المقالات

لنا كلمة : سعدمحمد أحمد يكتب : التحرر من الهيمنة

من غير المنطقي راهنا التفكير بأن اية عملة في العالم قادرة على استبدال الدولار كعملة مهيمنة على النظام المالي العالمي فالمسار الذي اتخذه الاقتصاد الأمريكي ومعه الدولار لتسيدالنظام العالمي أتى في ظروف جعلت الاقتصاد الأمريكي مركزا ماليا قادرا على مد العالم بسيولة وهذه الظروف لا تتوفر عند أي دولة على الأقل في الوقت الحالي، الا ان التخفيف من هيمنة الدولار ووضع حد له يمكن عبر قيام احلاف تجارية بآليات دفع وتمويل غير مرتبطة بالدولار تخفف الاعتماد عليه
تتحدث الناس عن نظام (السويفيت) التي من خلالها تمارس الولايات المتحدة البلطجة تجاه الدول لاخراجها من نظام (السويفيت) كما حدث مع روسيا اخيرا لكن الأمر ليس بهذه البساطة فنظام (سويفت) هو مجرد نظام رسائل دوره في نقل أوامر التحويلات المالية بالدولار بين الحسابات وتستخدمه أمريكيا في عقوباتها لمنع. الدول التي تريد منعها من استخدام الدولار في معاملاتها التجارية.
فالدولار هوالسلاح الحقيقي الذي تملكه أمريكيا بوجه الدول التي تتحداها، وهيمنة الدولار النظام المالي العالمي هو ما جعل هذا السلاح فتاكا.
هيمنة الدولار جات من خلال الحرب العالمية التي لم تتورط فيها أمريكيا وهي البلد الوحيد الذي لم يتضرر من الحرب، وبسبب الحرب ازدادت حاجةالبشرية للمواد الأولية والتصنيع لتعويض الخسائر، فكانت أمريكيا بحكم انها لم تتضرر من الحرب أصبحت المصدر الوحيد لتغطية حاجات الدول التي دمرتها الحرب، كما أن قدرتها الصناعية كانت كافية لزيادة الإنتاج بشكل يلبي زيادة الطلب لذا ازدادت الحاجة إلى الاستيراد من أمريكيا ما أدى ذلك إلى مراكمة ديون هائلة على الدول لحساب الولايات المتحدة الأمريكية التي رفضت التسامح مع الدول المدينة وتاسيسا علي ذلك نشأ بعد الحرب العالمية الثانية في عام ١٩٤٤ نظام (بريتون وودز) الذي أرسى الدولار كعملة احتياط متداولة عالميا ترتبط فيها كل عملات العالم فيما هو مربوط بالذهب،
هكذا أصبح الدولار عملة مهيمنة.
منذ بداية الألفية الحالية انخفضت حصة الدولار من الاحتياطات العالمية بشكل كبير وهو أمر تسارع بعد بعد أزمة عام ٢٠٠٨ هذا الانخفاض لا يعني بالضرورة أن هيمنة الدولار تتلاشى لأن تنويع الاحتياطات الذي حصل خلال تلك الفترة لا يشمل عملات الدول (المعادية) للدولار فإذا قررت أمريكيا فرض عقوبات على دولة ما تحذو دول حذو القرارات الأمريكية لأنها هي وعملائها تحت رحمة النظام المالي الذي يتسيده الولايات المتحدة، وفي الوقت الحالي لا يوجد أي اقتصاد لديه العمق المالي الكافي لاستبدال الولايات المتحدة كقائد ومصدر للسيولة العالمية لذلك تصعب علي عملة واحدة أن تحل محل الدولار كعملة مهيمنة عالميا، بل يحتاج الأمر إلى قوي اقتصادية عالمية متحدة تواجه النظام القائم قد يكون على شكل احلاف تجارية (حلف واحد أو احلاف متعددة) بمعنى أن تكون هذه الاحلاف مستعدة للقيام بتبادلاتها التجارية بالعملات المحلية،( بريكس) احد الأمثلة وهو حلف تجاري نشأ عام ٢٠٠٩ إثر الأزمة المالية العالمية ويضم البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا يمثل هذا الحلف نحو ٢٤٪ من الناتج المحلي العالمي ونحو ١٦٪ من قيمة التجارة العالمية قد يشكل هذا النوع. من الاحلاف تهديدا للدولار إذا كانت لديها الجرأة للقيام بتحدي جدي.
ثمة نموذج واضح ما عليه حال السودان بعد انفاذه مطلوبات صندوق النقد الدولي دون مقابل وامامنا مقابلة التجربة المصرية والوقوع في أزمات لأنها باتت مدمنة على التمويل الخارجي،.
ففي عام ٢٠١٦ شهد الاقتصاد السوداني أزمة كبيرة انتهت بتعويم الجنيه السوداني وانتهت معها سعر الصرف الثابت للعملة السودانية تجاه الدولار، والانخراط في إنفاذ برامج صندوق النقد الدولي اعتبارا من عام ٢٠١٧ ودون إجراء أي تعديلات جوهرية على النموذج الاقتصادي السوداني ولا سيما لجهة علاقاته مع الخارج، رغم استعداد وانفاذ السودان بالإصلاحات التي فرضها صندوق النقد الدولي على بناه التشريعية والمالية، لتصل إلى ثمة مجموعة من المؤشرات الاقتصادية والتي تشير عنوانها ركود متواصل وممتد وانحدار متواصل منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر إذ أن الأرقام الظاهرة ليست سوى نتيجة تلقائية للاقتصاد المتروك للسقوط الحر وهذا يحدث بعلم وعلى يد الزمرة الحاكمة التي تسمح بتدمير البنية الاقتصادية للسودان والسماح بتهريب موارد البلد الاقتصادية التي تمكن أن تشكل قوة دفع للعملة الوطنية والتعافي للجنيه السوداني إذا وجهت هذه الموارد إلى الوجهة الصحيحة في الخروج من هذا المستنقع والبحث عن احلاف تجارية تكون فيها وقع متميز للسودان بما يملكه من موارد طبيعية ومياه وأراضي زراعية وثروة حيوانية وثروة حيوانية ومعادن وموارد بشرية دون وصاية أو هيمنة من أي كان مصدرها فإن الصراع في أوكرانيا قد يضع حدا للعولمة التي شهدناها خلال العقود الماضية وان العالم سيكون أمام مجموعات دولية إقليمية تتعاون ما بينها ولا يمكن إنكار أن الصين استطاعت أن. تبني أهم الشركات للتجارة الداخلية عبر الإنترنت وقدمت منتجات رقمية محلية مشابهة للتطبيقات الغربية مثل وينشات وتيك توك استفادت الصين من الانترنت بشكل كبير من دون أن تسمح له بتمرير القيم الغربية إلى مجتمعها، وروسيا بعد حربها مع أوكرانيا نشطت شبكة الإنترنت الخاصة بها (Runet) بازالة نفسها من الانترنت العالمي لتحديد قدرتها على العمل بشكل مستقل، الصراع الاقتصادي الذي يشهده العالم اليوم لابد من قراءته قراءة صحيحة وان نضع السودان في الاحلاف التي تعود بالنفع إلى السودان دون هيمنة الدولار التي أرهقت الشعوب ودون التخبط في السياسات الاقتصادية التي غابت فيها الرؤية والتي تعاني منها بلادنا.
… ………. ……………… …
الخرطوم 17اغسطس 2022

مواضيع ذات صلة

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: رسائل د. طه حسين (1).. نهر النيل بعيدا عن السياسة

عزة برس

ماذا لو أكل “كباشي” التفاحة؟ بقلم: رشان أوشي

عزة برس

عمار العركي يكتب: خبر وتحليل : امس “المفضل” في روسيا ، غدا الإمارات في مجلس الأمن : المخابرات تُحاصر الإمارات

عزة برس

الهندى عز الدين على “إكس” يعلق على جلسة مجلس الأمن بشأن عدوان الإمارات على السودان

عزة برس

بُعْدٌ و مسَافَة .. مصطفى أبو العزائم يكتب: الروس قادمون

عزة برس

العطا لمن عصا بقلم: بدر الدين عوض الله المحامي

عزة برس

اترك تعليق