- *دولة القانون*
*الدوش والبرهان*
الوثيقة الدستورية وإن نصت على منح رئاسة مجلس السيادة عن النصف الأول للمكون العسكري إلا أنها سكتت عن منصب النائب الأول والذي كان من المفترض أن تسميه الوثيقة مدنياً منعاً للغموض وتحقيقاً لعدالة التفاوض وتبادل الحقوق. السلطات المقررة لأي مجلس منشأ بقانون لا تعطي لرئيسه أي حقوق أو مميزات. بعبارة أخرى رئاسة المجالس تشريفية لتنظيم الاجتماعات وإدارتها دون أن تخول للرئيس منفرداً إصدار أي قرارات في غياب بقية الأعضاء ما لم يتوافر النصاب القانوني. قرارات المجالس تصدر بالأغلبية وكثيراً ما يسقط الجانب الذي يصوت معه الرئيس. في غياب التفويض الصريح، معظم التشريعات تقرر ألا خصوصية لرأي الرئيس إلا في حال تساوي الأصوات، فيكون للمجموعة التي معها الرئيس صوت مرجح.
إذا جاز أن نعطي لمجلس السيادة الصفة الاعتبارية طبقا للوثيقة الدستورية، فإن حق تحريك الإجراءات القانونية المدنية أو الجنائية ليست من اختصاص الرئيس أو بعض الأعضاء وإنما هي من صلاحيات المجلس مجتمعاً. ثورة ديسمبر المجيدة وسيلتها لتحقيق غاياتها سيادة حكم القانون. رئيس مجلس السيادة إذا كان التوفيق حالفه بقلب الطاولة وتحويل هزيمته لنصر أو تعادل وظهور خصومه علناً ضاحكين ومنتشين، فتجاوز معركة الشاعر الدوش لن تكون سهلة كسابقاتها. الدوش شاعر مجيد، كتب وعبّر بمصداقية، فلا تستطيع أي جهة ان تطلب منه تفسير كلماته أو مقاصدها لأن الشاعر يفصّل لكل المقاسات، وصاحب الحظ يلبس، فالعبرة بعموم اللفظ لا خصوصية المقاس.
السادة، ومنذ الاستقلال، عمدوا على استغلال سطوة القانون لتحقيق مكاسب شخصية ولو بنقض الدستور وتقييد حريات المواطنين والمبدعين. السادة، في كل مرة أهداف السادة الذاتية لا تتحقق، فيسقطوا لكن ليس وحدهم وإنما بثمن غال الخاسر الوحيد فيه هو الوطن والمواطن. يا سادة هيبة الدولة ليست لعبة ولا يجوز أن تخضع لمغامرات ومساومات ثمنها الدماء الغزيرة.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
12 مارس 2021
