشريعات في بريطانيا لا يصدرها البرلمان وإنما من الأعراف التي تتلمّسها المحاكم من سلوك المواطنين ومعاملاتهم. بالتجربة القوانين تستقر بصدورها مألوفة وموضوعية، أي نابعه عن ضمير ووجدان الأمة فتتقبلها طائعةً وتنفذها مستسلمةً. القانون مطلوب فيه أن يُبرز حركة العموم، والشاذ لا حكم له. الاختطاف، السرقة والتحايل على القانون علناً أو خفية مصيرها السقوط لكونها تحفز وتغري ردود أفعال قد تصدر عن الضحايا أو محتالين متمرسين يتذرعوا بواقعة خرق القانون بغية الإجهاز على المنافس.
اللجنة الأمنية للنظام البائد، من الوهلة الأولى تمترست تحت المجلس العسكري مدركة أن القوى المدنية ستنهار لتألفها من كيانات تفتقر للبرنامج الجاهزة علاوة على عزلتها لنفسها جماهيرياً. حتى تجمع المهنيين السودانيين، وإن بدأ ملتئماً إلا أنه في جوهره ليس بأقل عطباً من الوليد (مركزية قوى إعلان الحرية والتغيير) فكان الجامع فيهما التشاكس وإغفال صناع الثورة الحقيقيين. الاستهلال الخاطىء كشف العورة، فكان من المنطقي أن يفضي لبدايات متهورة. قانوناً، المباشر والمتسبب مسؤولان عن المصائب المترتبة عن تصرفاتهما. للأسف وبدلاً عن سرعة الرجوع والإقرار بالخطأ تماديا وأصرا، فتصاعدت وتيرة الردة والارتماء في حضن المتأهب للانقضاض.
نفس الزول الذي نفذ معركة الجمل، وفض اعتصام الثورة المصرية، هو نفس الزول الذي فض اعتصام الثورة السودانية. أعداء الثورة لم يغيبوا عن المشهد، وها هم سرعان ما استفادوا من قلة التجربة، تنازع القيادات واستكانتها لغنائم السلطة والثروة. كثير من المدنيين لا يدركون عمق تنظيم مليشات الفلول وتراتبية قياداتهم وامتلاكهم مهارات بث الإحباط ومسلسلات الإدارة بالأزمات. المصطلح ببساطة يعني إغراق وإشغال الثوار في أزمات متعددة الجبهات بحيث قبل أن يفيقوا من مصيبة يدخلوا في أكبر منها.
الكنداكات والثوار الحقيقيون مؤمنين بألا منجأ ولا ملجأ إلا في اعتصامهم بثورتهم وعدالة قضيتهم. من الحرام والجرم العظيم أن يظل الثوار لوحدهم ضحية الفشل التراكمي. بلوغ غايات الحرية، السلام والعدالة في الإقرار بالخطأ والإيمان بالوحدة كضرورة لضمان سلامة العودة لمنصة الانطلاق. مشروع الدولة السودانية الموحدة كفيل بتوفير برنامج الحد الأدنى العاصم من دعاوى العصبية والحزبية. المشروع الوطني يظل الضمانة والترياق الشافي من مزمنات الانتقال المتمثلة في المزايدة، الإقصاء، المحاباة والمجاملة.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
25 أبريل 2021

مواضيع ذات صلة

الضوء الشارد.. عامر باشاب يكتب: حكاية صديق كنت أبغضه “مجدي مكي”  ( رنين وأنين) ) الزمن الجميل.!

عزة برس

هناك فرق.. منى أبوزيد تكتب: ليست من فراغ..!

عزة برس

يتأثر بنتائجها السودان ولها ما بعدها :. بداية الإقتراع للإنتخابات الرئاسية في تشاد

عزة برس

على شاشة الحدث …تصريح لا يخلو من خُبث بقلم: عمر عصام

عزة برس

هناك فرق.. منى أبوزيد تكتب: ليست من فراغ..! “حين يتكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي تكلم”.. إميل دوركايم..!

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: نهر النيل زمن الحرب مسيرات المع والضد

عزة برس