المقالات

استراتيجيات د. عصام بطران يكتب: المبعوثون الدوليون ..!!

– لعب المبعوثون الدوليون دورا كبيرا وبارزا ضمن الاستراتيجيات الغربية لفصل جنوب السودان ولازالت تلك الخطة الخبيثة تنتشر في انحاء جسد ماتبقى من السودان لاكمال ما تبقى من اكمال استراتيجية تفكيك الدويلات الخمس .. وبالرجوع الى الذاكرة السياسية والعلاقات الدولية فان (الترويكا) الأوربية كان لها نصيب الاسد في إدارة مفاوضات السلام بالسودان وظلت عبر مبعوثي دول (الترويكا) (أمريكا – بريطانيا – النرويج) تقدم الدعم التفاوضي وتقرب وجهات النظر بين الحكومة السودانية وحركة التمرد وظلت الدول الغربية الثلاث تمثل الداعم والمحرك لغالب رؤى وأهداف إتفاقية السلام الشامل فعلى مستوى الولايات المتحدة الأمريكية اهتمت بالخروج عن القنوات الدبلوماسية عبر وزارتي الخارجية للبلدين بواسطة السفراء المعتمدين لكل من الدولتين.
– بعثت الترويكا بمبعوثين من قِبَل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كمبعوثين دبلوماسيين خاصِّين لدعم عملية السلام بالسودان، فمنذ فترة رئاسة الرئيس (جورج دبليو بوش) أرسل ثلاثة مبعوثين (2001 – 2009م) هم (جون دانفورث، أندرو ناتسيوس، ريتشارد وليامسون) وفي فترة الرئيس أوباما أرسل (الجنرال المتقاعد سكوت غرايشن) في الفترة 2009- 2011م وقد تفاوتت أدوار أولئك المبعوثين ما بين المتشدد والواقعي في إدارة ملف مفاوضات السلام . ويقول (غرايشن) إن على أمريكا صب المساعدات المالية للجنوب وبناء مؤسسات حكومية وتعزيز الاقتصاد فيه، وأشار غرايشن إلى تجربة أمريكا في بناء الدول قائلاً (حقيقة ليس لدينا تاريخ جيد في توليد الدول ويجب علينا التأكد من أن لا نخرج بدولة فاشلة أو دولة في حالة حرب).
– المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي للسودان حول شكوكه بشأن شفافية الانتخابات التي جرت في البلاد في الفترة من 11-5 أبريل 2010م، يذكر أن غرايشن كان قد أعلن خلال لقائه ممثلين عن جالية جنوب السودان في الولايات المتحدة أنه لا يخفى على أحد أن الانتخابات العامة السودانية كانت مزورة من جهة بالإضافة إلى عدد من الصعوبات المختلفة التي واجهتها ، غير أنه أشار إلى أن واشنطون ستعترف بنتائج هذه الانتخابات للتوصل إلى استقلال جنوب السودان وتفادي العودة إلى الحرب. ويؤكد هذه المعلومة التي ِأشار إليها غرايشن في فصل الجنوب المستشار الجنوبي (فاروم أدوك)، الذي قال: ” إن الخط الأمريكي العام أو السياسة الأمريكية في أجندتها تعمل على فصل الجنوب وظهر ذلك جلياً في دعم أمريكا للجيش الشعبي، سياسياً واستراتيجياً ولوجستياً”
– بتاريخ 7 مايو 2010م سافر المبعوث الأمريكي سكوت غريشن (Scot Gration) إلى دارفور وقابل الحكومة هناك برئاسة الوالي عثمان محمد يوسف كبر لمناقشة قضية دارفور وقال المبعوث الخاص بان السودان سوف يواجه مشاكل وتحديات بحلول يناير 2011م وأنا واثق بأن الانتخابات سوف تكون في موعدها وأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تقوم بالتجهيز للتصويت الذي يؤدي إلى الانفصال وتكوين دولة جديدة ..
– أما بريطانيا فهي أيضاً عملت على إرسال مبعوث خاص لعملية السلام بجنوب السودان كان آخرهم (ماثوكانيل). وفي نفس الخط سارت الدول الغربية الأخرى حيث كان آخر المبعوثين لهم بالسودان (هولندا – اكويين ديفيد)، (النرويج – بانتر بيتر جكيمبرود)، (فرنسا – يوثبو كويتاك).
– لم تكن المنظمات ببعيدة عن المشاركة في عمليات التفاوض للسلام بجنوب السودان حيث بعثت الأمم المتحدة. بمبعوث خاص للأمين العام كان أشهرهم الهولندي (يانك برونك) الذي أبعدته الحكومة السودانية في أكتوبر 2006م وأمهلته 72 ساعة لمغادرة البلاد وأن إبعاده جاء لاتهام الحكومة السودانية إياه بنشر معلومات عن القوات المسلحة وتعريض إتفاق السلام للخطر. أما الاتحاد الأوربي فقد قام بتعيين مبعوث أوروبي خاص لمتابعة وتعزيز عمليات السلام بالسودان، والاتحاد الأفريقي أيضا ارسل مبعوثا خاصا للسلام ، وشاركت دول الإيقاد بالمبعوث الخاص (لازاراس سيمبيو). ولعبت مشاركة المجتمع الدولي في الضغط من أجل محادثات سلام جدية دوراً هاماً في حسابات الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وكان من أبرز لاعبي المجتمع الدولي الولايات المتحدة والنرويج، واللتين انضمت إليهما المملكة المتحدة فيما عرفت بالترويكا، حاول قرنق أن يضمن دعمهم فالتقى في الولايات المتحدة بوزير الخارجية الجنرال كولن باول والمبعوث الخاص دانفورث، ومسؤولين آخرين فيما يتعلق بهذه الاجتماعات فقد صرح قرنق علناً أنه يرى الآن فرصة لإنهاء النزاع السوداني. كما كانت اللقاءات في لندن مع وزيرة التنمية الدولية كلير شورت، وألان قولتي، الذي كان أصبح وقتها المبعوث الخاص للمملكة المتحدة في السودان .
– غير المبعوثين الخاصين للسلام لرؤساء الدول الغربية الذين بالطبع يختارون وفق مواصفات خاصة تلائم طبيعة المهمة ، يلاحظ في المقابل إختيار المبعوثين الخاصين للمنظمة الدولية بالسودان إما أن يكون المبعوث من الجنسيات الغربية وموالي لسياساتها في المنطقة أو أن يكون (مُستَغرِب) نال تعليمه أو لجأ سياسياً أو نال جنسية إحدى الدول الغربية وأيضاً موالٍ لسياساتها واستراتيجياتها بالمنطقة. مثلاً المبعوث (هايلي منقريوس) مبعوث الأمين العام الخاص للسودان (23 مايو 2007م) ومن خلال مقابلة أجراها معه (الباحث) عن سيرته الذاتية : هو (أريتري الجنسية، له تجربة في حل نزاع الكونغو الذي توصل إلى إتفاق سلام شامل دعمته الأمم المتحدة في 2002م بجنوب أفريقيا، معارضٌ لحكومة بلاده، حاصل على درجة الماجستير من جامعة (هارفارد) ودرجة البكالوريوس من جامعة (باردايز) بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان متزوجاً من سفيرة أريتريا السابقة لدى الدول الاسكندنافية (حبرت برهي) التي تخلت عن منصبها ولجأت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في (يوليو 2001م) وهي حاصلة على الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية). وذلك مايدل علي اختيار المبعوثين بانتقائية وصفوية موالية للقوى الغربية.
– عقب التغيير في ابريل 2019م وتلون الفترة الانتقالية مابين ( الاسود والرمادي ) ضجت الساحة السياسية بتداعي المبعوثين الدوليين بمدخل التقريب بين وجهات نظر الفرقاء العسكريين والمدنيين لتفاهمات اعداد دستور لادارة الفترة الانتقالية وكان محمد الحسن ولد لبات الدبلوماسي والوزير الموريتاني السابق الذي تقلد عدة مناصب سامية في بلاده، منها وزارة الخارجية إبان حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، اول مبعوثا دوليا من الاتحاد الإفريقي من أجل حلّ الأزمة السياسية في السودان، وانتهت مهمته بانتاج الوثيقة الدستورية التي اغرقت البلاد في تفاصيل الاقصاء السياسي والخلافات الجوهرية والمفارقات في تقاطع الدستور مع واقع المجتمع السياسي السوداني ..
– ثم جاءت الطامة الكبرى وثالثة الاثافي بخطاب ارسله رئيس وزراء قوى الحرية والتغيير د. عبدالله حمدوك ليطلب فيه من الامم المتحدة انشاء بعثة اممية لحماية الفترة الانتقالية تحت الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة فتم تعيين الالماني الدكتور فولكر بيرتيس ممثلاً خاصاً للسودان ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) في السابع من ياناير2021م .. وفلوكر له خبرات سابقة في تازيم النزاعات الجغرافيا السياسية الإقليمية .. وسبق ان شغل في الفترة من العام 2005م حتى عام 2020م منصب الرئيس التنفيذي ومديرالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية SWP (Stiftung Wissenschaft und Politik) في برلين ..
ومن العام 2015م حتى عام 2018م ، شغل منصب الأمين العام المساعد، ثم المستشار الأول للمبعوث الخاص للأمين العام في ( سوريا ) ، وكذلك شغل منصب رئيس فرقة العمل المعنية بوقف إطلاق النار التابعة لمجموعة دعم سوريا الدولية نيابة عن الأمم المتحدة ..
– في الفترة من العام 2020م الى بداية هذا العام 2023م هدأت قليلا حركة المبعوثين الدوليين ليحل محلها حركة دؤوبة ونشطة من سفراء التكتلات الدولية والاقليمية وبعض سفراء الدول الغربية والاقليمية بما يسمى محاور الثلاثية الدولية (الامم المتحدة، الاتحاد الافريقي، الايغاد) والرباعية الدولية (المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة) وربما تتطور في الايام المقبلة الى خماسية باضافة (جمهورية مصر العربية) ليشكلوا تدخلات بائنة للمراقبين في الشان الداخلي وفرض وصايا مباشرة في الملعب السياسي بالبلاد ..
– يعود المبعوثين الدوليين بقوة الى الملعب السياسي يتقاطعاته المتشابكة ويلتئم بالخرطوم ستة مبعوثون دوليون هم: الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي (أنيت ويبر)، والمبعوث الفرنسي الخاص للقرن الأفريقي (فريديريك كلافيه)، ورئيس شعبة القرن الأفريقي في الخارجية الألمانية (تورستن هوتر)، والمبعوث النرويجي الخاص للسودان وجنوب السودان (جون أنطون جونسون)، والمبعوث الخاص للمملكة المتحدة للسودان وجنوب السودان (روبرت فيرويذر)، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان (بيتر لورد) .. لتتسع دوائر التدخل الاجنبي في البلاد عبر استراتيجية المبعوثين الدوليين وتتكامل ادوارهم الخفية تنافسا مع القطب الروسي الذي وصل وزير خارجيته (لافيروف) اليوم الاربعاء 8 فبراير 2023م ليجد الملعب غارق بالمياه الاثنة المنبعثة من (خرطوم) المبعوثين الدوليين الغربيين المتدفقة منذ ليلة امس منعا لاقامة المباراة الروسية بالخرطوم ..

مواضيع ذات صلة

كارثة كبرى.. تسمي الأدوية الفاسدة بقلم. عزيز الخير

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: بنك السودان بين الخنق والإنفتاح

عزة برس

مصر .. قبلة التعليم الأولى للسودانيين بقلم : علي يوسف تبيدي

عزة برس

الضوء الشارد.. عامر باشاب يكتب: أي مستقبل تلفذيوني هذا ومستقبل بلادنا في ( ظلمات ) ؟!

عزة برس

عبد الماجد عبد الحميد يعلق على مسيرات التي سقطت في الساعات الأولي من صباح اليوم في منطقة النقل النهري بمدينة كوستي

عزة برس

هل نحن بخير بقلم: د. صديق مساعد

عزة برس

اترك تعليق