المقالات

معركة تحرير الخرطوم الذكرى التاسعة والثلاثون بعد المائة بقلم: د. صديق مساعد

فى أغسطس 1884م، تم اعتماد حملة الإنقاذ والأموال اللازمة لها من قبل البرلمان البريطاني، في ذلك الوقت كان غردون في الخرطوم وقد مضت

عليه ستة أشهر حقق فيها الكثير، من تعزيز دفاعات المدينة وحافظ عليها، بل زاد من المخزون الغذائي والذخيرة، وصنع العجائب مع قوات الحامية، اذحافظ على روحهم المعنوية مع رفع مقدرتهم القتالية واستخدامهم للسلاح، كما أنه اجلى الأفواه الزائدة عن الحاجة ورفع معنويات المواطنين، ما لم يفعله غردون هو إطاعة الأوامر التي صدرت إليه بالعودة ، وهذه حقيقة أساسية لأن المصير الذي لاقاه غردون في نهاية الأمر هو خطأ غردون نفسه.
فالأوامر التي صدرت إلى غردون تم تفسيرها بأنها كانت تعني إما أن يرفع تقريراً عن الأحوال في الخرطوم أو أن يقوم بمباشرة جلاء الحاميات والمواطنين الأجانب، ولم يؤمر بأي حال بأن يبقى بالمدينة، ويتحدى المهدي وينتظر الإنقاذ، ولكن هذا بالضبط ما قام به غردون، لأن الإقامة التي استمرت شهوراً أكدت نيته في البقاء وخوض الحرب بالرغم من ملاحظة التي رفعها إلى بارنغ اي كرومر في أوائل أغسطس 1884 قائلاً :”إني أقيم في الخرطوم لأن العرب قد أغلقوا علينا الطريق ولن يدعونا نخرج” منذ اليوم التاسع من أبريل 1884، أي بعد خمسة أسابيع فقط من وصول غردون إلى الخرطوم.
كما أوضح غردون نيته بجلاء في برقية أرسلها إلي بارنغ عندما علم بأن جلادستون لن يوافق على أرسال حملة إلى هنا أو إلى بربر، وبهذا فساعتبر نفسي حراً في التصرف حسبما تقتضي الظروف، وسوف أتمسك لأطول فترة ممكنة، وأن استطعت إخماد التمرد فسافعل، وإن لم استطع فسانسحب إلى الاستوائية وأترك لك عاراً لا َيمحي بتخليك عن حاميات سنار وكسلا وبربر ودنقلا.
وقرار غردون بالبقاء والتمسك لأطول فترة ممكنة كان قراره وحده وقد أصر عليه حتى النهاية ولكنه لم يبد أشارةً للانسحاب إلى الجنوب كما أخبر في برقيته تلك، وكما اقترح عليه جلادستون بل بقى متمسكا بموقعه.
في 22 أغسطس ونهاية شهر رمضان تحرك المهدي من معسكره في كرد فان جنوب الأبيض، متجهاً نحو الشمال الشرقي إلي الخرطوم وبصحبته جيش مكون من 60 ألفاً من الأنصار الأشداء.
أخطأ غردون خطأ فادحاً في تقديره لقرار رئيس الوزراء مستر جلادستون، ولقد توقع غردون منذ مارس 1884، أنه لو تمسك بالبقاء في الخرطوم فإن الحكومة البريطانية يجب أن – ترسل حملة الإنقاذه ولكن لم يكن في حسبانه كم سيستغرق من الوقت لتغير موقف رئيس الوزراء حتى في وجود ضغط شعبي عارم.
وبعد أن فرغ غردون من إعداد دفاعاته ووضع المدينة في حالة استعداد للمعركة الدفاعية، جلس ينتظر ومرت الأسابيع وحملة الإنقاذ لم تأت، والأنصار يضيقون الخناق على المدينة أكثر وأكثر، وأصبحت الإتصالات أكثر صعوبةً وكادت تنقطع مع الخارج إلا من رسائل قليلة تأتي أو تخرج من المدينة من حين لآخر بعضها كان يبعث بها الميجور هربرت كتشنر الذي كان يتعاون مع طابور الصحراء في الجانب الاستخباراتي، ويعمل في مكان ما إلي الشمال في الصحراء مكوناً حلقة وصل بين غردون والعالم الخارجي، وفي هذه الأثناء شدد أنصار المهدي قبضتهم حول المدينة وضيقوا عليها الخناق حتى أن الحملات التي كانت تخرج يومياً تقريباً من الخرطوم لجمع المواد الغذائية من الريف القريب ما عادت تستطيع الخروج وتوقفت نهائياً في آخر الأمر، ولكن البواخر النيلية كانت لا تزال تشق طريقها شمالاً عبر النهر وإن كانت تتعرض لقصف النيران من الضفتين باستمرار، إلى أن حررت مدينة بربر علي يد الأنصار في 28 مايو 1884م، وبتحريرهاوالقضاء على حاميتها قضي على آخر أمل في القيام بجلاء غردون من الخرطوم.
عند تحرير مدينة بربر تمكن الأنصار من القبض على عامل يتبع لغرردون وهو رجل استرالي يدعى جوزيف كوزي اضطر لاعتناق الإسلام ليحفظ روحه، شوهد كوزي بعد أسابيع قليلة على بوابة مدينة الخرطوم وهو يرتدي جبة الأنصار المرقعة ويحمل في يده راية بيضاء ومعه بعض الرسائل من المهدي ودعوة لغردون بالاستسلام، رفض غردون رفضاً قاطعاً مقابلة كوزي، لأنه كان يري من موقعه كمسيحي متشدد أن سلاطين وكوزي وأسرى المهدي المسيحيين الآخرين الذين اعتنقوا الإسلام كان خيراً لهم لو أنهم ماتوا من أن يبدلوا دينهم، وأعاد غردون دعوة المهدي للاستسلام دون أجابه، لم يكن غردون في الخرطوم وحيداً ومعزولاً، فقد كان في صحبته الكولونيل ستيورات وفرانك باوازر ومجتمع الأجانب الذي يضم عدداً من الأوربيين، لم يكن غردون يعتمد كلياً على وصول حملة الإنقاذ أو الدفاع السلبي، فقد كان أحد المعلمين في أساليب الحرب غير النظامية، وهو الآن لديه قوة تتكون من سبعة ألف جندي مصري أي أكثر من قوة جراهام والتي استخدمها بكفاءة ضد عثمان دقنة، ولكن الفرق كان في أن هذه القوات من المصريين ضعيفي الكفاءة والذين كان أغلبهم لا يرغبون في أن يكونوا في السودان أصلاً فضلا عن إن يحاربوا المهدي ولكن بعضهم كانت لديه الرغبة في القتال وبهؤلاء كان غردون يهاجم الأنصار إذا سنحت له الفرصة بذلك
وفي أغسطس أرسل غردون أحد أكفأ رجاله وهو محمد علي بك حسين في سلسلة من الطلعات بطول الشاطئ لإزعاج الأنصار وجلب مواد غذائية، وقد تمكن من أداء مهمته بكفاءة عالية ونجاح لعدة مرات، ولكن في شهر سبتمبر انخدع في مقدرته إلى درجة أن قام بمطاردة مجموعة من الأنصار على الأرض بجانب النهر، فسقط في كمين نصب له في منطقة العيلفون التي تبعد عشرين ميلاً من الخرطوم، مما أدى لفقدانه كامل قوته التي تبلغ ثمانمائة جندي وأكثر من ألف بندقية ر ومنجتون وكمية ضخمة من الذخائر، بعد ذلك الدرس المؤلم لم يرسل غردون أي قوات خارج المدينة.
وقد قرر غردون أن يقوم بمحاولة أخيرة لطلب العون من رؤسائه في القاهرة ولندن، غير مدرك أن حملة الإنقاذ في ذلك الوقت كانت تحتشد في دلتا النيل، ولما كان غردون معزولاً عن العالم لم يعلم بأن خطورة الموقف قد تم إدراكها، فقام الشيخ سليمان النعمان ود قمر بوضع كمين فقتل رسل غردون الأوربيين الثلاثة الكولونيل ستيورات وفرانك باوارز والقنصل الفرنسي الذين قام بإرسالهم لطلب العون من القاهرة ولندن، وأرسلت رأس ستيوارت المقطوعة ورسائل غردون ورموز الشفرة التي كانت معهم إلى المهدي ولم يعلم غردون بمقتلهم إلا بعد شهر من الحادث، وبأوائل أكتوبر كان غردون وحيداً بالقصر كما شكل تردى المعنويات معضلةً كبيرةً، حيث انقطعت الإخبار عن المدينة وسادت حالة الجوع التي كانوا يعيشونها، مما جعلهم يحسون بأن العالم قد تخلى عنهم ليواجهوا مصيرهم وحدهم.
وبمنتصف أكتوبر انتقل المهدي من كردفان ليعسكر بجيشه غرب النيل الأبيض الفاصل بينه وبين الخرطوم،فأمر المهدي أسيره سلاطين بأن يكتب لغردون مجدداً يطلب منه الاستسلام، وقام سلاطين بكتابة تلك الرسائل بالألمانية والفرنسية ليطلع عليها غردون دون المهدي، اعتذر فيها سلاطين لغردون عن تركه لدينه وشرح له الوضع الذي هو فيه وأخبره بمقتل ستيوارت، النبأ الذي أكدته لغردون رسالة مباشرة من المهدي، كما أخبره بأن عامله السابق البحار فرانك لوبتون قد استسلم في بحر الغزال واعتنق الإسلام، وكرر عليه المهدي طلب الاستسلام والدخول في الدين الإسلامي، وقد جاء رد غردون حاسماً، أن الأمر سيان بالنسبة له إذا استسلم لوبتون أو أسرت 20.000 باخرة مثل عباس اي الباخرة أو قتل 20.000 رجل مثل ستيوارت باشا “أنا هنا كالحديد وآمل في وصول الانجليز وإذا قال محمد أحمد أن الإنجليز سيموتون فإن الأمر سيان لدى، أنه لمن المستحيل تبادل أي كلام مع محمد أحمد.
وفي نوفمبر 1884 كان الجزء الأكبر من قوات المهدي في الشمال يعد لمواجهة حملة ولسيلي إلا أن الخرطوم مع ذلك كانت محاصرة بأكثر من ثلاثين آلفاً من الأنصار، حيث بدأوا, في قصف المدينة على فترات متقطعة بالليل والنهار ودورياتهم كانت جاهزة للإنقضاض على مجموعات تتحرك خارج الجدران، أرسل المهدي طلباً آخر لغردون يدعوه فيه للاستسلام، وعندما جمع غردون المواطنين في ثقة وقرأ عليهم طلب الاستسلام أمام مجلس الأعيان رفضوه دون تردد، فهم لن ينجوا من سطوة الأنصار حتى لو استسلموا، كما وجود غردون بينهم القي بظلال على المشهد سيما وأن هناك من كان ينادي بعدم الاستسلام والمناداة بالاستبسال الي اخر جندي مهما كانت العواقب والظروف فاجمعوا جميعا على حشد كل الطاقات وتوزيع السلاح و العتاد من أجل هذة المعركة الفاصلة سيما وأن هناك حديث عن حملة إنقاذ في طريقها إليهم أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الخرطوم سوف تحسم المعركة مهما كانت قوة وبسالة الأنصار التي تحاصر المدينة من كل اتجاة…….
ولقد كان غردون يعتقد جازما أن لندن لن تتخلي عنة وانة وبحكم مسيرتة وسيرتة في خدمة الامبراطورية لايمكن لة أن يسلم الخرطوم وينسحب شمالا اوجنوبا كما كان مخطط لة سيما وأنة في مواجهة قوة من شعب لاحول لهم ولاقوة امام سطوة جيش، غردون……

لذا عقدوا العزم والتصميم على المواجهة ظنا منهم انهم هم الغالبون وكان الرأي النهائي هو تدمير القوة المحاضرة للخرطوم عبر معركة تكون عظة وعبرة لكل من تسول لة نفسة بشق عصا الطاعة للإمبراطور ية التي لاتغرب شمسها فكان الرأي الراجح هو قطع اي تواصل مع رسل المهدي مهما كانت.. ….

المحفزات

فالأفضل إذن أن يقاتلوا
قام الأنصار في الثاني عشر من نوفمبر بسلسلة من الهجمات العنيفة على طابية الخرطوم، ولكن الحامية صمدت وقاتلت برجولة تساندها نيران المدفعية من الخرطوم والرشاشات التي كانت تطلق من آخر اثنين من البواخر النيلية، ورغم ذلك اكتسحت الدفاعات الأمامية للحامية، في نفس يوم سقوط طابية أمدرمان أرسل غردون الباخرتين (البردوين) و(طلحاوية) إلى شندي أملاً في أن تستفيد منها حملة الإنقاذ.
عادت الباخرة (البردوين) تحت وابل من الرصاص وهي تشق طريقها بصعوبة حول توتي، ولكنها لم تحضر الجنود ذوي السترات الحمراء كما كان متوقعاً وإنما أحضرت بعض جوالات القمح وبعض الرسائل التي يعود تاريخها ليوليو المنصرم، تلقى المهدي أنباء هزيمتهم في أبو طليحة في 20/يناير، فقام بعقد مجلس الحرب مع خلفائه وأمرائه، ليناقش معهم فكرة رفع الحصار أو الانسحاب إلى سهول كردفان واحتدم النقاش ولكن أجل القرار إلى أن تأتي أنباء جديدة من الشمال، فأتضح أن البريطانيين في طابور الصحراء توقفوا مرة أخرى على ضفة النيل ولم تبدر منهم إشارة للتقدم نحو الخرطوم، فشجع ذلك الأنصار للإعداد لهجوم رئيسي.
وفي 25 يناير 1885 وبعد الغسق بقليل بدأت أعداد كبيرة من الأنصار في عبور النيل متجهة نحو الخرطوم، وبحلول منتصف الليل كان أكثر من 50ألف مقاتل قد عبروا إلى الأرض المكشوفة جنوب الخرطوم، وفي الساعة الثالثة صباحاُ من يوم 26 يناير بدأ الهجوم عندما تسللوا من الجانبين مجتازين خط الدفاع الأول، فتمكن الأنصار من التغلب بسهولة على المدافعين المنهكين بعد أن باغتوهم من الأمام والأجناب، ثم اندفعوا داخل المدينة فتمت السيطرة على جنود الحامية بسهولة، أما المواطنون الذين اندفعوا للشوارع فقد تم التحفظ عليهم، تقول بعض الروايات أن غردون لم يبد أي محاولة للدفاع عن نفسه، فتم قتله وفصل رأسه عن جسده وغرسوه على حربته،رغم ان المهدي كان قد أمر أنصاره بالقبض على غردون حياً ولكنه عندما قتل لم يعاقب من قتلة قد يكون بالظروف المعركة وتقدير قادة الميدان أو يتخذ إجراء ضد الرجال الذين قتلوه. توفي محمد أحمد المهدي بعدها في يوم الإثنين التاسع من رمضان سنة 1302هـ 22 يونيو 1885م الساعة الرابعة مساء بعد أن نجح في قيادة أول حكم وطني وإسلامي في إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة شرق إفريقيا ووادي النيل علما بأن الثورة المهدية نهضت في، ظل ظروف اقليمية، وعالمية في غاية التعقيد فلقد نهضت مؤتمر برلين الذي دعي آلية مستشار ألمانيا بسمارك كل الدول الاستعمارية وقطعت فية أوصال قارة افريقيا وقسمت بينهم وكان أغرب مؤتمر كانت جداول اعمالة هي قارة أفريقيا وأفريقيا كانت غائبة لم تستشار بل لم تمثل ولو بدولة واحدة كمستمع……..
اخيرا هانحن نحتفل بمعركة من الملاحم النبيلة في تاريخ الانسانية وبلادنا تعيش اوضاعا قاسية بين قوتين أصبح شعبنا بينهم بين شقى الرحي اذا دارت يمينا طحنت واذا دارت شمالا طحنت مهج غوالي نأمل أن يكون هذا العام عام انتصار شعبنا وتحقيق مشروعا وطنيا ديمقراطيا ينهض بنا عبر اجنحة تحملنا على ذري هامات التحرر والانعتاق

مواضيع ذات صلة

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: ذاكرة المدينية بين المسيد والإنداية

عزة برس

عميد م. ابراهيم عقيل مادبو يكتب: لا يحق للمرتزق التمتع بوضع المقاتل أو أسير الحرب.. (البل)

عزة برس

٠هام جدا جدا للتاريخ نقول وبالصوت العالي٠٠٠٠ا بقلم: محجوب حسن سعد

عزة برس

عائشة الماجدي تكتب: ( جودات )

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: قانون المخابرات.. (عودة جهاز المناعة)

عزة برس

الهندى عز الدين على إكس: عملية الفاشر كسرت عظم التمرد في دارفور ولها ما بعدها

عزة برس

اترك تعليق