أسوأ القرارات التي تصدر عن أجهزة الدولة تلك التي تتعارض صراحة مع النصوص التشريعية على مستوى الدستور والقانون. عدم احترام الأجهزة الحكومية للقانون لا يكشف عن سقوط أخلاقي وحسب، وإنما يبعث رسائل إحباط سالبة للمواطن فيتجاوز القانون ابتداء من نظام السير في الطرقات انتهاء باستحلال الأنفس والأموال فتعم الفوضى.
بالأمس، أصدرت لجنة إزالة التمكين قراراً بتشكيل لجنة تسيير للمفوضية القومية لحقوق الإنسان. ذات المفوضية سبق وأن حلتها لجنة إزالة التميكن فلم يبق ما يستوجب تفكيكها أو تسييرها وإنما تعيين مفوضية جديدة استيفاءً لمتطلبات الوثيقة الدستورية التي تمنح سلطة تعيينها لمجلس الوزراء وليس لجنة إزالة التمكين.
استباق لجنة إزالة التمكين وتشكيلها للجنة تسيير للمفوضية القومية لحقوق الإنسان لا ينطوي على مخالفة للوثيقة الدستورية وحسب، وإنما مخالفة صريحة لقانون إنشاء المفوضية القومية لحقوق الإنسان. طبقاً لقانون هذه المفوضية فإنها يجب أن تكون من كفاءات مستقلة عددهم خمسة عشر عضواً. قانون المفوضية الساري يشترط في رئيسها أو نائبه أن تكون إمرأة. قرار لجنة إزالة التمكين لم يخالف قواعد إنشاء المفوضية في منصب الرئيس والنائب وإنما امتدت المخالفة لتطال المساس بمبدأ عدم الانتماء الحزبي.
ممارسة لجنة إزالة التمكين لما هو خارج عن سلطانها جعلها تسقط في براثن الحزبية الضيقة، فكونت لجنة تسيير مخالفة للقانون والدستور وضمت لعضويتها قيادات حزبية معروفة. الأدهى والأمر أن بعض الأعضاء الذين تم تعيينهم بلجنة تسيير المفوضية القومية لحقوق الإنسان يجمعون بين أكثر من عضوية لجنة اختارتها ذات لجنة إزالة التمكين. الوضع لا يحرج قوى الثورة فحسب، وإنما يضع لجنة إزالة التمكين تحت المساءلة عن احتكارية ومارسة سلطة غير مستحقة وإقصاء صريح من المشاركة في اتخاذ القرارات وتنفيذها. هذه التصرفات تزيد من فرص عدم احترام لجنة إزالة التمكين بخلقها حالة عارمة من الفوضى في الصلاحيات والسلطات فتجر الثورة لمتوالايات المخالفات الصريحة للدستور والقانون.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
16 مارس 2021
