المقالات

الراصد.. فضل الله رابح يكتب : إستقالة حمدوك .. بداية عام ونهاية حقبة ..!!

 

من كان يعلق آماله وطموحاته وعجزه في الدكتور ـ عبدالله حمدوك ويتخذه درقة فإنه قد إستقال بشجاعة ورهبة جسدتها ملامح وجهه المضطربة وكانت ظاهرة لكل من تابعه وهو يتلو بيان الوداع .. وكذلك من كانت شماعته عبدالله حمدوك فإن حقبة حمدوك بكل سوءاتها وجراحاتها قد إنتهت بإستقالته وأصبحت حكايات وروايات يدونها التأريخ السياسي السوداني الحديث .. علينا كسودانيين جميعا أن نفكر لما بعد الفترة ( الحمدوكية ) فهي مرحلة ستمر وتعبر مثلها ومثل كل فترات الذين سبقوه في رئاسة الدولة السودانية ما بعد الإستقلال .. آمل أن نتجاوز حالة الإنتظار الطويل الذي تجاوزته الشعوب والأمم المعاصرة التي لم تعد تتوقف عند محطات الأشخاص والحقب وإنما تتخذها دروس وعبر في أبعادها الماضية لمصلحة راهنها ومستقبل بلدانها ونهضتها .. حمدوك قدم خطابا محترما حمل إشارات وإعترافات واضحة بأنه فشل نعم لكنه أكد أنه لم يجد بيئة سياسية سليمة صالحة لإستزراع الأمل وقيام قواعد الحرية والسلام والعدالة لبناء السودان الذي نريد .. إن الحقيقة التي توصل إليها عبدالله حمدوك هي مسلمات يؤمن بها كل سوداني لكن كنا نظن فيه شخصية قوية قادرة علي صناعة الأمل وإحداث إختراق حقيقي علي جدار الفشل الصلب الذي تجذر في الدولة السودانية منذ ما يقارب الـ 66 عاما وهو عمر إستقلالنا المجيد ومع ذلك فإن الأمل معقود علي بنات وأبناء السودان في قراءة وكتابة تأريخ فشل النخبة السودانية وتحويلها إلي فرص نجاح ونبدأ من نقطة عبدالله حمدوك فقد طال إنتظار الوطن كي يتفتق بكل مقوماته البشرية والطبيعية وموارده الظاهرة والمخفية وأن يتجاوز محطة البكائيات والفشل ويبتدر عصرا جديدا يستوفي من خلاله ملامحه الذاتية التي يستقل بها عصر النهضة والحداثة العالمي ويجلس بين الكبار .. نحن نريد إستثمار الوقت ولحظة ما بعد خطاب إستقالة حمدوك لا نريدها صراع ومجرد حكاوي فترة ما بعد حمدوك ولا نريد أن نبحث وراء من يخلف حمدوك وإلي أي جغرافية وقبيلة ينتمي بل نريدها مرحلة لها مواصفاتها الخاصة التي تصرف بلادنا عن الإنزلاق وتجنبه مصارعة طواحين الهواء نريدها فترة لتسريع الخطي وإحكام التواصل مع الآخر الداخلي والاقليمي والدولي بندية وإيجابية .. نأمل أن نتجاوز حالة الإنتظار والإنبهار والإنهيار والدمار التي سادت بلادنا خلال الثلاث سنوات الماضية ونقبل علي فترة تسود فيها مفاهيم وشعارات وطنية جديدة وتنتهي معها المفاهيم والشعارات التي أنتجتها ثورة ديسمبر التي تركت الحبل علي القارب والحمل علي الشارع وخلفت غبائن وأمراض ومواجع أليمة .. نأمل أن يغيض الله لهذه البلاد أمر رشد ويكرمها بقائد يقودنا إلي الإنتاج بدلا من حالة التبطل والإحباط التي نعيشها .. قائد يستطيع أن يقود كل المقطورات ويوظف طاقات وإمكانيات الشباب ويفجر طاقاتهم نحو العمل والإنتاج وملاحقة عالم المعرفة والتقنيات التي زادت من فرص الفهم والتواصل الإيجابي بين شعوب وشباب العالم بل بين شعب وشباب الدولة الواحدة إلا نحن فقد وظفنا هذه التقانة بشكل سالب فأصبحت آلة دمار إجتماعي وهدر إقتصادي وإستلاب ثقافي .. السودان اليوم في مجمله يحتاج إلي من يخرجه من لحظة الإنتظار الكبير في غرفة الفشل والإنعاش التي يتراوح فيها من مدة طويلة بمقياس الزمن القياسي والحضاري .. علينا في هذه الفترة أن نعمل سلطة النقد المطلقة لأنفسنا إذا أردنا أن نتعامل بفكر ثاقب لمرحلة ما بعد حمدوك أنظروا سادتي إلي العقل الأوربي الذي بلغ مرحلة من الإعتقاد أن للعقل السليم وطنا واحدا هو أوربا وأن الحضارة التي ينجزها العقل الأوربي هي الصحيحة والسليمة ومن ثم يجب إدراج الجميع في مسلك العقل الأوربي بما في ذلك الإحتلال والإستعمار والنتيجة أن سلمنا جميعا أن الغرب هو صانع الحداثة بإمتياز وأن التأريخ الغربي هو الذي يجب أن يرتب للعالم حياته وهذه إستمرت بعد الحداثة وحتي الان تداعياتها مستمرة علي كثير من دول العالم سيما الثالث .. وبتنا نحن كسودانيين مستهلكين لكل ما ينتجه الغرب ويصدره لنا حتي وإن كان أشخاص ورموز مثل المؤسس ( حمدوك) ونحن نعتبر هذا الإنتاج هو أفضل وأسلم طريق إلي كتابة التاريخ والنهضة بمدلولاتها الواسعة دون إعتبار بما سبق .. والمؤسف حتي بعد الحرب العالمية الثانية وما أفضت إليه من حركات تحرر شعوب العالم وبلدانه وتغيرت أنظمة التفكير وقراءة واقع الحال والنظر لتطورات المشاهد في معظم دول العالم وبحمد الله كنا نحن منهم وقد وعينا وبدأت تدب فينا الحياة التي سادت كثير من البلدان بحيث طعنت كثير من دول العالم في سلامة العقل الغربي بشكله المطلق وإستعادة كثير من شعوب الدنيا الهوامش الوطنية التي ضيعها الخطاب والعقل الغربي وإستردت ما كان قد إستبعده الغربيون في تعامله مع الشعوب والحضارات الأخري ونحن كسودانيين بدأنا نسلك طريق هذا الإنعتاق لكن تراجعنا ولم يعد تواصلنا مع الغرب لتبادل المصالح والمنافع والاستفادة من قدرات بعض لكنه ظل تواصل تبطل وإنتظار لما سيتمخض عنه المنتوج الفكري وروشتاته السياسية ودونكم حالة (فولكر ) الذي ظل الإعلام السوداني ينتظر تصريحاته للإحتفاء بها بإعتبارها من المسلمات التي حتما ستخرجنا من جدلية الراهن وعدم التوافق علي مشروع وطني جامع .. أيها السودانيون قوموا إلي الإنتاج وإعمال الفكر لنهضة بلادكم أثابكم الله ..

مواضيع ذات صلة

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: بعد إنقلاب عربته بالأربعة من زادنا طه حسين للأسافير

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: كري المدني: (الشهادة السودانية والجنسية الخضراء ام خرتيت) ..!

عزة برس

شيء للوطن.. م. صلاح غريبة – مصر السودان، حربٌ على النسيج الاجتماعي أم حربٌ على الشائعات؟

عزة برس

يا مافي السجن مظاليم بقلم: عميد شرطة فتح الرحمن محمد التوم- الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة

عزة برس

كلام سياسة.. الصافي سالم أحمد يكتب: وزير الخارجية : ملفات في الانتظار

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: يا نجوى كلنا فى الحكمة شرق

عزة برس

اترك تعليق