المقالات

على مسؤوليتي .. طارق شريف يكتب: مع حافظ عبد الرحمن في فينا

طارق شريف

في يناير العام 2010 لبيت دعوة السفارة السودانية في فينا لحضور أسبوع ثقافي هناك وكنت حينها أعمل في جريدة الصحافة العريقة .
تصفحت في أسماء الوفد الثقافي ووجدت الصديق الفنان التشكيلي د. راشد دياب وكان رئيسا للوفد والصحفي محمد عكاشة والمصور محمد السنى من قناة النيل الأزرق.
وكلنا كانت تجمعنا صداقة،
كان هناك شخص آخر في الوفد نعرفه كشخصية عامة ولكن لم يكن لنا معه صداقة ومن طبيعة شخصيته كان متحفظا بعض الشئ وعلاقاته محدودة في الساحة الفنية والإعلامية.
كان هو الموسيقار حافظ عبد الرحمن .
وصلنا فينا التى اسميتها بلد الصفوف من فرض نظامها الشديد وفي كل مكان صف في المواصلات وفي البقالة وحتى في إشارات المرور بلد تدهشك بالنظام والدقة والاحترام
وكانت نصيحة موظف السفارة السودانية الذى كان في استقبالنا في مطار فينا ( أهم شئ احترام الصفوف ولا تتجاوزوا اي شخص يقف أمامكم في صف ) .
هنا في فينا تعرفت على حافظ عبد الرحمن الإنسان وكنا نقيم في فندق بوث في وسط المدينة رجل في منتهى الجمال الإنساني
عميق الثقافة وأنت تجلس معه يحدثك عن التنوع الثقافي في السودان كمثقف مستنير بفهم وعمق ثم يفصل لك تاريخ فينا كباحث ألمعي .
يمتاز بالسخرية وروح النكتة وقد نشأت صداقة بيننا وكأننا نعرف بعض من عشرات السنين .
حافظ إنسان متدين الجانب الروحاني فيه عميق وكان يحرص على صلواته وأذكاره.
أما حافظ الموسيقار فهو نسيج وحده كان عندما يصعد للمسرح ويمسك الفلوت يستغرق في تاملات عميقة وكأنه يتحدى أحزان الزمن .
في مسرح الاوفيد أدهش الناس بصفاء موسيقاه التى كانت تداعب نهر الدانوب خلفه وطبعا الفلوت هي الآلة الموسيقية المفضلة للنمساويين وقد فطن حافظ لذلك فقدم لهم تموجات موسيقية أشعلت المسرح بالتصفيق ، وعندما اتحدث عن الموسيقار حافظ اتحدث عن سفير للموسيقي السودانية طاف العالم وقدم التنوع الموسيقي السوداني عبر آلة الفلوت التى ربطته بها قصة حب خالدة .
وهناك في الجانب الاخر كان الفنان العالمي د. راشد دياب يقدم عزف منفرد أخر في معرض تشكيلى من أهم معارضه العالمية
أستحوذ على إعجاب الزوار من مختلف دول العالم .
نجحت الرحلة وحققت أهدافها وقدمت السودان بشكل مختلف لدرجة أن السفير محمود حسن الأمين سفير السودان في فينا في ذلك الوقت والوزير المفوض يوسف كردفاني الذى أصبح الان سفيرا في الخارجية .
قاموا بدعوتنا مرة أخرى إلى فينا بعد عامين لفعالية أخرى وأذكر أن السفير محمود أتصل بي بعد حلقات كتبتها عن الرحلة وفينا في جريدة الصحافة وقال لي ( وانا أقرأ في مقالك يا طارق قلت لنفسي معقول أنا قاعد في مدينة بهذا الجمال وبدأت اكتشف فينا من جديد ) .
أما حافظ فقد أتصل بي بعد قراته المقالات عن الرحلة وقال بطريقته الساخرة ( وانت جالس في فينا هادى ولاتتكلم قلت الزول ده برجع الخرطوم سطر ما بكتب انت الكلام ده بتجيبوا من وين يازول )
تعمقت علاقتي بحافظ وجمعتنى معه رحلة أخرى إلى فينا غمرنا فيها بلطفه وجماله الإنساني ، و بعد رحلة فينا الثانية أقام لنا مادبة عامرة في منزله كانت على شرف السفير والشاعر معاوية التوم .
ظل حافظ نعم الصديق في جمال أخلاقه وكرمه اذكر اتصلت به في حفل عيد ميلاد مجلة حواس في فندق روتانا لإحياء الحفل مع فرقته الموسيقية، وافق بدون تردد وتنازل عن أجره وقال لى (حواس ده مجلتى يا حبيب)
رحل حافظ عبد الرحمن ولكن يبقي الرحيق نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته .

مواضيع ذات صلة

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: ذاكرة المدينية بين المسيد والإنداية

عزة برس

عميد م. ابراهيم عقيل مادبو يكتب: لا يحق للمرتزق التمتع بوضع المقاتل أو أسير الحرب.. (البل)

عزة برس

٠هام جدا جدا للتاريخ نقول وبالصوت العالي٠٠٠٠ا بقلم: محجوب حسن سعد

عزة برس

عائشة الماجدي تكتب: ( جودات )

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: قانون المخابرات.. (عودة جهاز المناعة)

عزة برس

الهندى عز الدين على إكس: عملية الفاشر كسرت عظم التمرد في دارفور ولها ما بعدها

عزة برس

اترك تعليق