الأخبار

همس الحروف قسوة الزمان و فاجعة القدر بقلم: الباقر عبد القيوم علي

☘️🌹☘️

طيف من الذكريات المتداخلة و الخواطر المؤلمة في شكل بركان ثائر من العواطف المتقلبة تتقاطع أمامي تعصف بذهني و تكاد أن تفقدني عقلي ، و وضوح تفاصيل هذه الذكريات من دقة توثيقها للمواقف كأنها أشبه بضوء الشمس الذي يجلي حلكة الليل ، يا لها من تداخلات و تقاطعات عجيبة تجعلنى كمن فقد عقله أضحك مرة بدون سبب و أبكي بذات السبب مرة أخرى كطفل لم يبلغ سن التمييز ، فأجد طعم الفرح قد يغلب كل شيء و لكنه لا يستطيع أن ينسيني مرارة تلك الأيام حالكات السواد ، فكأن الحزن هو أساس الفرح .

و لعلني قد إستقرأت هذا الدفق الهائل من المشاعر الملتهبة و العاصفة من خلال سرد مؤلم بالصور و الأشخاص للاخت العزيزة و الأستاذة الجليلة و المربية القديرة رقية الناير التي أحسبها من أميز نساء بلادي و لا فخر و هي تضع نفسها في أرمق الأماكن في الصفوف الأولى للنساء ، و هي تعتبر من ادق أدوات القياس التي تقاس بها رائدات السودان المبجلات اللائي حفظ لهن التاريخ دورهن بأدق تفاصيله في صفحاته .

في هذا المقال تعثر قلمي كثيراً و انا اكتب عن أشتات خواطر مؤلمة ظللتها سحابة من الذكريات التي وقفت أمامي حتى صورت لي الحياة كأطلال زائلة ومتهالكة عبث الزمان بها بإهمال متعمد ، و قد أتى فوق ذلك ما اتت به الحرب من خراب ، فدمرت أجمل ما بنيناه على ظهر أرض السودان ، وهدمت داخل نفوسنا أعظم ما وارثناه من قيم نبيلة و عظيمة ، فكانت بمثابة محرقة لكل شيء له قيمة .

فأضحى كل شيء عندنا يحمل في تفاصيله الجمال قد شد رحاله نحو المجهول في رحلة قسرية ليس لنا فيها خيار إلا الركوب على صهوة القدر ، و تزامناً مع ذلك و مربية الأجيال رقية الناير نجدها و قد ملأت قلبها الأحزان ، و هي تتحدث عن قصة حزينة لوالدتها خديجة بت الحسن في سرد أدبي رصين و هي تحدثنا عن عظمة أمها ، تلك المرأة التي لم تتحمل هول ما حكاه الناس إليها من قصص الحرب برواية الناجين منها الذين وفدوا إلى قرية القوز الوادعة التي ترقد على ضفاف نهر النيل ، فإنعكس ذلك على صحتها النفسية و الجسدية لم يستطع قلبها الابيض الذي يحمل الجمال ، و يكن التقدير لكل مخلوقات الله و في مقدمتها الإنسان ، و رقية الناير تتحدث بلغة تمزج ما بين الحزن و الفرح الذي لم يعد له طعم ، نجده ضائع في غابة الأحزان التي فرضتها علينا أقدارنا و قد حاكها لنا الساسة بأسوأ معداتها ، و هي تحكي و تصور لنا ذكريات جميلة و نبيلة عن كرم و شهامة و حسن خلق أمها بت الحسن و تحدثنا بكل فخر و إعتزاز عن أخوانها عباس و خطاب و محمد ، و كذلك عن أخواتها ، و عن أهل و عشيرة و جيران و حبان شاركوها الحياة في قريتها بنهر النيل ، و يستمر سرد حكايتها في رسم الأحلام و الآمال في سطور بين الأيام و الشهور . و ذكريات من الأمس مفرحة و أخرى مؤلمة حتى وصلت إلى لحظة إنتقال روح والدتها إلى الرفيق الأعلى ، نعم لقد ماتت خديجة بت الحسن بقدر الله و لكنها كانت متأثرة من تداعيات فشل الساسة في صراع حرب عبثية كانت من أجل الظفر بكرسي الحكم ، فحكموا علينا بالموت تحت آلة الحرب أو تداعياتها و تأثيرها النفسي علينا ، فرحلت خديجة و يملأ قلبها حزناً دفيناً ، و لكنها قد رفعت شكواها و مظلمتها إلى محكمة السماء ، و عند الله تلتقي الخصوم ، مخلفة بعد رحيلها ذكرى عطرة تفسح الجيران و الحبان بروايتها و آخرون بسماعها ، فرحلت من هذه الفانية لتريح جسدها الذي أرهقته السنين ، فرحلت و إرتحلت معها آمالنا و أحلامنا إلى عالم آخر و خلفت بعدها ذكريات حزينة يعتصر لها القلب ويلتهب من جمرها العمر .

اللهم إنا سألناك و رجوناك و انت رب العزة أن ترحمها و أن تتقبلها عندك قبولاً حسناً و أن تكرمها بكرمك الواسع الفياض الذي ليس له حد او عد ، فأرحم ضعفها يا الله و قد حلت عليك ضيفة فاحسن إليها و ثبتها بالقول الثابت ، و اجعل البركة في أهلها و جيرانها و كل من حضر تشيعها أو صلى عليها و حتى عبر أمام بيتها ، و كما اسألك ان تنزل غيثاً من السكينة على قلوب أهلها و كل من يعرف فضلها ليكون لهم وجاءة من الحزن و ان تلهمهم الصبر الجميل و السلوان و حسن العزاء ، و إنا لله وإنا إليه راجعون و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .

مواضيع ذات صلة

علي خلفية تصفية الملازم اول “م” محمد صديق ازهري المبارك …المقاومة الشعبية ستدك بيد من حديد معاقل المتمردين من اجل نصرة الوطن ودماء الشهداء

عزة برس

البرهان يطلع على آداء السلطة القضائية

عزة برس

ياسر العطا يشيد بالأستاذ أبوعركي البخيت لصموده وصبره على المخاطر والإبتلاءات

عزة برس

عقار يطلع على أداء وزارة الشؤون الدينية والأوقاف

عزة برس

بالواضح.. فتح الرحمن النحاس يكتب: أيامحمد صديق المغدور..طبت شهيداً ورمزاً للبسالة.!!

عزة برس

مسؤول ايرانى : مقتل رئيسي جريمة اقترفتها أميركا

عزة برس

اترك تعليق