*دولة القانون*
*قوانين التعاون*
يتمتع السودانيون بكل أسباب الشعوب العظيمة غير أن مصيبتهم في حكوماتهم المتعاقبة التي أبت إلا وأن تمارس ضدهم فرض ذاتها عنوة حتى وإن افتقرت لأدنى مقومات إدارة نفسها ناهيك عن غيرها.
من إيجابياتنا الكرم والفزع للنصرة. الخصلتان معدومتان بمعظم الشعوب، مع ذلك حكوماتنا وبدلاً عن الاستثمار في تلك المقومات عمدت لتكسير جوهرها بحسبان بقائها في تقطيع أواصر تواصلنا وتدمير تعاوننا، على طريقة فرّق تسد.
لغياب قيمة التعاون تفشى الحسد والانانية، فظلت الحكومات ضعيفة لتنهار ذاتياً دون أن تبذل الجماهير سوى الانتظار. إذا قبلنا الفرضية في حق الأنظمة الدكتاتورية، فاتباع التفرقة في حقنا ليس بمقبول من حكومات الديمقراطية الانتقالية أو حتى المنتخبة. واضح أن العلة في عقليات من ينبرون للعمل العام لإدراكهم أن فرص صعودهم الطبيعية منعدمة.
لوقت قريب لم تكن مجتمعاتنا تعرف صندوق دعم الطلاب ولا الداخليات المنتشرة بالمدن. بديوان معظم البيوت كان يتوفر السكن والإقامة للطلاب والطالبات بلا منٍ أو أذى. اضمحلال روح التعاون غيرت سلوكيات السودانيين، فجعلتهم يفشلوا في إنجاح ولو مجموعة واتساب أو اتحاد ملاك بناية أو لجنة خدمات أو تنظيم حركة المرور لمجرد انقطاع التيار الكهربائي بشوارع جانبية.
ها هي الثورة تكمل عامها الثاني وتستشرف الثالث مكررة أساليب الأنظمة البائدة في التسول وطلب الدعم الخارجي. من الأبجديات أن “البكاء بحرروه أهله”. ما لم نتعاون ونتماسك داخلياً سيظل ابتزازنا واستغلالنا ومواردنا بثمن بخس. من يوم الثورة الأول كان متوقعاً أن تنتظم كل قطاعاتنا التعاونيات بوصفها الحل الوحيد لإزالة التشوهات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية. وزير الصناعة والتجارة السابق ورغماً عن حماسته لم ينجح ولو في برنامج سلعتي لخلوء مشروعه من جوهر الإرادة وحسن الإدارة. في نظري المتواضع، التعاون ليس مجرد تكتيك أو حل مرحلي لأزمة وطن وإنما خيار استراتيجي يجب أن تتداعى له الجماهير ليلزموا به حكومة الثورة.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
10 مارس 2021
