المقالات

سعد محمد احمد.. الرحم الاقتصادي يولد الأمراض النفسية.. سعد محمد احمد

بسبب الحالة الاقتصادية والفقر والحاجة والبحث عن البقاء على قيد الحياة انتشرت بشكل مزعج وكبير في السنوات الأخيرة عدد المجانين ومرضى الأمراض النفسية والعقلية في البلاد تقرأ على وجوههم لكل قصة معاناة عائلية، اسرية، أبناء، زوجات، أزواج، مآسي تفكك أسر، طلاقات، هروب أزواج، انحراف وانحدار أخلاقي وقيَمي، ومن خلال الأحاديث العشوائية للمرضى التي تطلقها ألسنتهم أو حركتهم الجسدية ليتيح للمراقب معرفة مدى نوعية المرض النفسي والعقلي الذي يعاني منه المريض، في مجتمع يعاني المواطن غياب الانسانية وغابت فيه الدولة عن دورها في ضرورات الناس الحياتية وغابت العدالة الاجتماعية وفقد المواطن حقه في التعليم والصحة المجانية والضمان الاجتماعي واصبح الحاجة والجوع تطحن الغالبية في مجتمع غابه تنهش وحوش بشرية نيوليبرالية البسطاء وتتغذي على حقوقهم وكل شي أصبح (مباحا) بيئة صالحة لتوالد الأمراض النفسية والعقلية والعصبية كل أمراض الجنون، حير علماء النفس وأطباء الأعصاب، وطن يشكل سياساته الاقتصادية ضد الإنسانية، ولا تسع مشافيه للأمراض العقلية والنفسية والعصبية استيعاب الحجم الهائل من عدد المرضى الدي يزداد بشكل يومي.
هذا ما بات واضحا وتكشفت بشكل جلى الرابط بين الرأسمالية والأمراض العقلية، كل يوم عدد الدراسات والتقارير عن ذلك مهول.
فالراسمالية النيوليبرالية نظام يعتمد على غالبية بشرية تعيش في خوف دائم وانعدام الأمن مقابل أقلية تساوي نسبة ( ١٪) يعيشون كالالهة وهذا النظام يكبح نظام الأجور ما يعني أن زيادة الدخل تؤدي إلى أنهاك العمال بعدد ساعات عمل أكبر لطلب حياة كريمة في دولة السكن فيها ليس حقا بل سلعة ريعية تحقق أرباحا طائلة من تضخم الأسعار المتسارع والايجارات ما يعني إيجارات أعلى وحصة أكبر من الدخل تقتطع من الغالبية، والعلاج سلعة محتكرة من شركات عالمية برساميل ضخمة، فانتاج الأدوية يخضع لقواعد السوق والابتكار في هذا المجال أيضا، ومتى ما وصل الأمر إلى أدوية الأعصاب التي يفترض أن تعالج. الاضطرابات التي تنتجها الرأسمالية النيوليبرالية في المجتمع يقع المستهلك المريض في فخ الإدمان الذي ينتج أرباحا إضافيا لهؤلاء (حبة دواء تجعلك اكبر وأخرى تجعلك صغيرا وتعيش في وهم سعادة افتراضية لبعض الوقت والتي تعطيها اياه والدتك أو والدك لا تفعل شيئا على الإطلاق) عندها يموت المنطق والتنافس بطريقة شنيعة تدخل سوق العمل فتجد نفسك في سباق مع الفئران تركض على عجلة داخل قفص ومهما بذلت من جهد العجلة تدور في مكانها فقط، تريد أن تكون ذلك العصامي الذي سهلت له الرأسمالية الخروج من الفقر هكذا سوقوها إلى الكوكب النيوليبرالية كأنها نجم يلمع من شدة البهرجة ثم تهوى تتكور على نفسك حتى تتضاءل الأمور تجري بسرعة كبيرة في الخارج وانت لا تسعك اللحاق أو الفكاك منها أين الخطأ؟ تسأل نفسك لم علي الأمور أن تكون هكذا؟ انها النيوليبرالية.
ذكر عالم النفس الالكلينيكي والمعالج النفسي ( جاي واتس) في صحيفة ( الغارديان) أن العوامل النفسية والاجتماعية بالنسبة للكثيرين هي السبب الرئيسي للمعاناة ويقول إن الفقر وعدم المساواة والتعرض للعنصرية والتمييز على أساس الجنس (الثقافة التنافسية) كلها عوامل تعزز المعاناة النفسية ويوضح أن الحكومات وشركات الأدوية لا تهتم بهذه النتائج بل تخصص التمويل للدراسات التي تبحث في الأسباب الجينية والعلامات البيولوجية بدلا من الاسباب المحيطة بالفرد والتي يسبب الاضطراب النفسي بدوره يقول مؤلف كتاب (إله النصف الأيسر من الكرة الأرضية ومحرر الذات السياسية في فهم السياق الاجتماعي للأمراض العقلية) في مقال له أن العديد من الأشكال المعاصرة للمرض والاضطرابات النفسية الفردية التي نعالجها وتعامل معها تبدو مرتبطة بالراسمالية ونتائجها الثانوية، في الواقع يمكن القول إن الرأسمالية في كثير من النواحي نظام يولد الأمراض العقلية، وإذا كنا جادين في معالجة ليس فقط آثار الاضطرابات والأمراض العقلية إنما أيضا أسبابها وصولها، فنحن بحاجة إلى البحث بشكل جدى وأكثر تحليلا لطبيعة الرحم السياسي والاقتصادي الذي خرجت من تلك الأسباب وكيف يتشابك علم النفس بشكل أساسي مع كل جانب من جوانبها.
كما أن كثير من الدراسات الحديثة تدور حول ما تشكله النيوليبرالية الاقتصادية من خطورة على الصحة العقلية وهل علم النفس هو علاج أخلاقي في ظل النيوليبرالية؟
في كتاب (مون بولي كابيتال) يوضح الكاتبان عواقب الرأسمالية الاحتكارية على الراحة النفسية بحجة أن النظام يفشل في توفير أسس مجتمع قادر على تعزيز التنمية الصحية والسعيدة لأعضائه وينظر إلى العمل على أنه ممتع للأقلية المحظوظة فقط بينما يعتبر بالنسبة لغالبية تجربة غير مرضية تماما.
لم تعد السلع الاستهلاكية تستهلك لاستخدامها بل أصبحت علامات راسخة للمكانة الاجتماعية كوسيلة للتعبير عن الوضع الاجتماعي للفرد، واصبح تلبية الاحتياجات الأساسية للبقاء فإن العمل في الاستهلاك يفقدان بشكل متزايد محتواها الداخلي ومعناها والنتيجة هي مجتمع يتسم بالفراغ والتدهور مع وجود احتمال ضئيل لتحريض الطبقة العاملة على العمل الثوري، غير أن الواقع المحتمل هو استمرار ل (سيرورة الانحلال الحالية مع التناقضات بين ضغوط النظام والاحتياجات الأولية للطبيعة البشرية التي تصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى ما يؤدي إلى انتشار الاضطرابات النفسية الشديدة بشكل متزايد) للأسف سيرورة الأزمة الاقتصادية بعد ثورة ديسمبر المجيدة زاد (الطين بله)
نشر موقع (المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية) عن تحديات الصحة العقلية المتعلقة بالراسمالية النيوليبرالية في الولايات المتحدة يبين أن معدلات الإصابة بالأمراض العقلية ازدادت بشكل كبير على مدار الخمسة عشر عاما الماضية في الولايات المتحدة وعلى مدى العقد الماضي تساءل البعض عما إذا كانت التغييرات ناتجة عن السياسات والايدلوجيات النيوليبرالية التي تدمج نظريات ازالة جميع القيود المفروضة على السوق وتقليل برامج المساعدة الحكومية ومنذ ذلك الحين أدت هذه السياسات إلى عدم المساواة في الدخل وإضعاف العمال والاستعانة بمصادر خارجية لوظائف التصنيع وعدم كفاية الخدمات الاجتماعية ونظام رعاية صحية باهظ الكلفة وغير فعال، وأظهرت الدراسات أن عواقب هذه السياسات والايدلوجيات من المحتمل أن يكون لها دور في معدلات الأمراض العقلية ويذكر التقارير أن انخفاض التمويل للبرامج الاجتماعية وإصلاح الرعاية الاجتماعية ساهم أيضا في زيادة تشخيص الأمراض العقلية، إذ تحولت برامج الرعاية الاجتماعية التقليدية لتوفر فقط للأشخاص المصابين بأمراض طبية أو نفسية وقد ثبت بأن هذه النتائج نفسها تسبب الاضطراب الذي من المحتمل أن يسهم في زيادة معدلات الأمراض العقلية وتعاطي المخدرات والانتحار، تأثير الرأسمالية النيوليبرالية في ممارسة العلاج النفسي يكشف عملهم الذي نشر في مجلة (علم النفس البنائي) قدرة العلاج النفسي على معالجة الخطابات التي تضع الأفراد كعوامل تعزي معاناتهم إلى اخفاقاتهم الشخصية أو البيولوجية بدلا من الأذى الناجم عن الأنظمة وتقول الورقة(يمكن وصف العلاج النفسي في ظل النيوليبرالية بتناقض متاصل من ناحية أخرى يمكن أن يكون العلاج النفسي على الأدلة عندما يكون المعالجون النفسيون ربما يكون من غير قصد متواطئيين مع هذه الأجندات ويحدد ن المشكلات في الأفراد بدلا من الأنظمة، وأن التركيز النيوليبرالي على الاختيار الفردي قد يحجب حقيقة العنصرية المؤسسية والتمييز على أساس الجنس ويعزز فكرة ان هناك شيئا ما خطأ في الفرد وليس مع النظام الاقتصادي والسياسي نفسه وان تواطوء العلاج النفسي في مشروع النيوليبرالية ينعكس في ميل العلاج إلى تطوير إضفاء الشرعية على بعض أشكال المعرفة على غيرها. ويقسم السوق العالميةالادوية المضادة الاكتئاب على أساس المنتج، نوع المرض، المنطقة الجغرافية، وقد يكون للتركيبة الطبية أكثر من اسم تجاري وذلك بسبب انتشار الاضطرابات النفسية وزيادة الوعي بالاكتئاب والنمو في نفقات الرعاية الصحية وزيادة عدد التجارب السريرية.
هنا لا بد أن ندق ناقوس الخطر للدولة والجهات المعنية وأصحاب الشأن في منظمات المجتمع المدني بأن السياسات الاقتصادية النيوليبرالية هي السبب الأساسي والرئيسي في تفكك الأسر والجنون والاضطرابات النفسية والعقلية والجرائم والانحلال الأخلاقي وانتشار المخدرات وتجارة البشر ولا سيما في بلادنا التي رفعت الدولة يدها وغابت مسؤوليتها تجاه مواطنيها وفقدان دعم الأسر والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي
……………………………….. 20سبتمبر2022

مواضيع ذات صلة

كلام سياسة.. الصافي سالم أحمد يكتب: وزير الخارجية : ملفات في الانتظار

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: يا نجوى كلنا فى الحكمة شرق

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: إعدام وزير ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: من يستحى لهولاء من؟

عزة برس

هناك فرق – منى أبو زيد تكتب: من يجرؤ على الكلام..!

عزة برس

محمد عبدالقادر نائبا للرئيس.. الاتحاد العربي للاعلام السياحي يعلن تشكيل مجلس ادارته الجديد.. الاعلان عن فعاليات في مصر والامارات والسعودية وسلطنة عمان

عزة برس

اترك تعليق