الأخبار

*عقيد معاش بجهاز المخابرات يكتب : أنس، فك آخر الشفرات ومضى..

 

(أصلاً ناس الفنية ديل ، “علماء” و “فنانين” ، بتاعين ترطيبة ، ضاربين الهمبريب مع الأجهزة والسيرفرات وال “Id” و “Location” ، ونحنا الما “كملنا تعليمنا” جاريين في حراية “الميدان” وما ادراك ما الميدان..
– هكذا كان انطباعي، وربما كثيرين من الزملاء ، قبل أن يجمعني العمل الميداني بتيم منهم ، فكنت من المحظوظين وانا أعايش بدايات سيناريو “الجوكر” ، الشافع اليافع النحيف، المشاكس ، كثافة شعره المتمرد مثله تجاوز رأسه ، وتدلي حتى كتفه ، ولا تكاد تستبين ملامحه ،إلا إن أذن هو بإزاحة الشعر عن وجهه.
– سألت الضابط الأعلى رتبة والمشرف عليه ، ده منو ؟ اجابني ضاحكاً وبإقتضاب مهني :
(ده مصيبة وبلوة اسمو “انس” وتوقيعه “الجوكر” ، لكن “بجي منو”) ، وذلك قبل أن يصرف التعليمات للضابط المشرف الأقل رتبة.
– بعدها جاء الضابط المشرف الأقل رتبة وحسب التعليمات قام بإستلام ملف “الجوكر ” ، *ومن هنا*، بدأت حياة جديدة “للجوكر ” ضمن رواية مخابراتية واقعية عنوانها “الوطنية والمهنية والتجرد” لا تروي ولا تكتب ولا يعلم بها إلا من عايش وشاهد إحدي فصولها عن قُرب ، ابطالها “ضابطان وجوكر”.
– دارت السنين ، وتفرقنا في دروب العمل بالجهاز ، ولم التقي أنس ، إلا بعد تقاعدي وذهابي إليه في منزله في مدينة بحري بحلة حمد معزياً في وفاة والده ، ودار بيننا حديث العام والخاص ، قال لي “أنس” :-
والله يا سعادتك فقدي ما واحد؟ أنا فقدت “ابواتي الإتنين” ابوي محمد وابوي سيادتو (…..)، – الضابط الأعلى رتبة – ، اتخيل يا سعادتو ، سيادتو (….) ينزلوهو ؟ ولا سيادتو (…..) – الضابط الأقل رتبة – موجهين ليهو 130 قتل متظاهرين ، وبدأ في نوبة من البكاء الهيستري المخلوط بالحزن والأسف والحسرة على النكران والجحود وعدم تقدير العطاء ، قبل أن يكفكف دموعه بيده ، وفي برهة تبدلت ملامحه البرئية إلى غضبة تشوبها عزيمة وإصرار وهو يقول بصوت ينُم عن إصرار : –
لكن والله يا سعادتك الموضوع ده إلا افك شفرتو – هكذا كان يردد هذه المقولة امام أيما معضلة – وتفرقنا .
*- ولم التقيه بعدها* ، إلا وهو جثمان مسجي بمسجد القيادة العامة يُصلي عليه صلاح مناع ، والذي في صباح ذات اليوم المشئوم يريد ان يفكك الجهاز “مباشرةً ، فقام (انس) بفك شفرته في المساء.
*- لم إلتقيه إلا في صورة* ملونة، تتخاتفها الأسافير والفضائيات مزيلة بكلمات ظلت وما زالت مكتومة وحبيسة في صدور كل العضوية وستظل ، لأن قناعتهم وتربيتهم الوطنية تحدثهم دوماً بأن إبداء أيما تذمر او إستياء او التعبير عن ظُلم و غُبن – وإن كان شخصي- في حد ذاته يُعد إفشاء لأسرار الدولة يستفيد منها العدو” .
*- لم ألتقيه إلا في بوستات* ومقالات تحكي عن بطولات وعطاء جهاز المخابرات العامة في زمن الإستهداف والظلم الذي حاق بهذه المؤسسة وبكل عضويتها دون إعتبار لحاجة الوطن الماسة لهم ولمؤسستهم.
*- لم ألتقيه إلا في (كلمة حق)* قيلت ممن قسم له ربي “فضيلة الإعتراف” بخطئه في توصيف ووصف مؤسسة الجهاز الخالصة الوطنية ، عن جهالة او بدافع تجربة شخصية مرَ بها ، فكانت كلمات العرفان والمؤاساة والدعوو لرفع المظالم وكسر قيود التكبيل والتخذيل حتى يستطيع الجهاز القيام بدوره الطبيعي والطليعي في حماية وتأمين مصالح ومكتسبات البلاد والعباد.
*- لم ألتقيه إلا في ظلام مقابر* حلة حمد ونحن نواري جسده النحيل الثري ، برغم الظلام والعتمة ، كانت ملامح وتقاسيم “انس” تعتري قسمات عدد من الشباب الحضور ، سنا برقهم يخطف الأبصار ، ووجوهم دون الآخرين وضاءة مستبشرة ، وبالسؤال عنهم قيل لي انهم بقايا من “أنس” ، جزء من كل الدفعة 39 ، كانوا بذات ملامح وصفات وعزيمة الشهيد وهم علي عهده سائرون ، حينها إستدركت أن الرقم 39 مضاعف للرقم 3 – ضابطان وجوكر – إستيقنت حينها أن أنس لم يمت ،
– أنس ، مضي بعد أن فك آخطر الشفرات ، شفرة تفكيك الجهاز ، واوصل رسائل المؤسسة وعضويتها فعلاً وليس قولاً.
بُشراك أم الشهيد(سامية) بُشراك أُخت الشهيًد (ريم) بُشراكم إخوته وأهله ، له الرحمة ولكم الصبر وحُسن عزاء .
– “أنس” ، طبت هانئيا بمتكاك في الفردوس الأعلى مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا،
عقيد أمن معاش ع.م.س
2021/9/29م

مواضيع ذات صلة

الجودة توقع مذكرة تفاهم مع إشراق أفريقيا

عزة برس

هند حمدتو تعلن عن افتتاح مركزها للتجميل قريبا بالقاهرة

عزة برس

الضوء الشارد .. عامر باشاب يكتب: لا عقل تحت هذا العقال ..!!

عزة برس

المليشيا تفتل شاب فاقد الأهلية بعد تعذيبه

عزة برس

عقار: نحتاج لتسويق السودان بشكل مميز إعلاميا

عزة برس

إعلان حالة الطوارئ بولاية الخرطوم

عزة برس

اترك تعليق