المقالات

همس الحروف.. دولة ضد رجل .. 4/3 بقلم : الباقر عبد القيوم علي

 

الحلقة الثالثة

لقد توقفنا في الحلقة السابقة عندما شرع نافذون في حكومة الإنقاذ و بمساعدة مدير جهاز الأمن بولاية الخرطوم و آخرون بتسهيل مهمة تهريب الأستاذ محمود محفوظ إلى الولايات المتحدة الأمريكية عبر القاهرة بعد أن عجز مدير هذا الجهاز بولاية الخرطوم بإرغام هذا الأستاذ الجليل عن التنازل عن مجموعة مدارسه الخاصة التي شكلت خبطة نجاح غير مسبوقة علي المستويين الرأسي و الأفقي في نهج التعليم النوعي في السودان الذي كان ملموساً ، حيث إعترفت بذلك وزارة التربية و التعليم على لسان وكيلها المرحوم د . معتصم عبد الرحيم الذي حاول نقل هذه التجربة الفريدة إلى المدارس الحكومية بالإستفادة من علم هذا الأستاذ لكي يؤسس لهذا العمل الجبار ، إلا أن صناع الشر قاموا بقطع الطريق عليه بتلفيق تهمة الإغتصاب لمجموعة من الأطفال و ألصقوها على هذا الرجل من أجل تشكيل رأي عام ضده بإغتيال شخصيته قبل أن تسلب منه حقوقه و حتى لا يجد من يناصره لقبح الإتهام المنسوب إليه ، و لقد سردنا ذلك في الحلقات السابقة ، فتشكلت له المحاكم بدون أن يكون هنالك مبلغ أو متضرر من أولياء أمور هؤلاء الأطفال المفترى بإسمهم ، حيث كان المبلغ في هذا البلاغ هو وكيل النيابة الأعلى أنذاك و ذلك (بالحسبة) ، و الأغرب في الأمر أن هذه المحاكم توقفت عن الإستمرار في هذه القضية بعد أن تم تهريب الرجل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، و هذا ما يفتح لنا باب السؤال ، هل على حسب الأعراف السائدة و المتبعة في المحاكم تنتهي القضايا بغياب المتهمين عن الجلسات .. أم تستمر حتى تخرج بأحكام غيابية يتم بوجبها تجربم المتهم أو إظهار براءته ، و هذا ما يؤكد لنا خبث النوايا و يوضح لنا أن المقصود بالأمر كله كان هو إبعاد الرجل حتي تتمكن محاور الشر من الإنقضاض على تركة مدارسه

لقد سجل التأريخ في تلك الحقبة أن هنالك رجل بارع و ذو أفق واسع و إمكانيات مهنية عالية و يحمل علم غزير و عزيمة قوية و صدق و إيمان بالقضية التعليمية التي من أجلها أنشأ مدارسه و التي أطلق عليها إسم الفاروق فكان منها إن أسعفتني ذاكرتي :

1. مدرسة الفاروق الكدرو.
2. مدرسة الفاروق الحلفاية – الحي الأول.
3. مدرسة الفاروق شمبات الغربية – غرب الكبانية
4. مدرسة الفاروق شمبات الشرقية – غرب جامع الشيخ البشير
5، مجمع مدارس الفاروق الصافية و يضم ثلاثة أفرع
6. مدرسة الفاروق المهندسين – نفس الموقع الحالي حيث لم يتغيير الإسم بعد التعدي عليها
7. مدرسة الخرطوم – شارع 1 العمارات .

و حيث كانت هذه الأخيرة هي مربط الفرس لجودة تأسيسها و حداثة وسائلها و لأنها أول مدرسة خاصة كان يمتلكها فرد و ليس مؤسسة بمحلية الخرطوم ، و لهذا إتجهت إليها أعين ذئاب الإنقاذ لرمزيتها و لأهمية الإستثمار في مجال التعليم في هذه المحلية ، و كان من الممكن أن يحصلوا على تراخيص مدارس خاصة لطالما أن هنالك سابقة تمثلت في أستاذ محمود ، و لكن لعلمهم المسبق أن المدارس ليست برخص أو مباني و أنما هي عبارة عن سمعة و شهرة ، فهنالك الآن الكثيرين من الذين يحملون رخص مدارس و ليس لهم أي شهرة و كما ليس لديهم طلاب بهذه المدارس، و أيضاً هنالك من لهم مباني و رخص و لكن ليس لديهم من الشهرة ما يجعلها مدارس مقنعة لأولياء الأمور .

على قول المثل الشعبي : (إذا وقع الثور كثرث سكاكينه) .. أي كثرت سكاكين الطامعين في لحمه و هكذا كثر الأشرار و أصحاب الغرض حول تركة الأستاذ محمود محفوظ بعدما تم تهريبه إلى خارج الحدود .

فبعد أن توقفت تماماُ تمثيلية محكمة النظام العام ، و التي كانت غريبة الأطوار حيث لا تمت إلى أبسط معايير تحقيق العدالة في شيء ، فلم تنعقد لها جلسة واحدة بعد أن تم تهريب الرجل ، و كأن الأمر كان المقصود منه توفير الأسباب الكافيه بتغيبه من أجل التغول على حقوقه بدم بارد ، فكان الأمر عبارة عن نار تم إخمادها بحفنة من ماء آسن ، و تبع ذلك إنتقال جل حيثيات تلك المحكمة إلى محاكم الظل الظالمة بوزارة التربية و التعليم و برئاسة القاضي المدعو محمد الشيخ مدني وزير التربية و التعليم أنذاك ، و الذي أتى بعد الوزير حسن عثمان رزق مانح التصديق لهذا الرجل، حيث شكل الوزير الأخير أقذر محاور الشر لإغتيال العدالة في حضرة التربية و التعليم بأحد ميادين الظلم التي كان يديرها و معه مجموعة من الفاسدين ، حيث سعى و بصورة كانت واضحة كوضوح الشمس في إرتكاب أبشع أنواع الظلم الأسود بصورة أحرجت العدالة في السودان ، و فتح بذلك أوسع أبواب الفساد ، حيث نصّب هذا الوزير (مدني) من نفسه الجلاد و الحكم في آن واحد ، حيث أراد بهذا السلوك الذي لا يمت للفطرة البشرية السوية بصلة ، و الذي أسس بموجبه لمبدأ و سابقة هي الأغرب في تارخ هذه الوزارة ليستند عليها من أجل أن يؤسس لنفسه إستثماراً بهكذا صورة فيما بعد ، بعيداً عن مواعين الكسب الحلال عن طريق اللجان ليمنع بذلك ملاحقتة بالقانون في المستقبل ، و دائماً مثل هذه الجرائم تتم تحت غطاء مظلات تسمي باللجان ، و يعلم القاصي و الداني بفساد تلك الجان التي أدارت مثل هذه العمليات السوداء و التي تعتبر هي الأقذر على الإطلاق في مباني هذه الوزارة و التي تتنافى مع جميع القوانين و الأعراف التي كانت تسير بها الدولة ، و كما قيل من أمن العقاب أساء الأدب ، و سوف نتعرض لتلك الممارسات التي إرتكبها هذا الوزير في عدة حلقات مفصلة و منفصلة عن هذا الموضوع و منها القصة التي تدور أحداثها حول الطرق التي آلت بها ملكية مدارس العالمية العليا للأساس و تم ذلك بفهم عالي و ذكاء مصطنع لنفسه عبر شريك كعطاء من لا يملك إلى من لا يستحق ، و التي تم طبخها بليل بهيم وتحت غطاء تلك اللجان سالفة الذكر .. إلا أن الرأي العام في ذلك الوقت كان يحصار هذا الوزير الذي وقف في وجهه أعظم الصحفيين و كتاب الرأي و على رأسهم الأستاذ عثمان ميرغني بعموده المشهور (حديث المدينة) حيث كتب مقالاً ضافياً بعنوان (مدارس الفاروق بأي ذنبٍ قُفِلت) بصحيفة “ألوان” الصادرة بتايخ 17 مارس 1997 م ، ولقد أتي رد الوزير على هذا المقال مطمئناً لأولياء الأمور بأن مدارس الفاروق كانت مدارس خاصة و مملوكة لشخص الأستاذ محمود ، و كان ذلك بإسمه الخاص و لقد تم التصديق له لقيام هذه المدارس .. و أضاف أن التصديق لقيام اي مدرسة له شروط وضوابط ، و أي إخلال بجزء من هذه الشروط قد يؤدي لإجراءات مختلفة حسب الحالة و ما تقتضيه الظروف ، و ما يحيط بها من ملابسات ، و يقول : و لأكثر من سبب رأت الوزارة أن تسحب التصديق من هذا الرجل و نكرت إسمه و أشار له بمصطلح (فرد) ، على ان لا تتأثر مدارسه بسحب هذه التراخيص ، و لهذا السبب إرتبط قرار سحب الرخصة بتعيين إدارة مؤقتة للمدارس و و التي تم إختيارها من قيادات التعليم .. إنتهي كلام محمد الشيخ مدني و كأنه كان يفصل القانون على حسب مزاجه و هواه .

فمن الغريب أن الوزارة قد قامت بسحب الترخيص من صاحب هذه المدارس إستباقاً لقرار أي محكمة و هذا ما يتنافي و ميزان العدالة ، فكيف لوزير أن يبني هذا الحكم الجائر على الرجل بدون دليل قاطع معتمداً على الأقاويل و كأنه يردد ما تحمله أغنية الراحل المقيم حمد الريح التي تقول (شالوا الكلام و جابوا الكلام زادوه حبة وجابهوا ليك) . حيث يأتي ذلك مطايقاً لوعد سابق قطعته الأستاذة مريم حسن عمر مديرة رياض الأطفال بالوزارة أنذاك .

و بهكذا صورة ضاعت القيم العدلية في السودان و التي تتحقق بها إنسانية الإنسان مما جلب ذلك السخط العام علي نظام الإنقاذ برمته ، و حيث يشكل العدل عند أي أمة القاعدة المتينة للنهوض ، ويشمل ذلك جميع جوانب حياة الفرد و لا يقتصر على جانب دون الآخر ، و بدونه تضيع الحياة و لا يمكن أن ينعم المجتمع بالأمن و الاستقرار لوجود شبهة لضياع حقوقه على حسب أمزجة الظالمين و هواهم من القائمين على الأمر و لو بنسبة ضئيلة ، و بفقدانه لا يمكن أن تتعمق المبادئ الأخلاقية التي تُبنى بها الشخصيات السوية ، و لهذا يجب علينا جميعاً أن نقف ضد كل الذين هدموا أشرعة العدل و لا نعتبر أنهم يمثلون الشرعية إطلاقا و لو كان ذلك باستخدام إسم القانون و مهما كانت قوتهم التي فرضت هذا الظلم علينا ، و ذلك لأن العدل هو الأساس الذي يمنح للمواطنين الرغبة الشديدة في قبول حق سلطة القانون عليهم ، وحتما بغيابه يحل الجور والعدوان ، فكيف يكون الظالم و الخصم هو الحكم و الجلاد !!! .

تابعونا في الحلقة القادمة التي سوف تكشف الكثير عن الفساد و الفاسدين حول هذه القضية .

مواضيع ذات صلة

يا مافي السجن مظاليم بقلم: عميد شرطة فتح الرحمن محمد التوم- الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة

عزة برس

كلام سياسة.. الصافي سالم أحمد يكتب: وزير الخارجية : ملفات في الانتظار

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: يا نجوى كلنا فى الحكمة شرق

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: إعدام وزير ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: من يستحى لهولاء من؟

عزة برس

هناك فرق – منى أبو زيد تكتب: من يجرؤ على الكلام..!

عزة برس

اترك تعليق