..حانت مني إلتفاتة فجأة ليدي المعكوف نصفها خارج نافذة الحافلة البالية التي تنهب بنا هذه الأنحاء منذ ساعات ..ما هذا ..إنه كُم قميصي الكاروهات الأزرق ..يا إلهي ..لقد بدا مهتريئاً وباهت الألوان..أحال الغبار سطوة الجمال فيه ..تلك الآسرة لمجرد خطوط متقاطعة من الذكريات ..أيييه ..ما زلت أذكر ذاك النهار الجميل في زقاقات السوق الأفرنجي وقد قررت يومها أن أغير خطة اللبس لدي للتخلص من البدلة الكاملة التي كبلت إحساسي بالحياة لسنوات ..كان أول ما وقع بصري عليه ..كاروهات أزرق ..متدرج الزرقة ..تجاهلته لدقائق ..خرجت من المحل ..رمقته بطرف عيني من بعيد فأستدار لداخل فترينته الزجاجية .. خلته أبتسم لي ..أظنه فعل ..بل أنا متأكد من ذلك ..عدت أدراجي إليه..منذها ما فارقني في حلي وترحالي ..يا إلهي ما كل هذا الغبار يا صديقي وإلي أين نسير ؟..
تعطلت للحظات كل خيوط تواصلي مع العالم ..إنها سنوات من الخصوصية بيني وقميصي الأزرق الكاروهات ذو الكُم القصير ..هل تواسيني أم أواسيك يا صديقي ..جُل الرفاق أو كلهم ذهبوا ..لم نعد نترافق أنا وأنت شوقاً إليهم ..حتي سيارتي .. تلك التي تحبها لم تعد موجودة ..عطرنا الأثير لازال أثره باقياً فيك ..لكنه غادرنا.. كم أنا حفي بك أيها الوفي ..
هل تظنني سأتخلي عنك؟ أنت لا تعرفني إذن .. لماذا يبدو عليك الشحوب ؟ تجلد يا رفيقي .. ربما نحن بخير ..علي الأقل لا زلنا معاً..
قميصي الكاروهات الأزرق..كم أحبك أيها العابر.
