تقرير

مشروع القرن قطرات الماء على الرمل…   تنفيذ أكبر مشروع مياه في السودان بحفر 10 آبار جوفية عميقة

الخرطوم _ عزة برس
 
يمثل الماء عصب و عظم و لحم الحياة الانسانية والنباتية و الحيوانية .. و أرض السودان بقدر خصها رب العباد بوفرة الماء في المسطحات المائية و الأنهار و الأودية الموسمية، وأمطار الخريف التي تغمر مياهيها مساحات واسعة من الأرض.
السودان بلد يموت فيه الانسان وينفق الحيوان و تجرف المياه النبات في فصل الخريف ويموت الإنسان في آخر من العام (الصيف) بسبب شح الماء في بعض اجزائه الغنية و مثلت مشكلة نقص المياه في كردفان و دارفور معضلة كبيرة حالت دون الاستفادة من الثروات و الأرض البكر.

و في سبعينات القرن الماضي امدت مشروعات صندوق النقد الدولي و السوق الأوروبية المشتركة وحكومة السودان ممثلة في وزارة الري والهيئة القومية لمياه الريف بما بعرف جغرافيا بمثلث العطش في بادية كردفان الشمالية وتحتفظ أجيال السبعينيات والستينيات بصورة لنائب برلماني من دائرة بارا غرب الشيخ الراحل/ مشاور جمعة سهل وهو يدخل البرلمان حاملاً (جركانة ماء) ولم تنهض إدارة السلطة حين ذاك بعلاج المشكلة ولكن ……. عبقرية (الساخرين) بوصف النائب البرلماني بنائب العُطاشة.
نفذت حكومة مايو 1969 – 1985 مشروعاً لمحاربة العطش بحفر أربعون محطة مياه في كردفان ومثلها في دارفور ساهمت تلك المحطات في درء آثار العطش وتحقيق قدر من الإستقرار لمناطق إنتاج الصمغ العربي وحضانة الضأن والإبل والماعز كأعز ما يملك السودان قبل النفط.

عودة الأمل:

بتمويل من بنك التنمية الأفريقي ( ١١ مليون بورو) وإرادة وطنية وخبرات سودانية عادت حكومة السودان مرة أخرى في الأعوام الماضية لقهر العطش من خلال مشروع (الخط الناقل لمياه غرب كردفان) بتوفير الماء للإنسان والحيوان والنبات في منطقة (دار حمر) شمال غرب كردفان وهي منطقة تعد من أفقر مناطق المياه جوفياً ولكنها في ذات الوقت الأغنى بالثروة الحيوانية التي تضاهي البترول والماس الغابي (الصمغ العربي) وإذ كان ذلك الحزام الغني بالموارد والفقير بالخدمات كالماء والطرق فإن مشروع (القرن) الذي إكتمل الآن يثمل بارقة أمل لعودة نزوح الآف من الأهالي لتلك الديار.
يمتد مشروع الأمل لسقي العطشى وعودة الحياة لمسافة 70 كيلومتر شمالاً من النهود العاصمة الثانية لإقليم (كردفان) بعد الأبيض حتى منطقة عيال بخيت وهي منطقة غنية بالثروات لولا هجرة المواطنين هروباً من الظمأ جفت أرضها ونفقت ماشيتها وضربت كثبان الرمل شجيرات الهشاب فقضت على بعضها وبات شيخ الموت مخيماً على من يتوغل في نجوع تلك الأراضي.

حوض النهود:

بدأت وزارة الري في دراسة التربة وخيارات توفير المياه وكان حوض النهود الجوفي هو الملاذ الأخير لري تلك الأراضي الواسعة نظراً لوفرة الإحتياطي المائي الجوفي المتجدد من تغذية مياه الأمطار الموسمية وبدأ المشروع بحفر 10 آبار جوفية بأعماق مختلفة (من 130 إلى 146 متر) بواسطة شركة سودانية من القطاع الخاص (ويلز) وتجتمع المياه في حوض خرساني ضخم (بسعة 3100 متر مكعب) من ثم ضخها بواسطة طلمبات طاردة عبر خطوط ناقلة إلى مسافة 70 كيلومتر من منطقة أم البدري شمال شرقي مدينة النهود إلى عيال بخيت في أقصى الشمال وتتفرع من الخط الرئيسي بواسطة خطوط فرعية بطول 17 كيلومتر ثلاث عشر محطة مياه على طول الخط الشمالي. وخط مياه آخر من جبل حيدوب إلى كنجارة بطول 70 كيلومتر بما يعرف بالخط الغربي. تم التنفيذ بأحدث ما وصلت اليه تقانة مشاريع المياه علي مستوي العالم فقد استخدمت التقنية الرقمية ( نظام الاسكادة ) في التشغيل و الطاقة الشمسية والكهرباء العامة ومحطات توليد كهربائية ( مولدات مختلفة السعات) و طلمبات مياه غاطسة و طاردة اوربية الصنع كما تم تشيد محطات تستقبل المياه في تلك القري صممت بأحدث المواصفات لخدمة الانسان و الحيوان.

شراكة وعطاء:

تم تكوين إدارة تنفيذية وتنسيقية في ذات الوقت (مشروع تأهيل وتنمية القدرات المؤسسية) برئاسة وحدة مياه الشرب والصرف الصحي وإدارة تنفيذية بولاية غرب كردفان تقوم بتنفيذ والإشراف على محاور المشروع ومكوناته وبعد أربع سنوات من الكد والمثابرة و عطاء الكفاءات السودانية التي احتملت اقصى الظروف المناخية و غالبت الشركة المنفذة الصعوبات المالية و ما تعرض له العالم من نكبات (وباء الكرونا). جرت المياه الان في شرايين الحياة و جسد المشروع زغردت النسوة فرحا بانقشاع حقبة العطش و مثل حوض النهود الجوفي سر نجاح المشروع و يتغذى الحوض من مياه الموسمية المتجددة مما يضمن استمراريته وقد اختيرت منطقة ام البدري للاستخراج المياه باعتبارها الخيار الاقرب و الاقل تكلفة لمسامية الارض و موقعها الجغرافي باعتباره الاغني بالماء وفقا لدراسات شركة نيوتك السودانية كاستشاري لهذه المشروع.
و قد طرحت عطاءات المشروعات علي الشركات الوطنية و العالمية (الأجنبية) و فازت بالعطاء شركة ويلز للاستثمار والخدمات السودانية لما تملكه من كفاءات وقدرات ولم يخيب الظن و الرجاء في الشركة التي استطاعت تنفيذ اكبر مشروع مياه في السودان بحفر 10 ابار جوفية عميقة خمسة منها بجبل حيدوب و خمسة بمنطقة  ام البدري و الابار العشرة تصب في حوض خرساني ضخم بسعة (3100 متر مكعب) لكل حوض  من ثمة بواسطة مضخات طاردة تتدفق المياه عبر انابيب تشق كثبان الرمال من اجل الانسان و الحيوان و الارض و النبات لإعادة الحياة و الامل لتك البقاع. و المشروع يمثل نموذجا يمكن الاستفادة منه في مناطق اخري من السودان الذي تعاني بعض أطرافه من مشكلات تقارب ما ظلت تعاني منه منطقة كردفان الشمالية الا ان مشروع القرن يمثل البداية للقضاء علي العطش و اعادة اعمار الارض و بث الحياة في الرمال و الاودية و تعمير القري التي هجرها انسانها.
 

مواضيع ذات صلة

رجال حول البرهان فى المرحلة القادمة..!! الحكومة الجديدة.. مشهد جديد يتشكل فى بورتسودان. هل يتقدم الجنرال ميرغني ادريس لموقع جديد؟!!. تفاصيل توصيات لجنة عقار لتقليص ودمج الوزارات.. خطة محكمة لإنقاذ الاقتصاد ومجابهة متطلبات فترة ما بعد الحرب

عزة برس

دعوات لاستعجال تشكيلها بمهام محددة وعاجلة حكومة حرب…هل يستجيب البرهان؟!

عزة برس

الطيران الحربي الجديد .. قطع “شرائين” مليشيا آل (دقلو)

عزة برس

البرهان يتفقد اللواء ٤٣ أروما، ولقاء خاص مع ترك في معقل النظارة وزيارة خاطفة لأرض القرآن

عزة برس

تقرير خطير.. مليشيا الدعم السريع المتمردة تطلق سراح أخطر قيادات التنظيمات الإرهابية في الإقليم

عزة برس

جهاز المخابرات.. السيف الحاسم في معركة الكرامة

عزة برس

اترك تعليق