المقالات

إستراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: 0اتفاقية اديس اببا للسلام: ربط الحاضر بالماضي !!

 

 

– بعد مرور ٤٩ عام على اتفاقية اديس اببا للسلام بين شمال وجنوب السودان في العام ١٩٧٢م .. هل يمكن استدعاء الماضي مع الحاضر لاستخلاص الدروس والعبر ؟؟ ..
– الشواهد التاريخية تقول: عقب زيارة الرئيس نميري لاثيوبيا في ٨ نوفمبر ١٩٧١م شكلت الحكومة وفداً برئاسة أبيل ألير للدخول في مفاوضات لوضع تسوية لمشكلة الجنوب فيما ترأس وفد الجنوب أزبيوني منديري وعين مادنج دي قرنق متحدثاً رسمياً باسم المؤتمرين مع حرص الحكومة بأن تتم المفاوضات تحت ظل السودان الموحد، بينما طالبت حركة تحرير جنوب السودان أن تكون نداً مساوياً في المفاوضات، وان يتم ذلك في اطار دولي ، وان تلزم القوات المسلحة ثكناتها وأن يتم ذلك في إطار لقاءات بين الطرفين خلال شهر فبراير ١٩٧٢م في أثيوبيا والتي توصلت لعقد اتفاق أديس أببا تحت رعاية الإمبراطور الأثيوبي هيلاسلاسي وكان ذلك في يومى٢٧ فبراير عام ١٩٧٢م ..
– أهم ما توصلت إليه اتفاقية أديس أببا ١٩٧٢م أنها تتكون من العناصر التالية:
١. مشروع قانون أساس لتنظيم الحكم الذاتي الإقليمي في مديريات السودان الجنوبية وللمشروع ملحقين:
أ‌. ملحق الحقوق الأساسية والحريات.
ب‌. ملحق قانون بنود الإيرادات.
٢. اتفاقية بشأن وقف إطلاق النار في الإقليم الجنوبي.
٣. بروتوكولات التدابير المؤقتة وتعالج هذه البروتوكولات مسألة العفو العام والترتيبات القضائية وإعادة التوطين والترتيبات الإدارية وتشكيل وحدات قوات الشعب المسلحة في الإقليم الجنوبي.
– حصل الإقليم الجنوبي بموجب اتفاق أديس أبابا على الحكم الذاتي الإقليمي الذي يتيح لحكومة الإقليم إدارة شئونه بحرية تامة فيما عدا الأمور التي اعتبرت من سلطات الحكومة المركزية كالدفاع والشئون الخارجية والعملة وتخطيط التعليم، التجارة الخارجية، الجنسية والهجرة. ونظمت الاتفاقية طبيعة العلاقات بين الهيئة التشريعية الإقليمية والهيئة التشريعية القومية (المركزية) وأعطت الاتفاقية للهيئة التشريعية الإقليمية صلاحيات تشريعية واسعة وأجازت فرض رسوم وضرائب إقليمية إلى جانب الرسوم والضرائب القومية والمحلية وحددت علاقات السلطة التنفيذية الإقليمية بالمجلس التنفيذي العالي لجنوب السودان (سلطة الحكم الذاتي للجنوب) بما يعزز سلطات الحكم الذاتي الجنوبي وأكدت الاتفاقية على أنه (يشكل مواطنو المنطقة الجنوبية نسبة من مجموع قوات الشعب المسلحة وذلك بإعداد تناسب الحجم السكاني لإقليم الجنوب) ..
– أُعتمدت الاتفاقية اللغة العربية لغة رسمية للسودان والإنجليزية لغة رسمية للجنوب وفي مجال التشريع عهد القانون بسلطة التشريع في الأقليم الجنوبي إلى مجلس منتخب يمارس المجلس هذه السلطة لحفظ النظام العام والأمن الداخلي وإدارته بطريقة رشيدة حيث منح القانون مجلس الشعب الإقليمي السلطات الآتية دون تعارضها مع المسائل ذات الطابع القومي وهي:
١. تطوير استخدام الموارد المالية لتنمية وإدارة الإقليم الجنوبي
٢. التشريع فيما يتعلق بالعرف والعادات.
٣. تطوير اللغات والثقافات المحلية.
٤. التعدين والتحجير.
٥. التجنيد لخدمات الشرطة والسجون وتنظيمها وإدارتها وفقاً للسياسات والمستويات القومية ..
– نص القانون على إعطاء رئيس الجمهورية حق الاعتراض على أي مشروع قانون إقليمي يرى أنه يتعارض مع الدستور على أنه يجوز لمجلس الشعب الإقليمي بعد إطلاعه على وجهة نظر رئيس الجمهورية ان يعيد عرض مشروع القانون مرة أخرى ولتنظيم أمر الدولة وعلاقة الحكم الذاتي للإقليم الجنوبي مع السلطة المركزية أجاز مجلس الشعب الأول دستور السودان الدائم في ١١ ابريل عام ١٩٧٣م ووافق عليه رئيس الجمهورية في ٨ مايو عام ١٩٧٣م وعالج الدستور قضايا:
١. العلاقة بين الدين والدولة.
٢. العلاقة بين المركز والأقاليم.
٣. انتماء السودان القومي.
– إحدى عشر عاماً قضاها السودان في ظل إتفاق السلام بين شماله وجنوبه بفضل إتفاقية أديس أبابا في ١٩٧٢م وقد واجهت الاتفاقية العديد من التقاطعات والعقبات أدت إلى انهيارها والرجوع إلى مربع المواجهة العسكرية بجنوب السودان في ١٩٨٣م ويتلخص ذلك في الآتي:
١. اقرار مشروع قناة جونقلي للاستفادة من مياه المستنقعات وفهم الجنوبيين له مدعاة لاستنزاف مواردهم من المياه لصالح مصر والشمال السوداني.
٢. اكتشاف البترول في منطقة بانتيو بأعالي النيل بواسطة شركة شيفرون وارتباطه بإعادة ترسيم الحدود بين جنوب السودان وجنوب كردفان التابعة لشمال السودان وتدعيم ذلك بإنشاء مصفاة البترول في كوستي بدلاً من الجنوب مما أثار الشكوك لاستغلال بترول الجنوب بواسطة الحكومة المركزية لصالح الشمال.
٣. مشكلة تقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم بدلاً عن الإقليم الواحد الذي نصت عليه اتفاقية أديس أبابا.
٤. مسألة إعلان تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في سبتمبر ١٩٨٣م.
٥. تدابير تشكيل القوات المسلحة في إقليم جنوب السودان المنصوص عليها في اتفاقية اديس أبابا اقتضت دمج واستيعاب قوات الأنيانيا في القوات المسلحة وحددت فترة إدماجها بمدة خمس سنوات لتعمل في إطار السودان الموحد وعندما صدر قرار نقلها لشمال وتمردت الكتيبتين ١٠٤ و ١٠٥ بقيادة جون قرنق
٦. محاولات بعض القيادات الجنوبية وعلى رأسهم جوزيف لاقو محاربة تكريس وهيمنة أبناء قبيلة الدينكا على أجهزة الحكم الإقليمي وبذلك سعى ومن حوله لترويج فكرة تقسيم الإقليم إلى ثلاثة أقاليم ..
– من الواقع المعاش ان انهيار اتفاقية اديس اببا ١٩٧٢م كان مقدمة اعقبتها الخطوات العملية لفصل جنوب السودان ولازالت الاسباب مدعاة للمدارسة والاعتبار في الراهن السياسي لاتفاق جوبا للسلام وملامح الاقليم الواحد في دارفور والمسارات التفاوضية الجهوية والمناطقية كمسار الشرق والوسط والشمال وعمليات الادماج والتسريح لقوات الحركات المسلحة الموقعة على السلام ودخول طلائعها للخرطوم وجيوب اخرى من الحركات المسلحة التي لازالت خارج سيطرة الحكومة ولازالت تساوم على اتفاق سلام يحقق رغباتها .. فهل ستكون اتفاقية جوبا للسلام مدخلا لتفاصيل المشهد القادم في تقسيم الدويلات السودانية الخمس كما فعلت اديس اببا ١٩٧٢م بنفس تلك التفاصيل ؟؟ .. ام ستكون اتفاقية جوبا بردا وسلاما على السودان ووحدة اراضيه ؟؟..

مواضيع ذات صلة

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: وزير الداخلية والعين القوية !!

عزة برس

خبير اقتصادى: تجار العملة اتجهوا للعمل في مصر وجذب تحويلات المغتربين السودانيين

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: إبتسام نون النسوة منبرنا للسلام والعدالة

عزة برس

وجه الحقيقية.. السودان بين ديمقراطية العسكر المشروطة و دكتاتورية المدنيين الطامعة. – إبراهيم شقلاوي

عزة برس

بينما يمضي الوقت السيادى في الميدان ( كيفما اتفق).. أمل أبوالقاسم

عزة برس

الهندي عز الدين على منصة “إكس”: ماذا ينتظر عشرات الآلاف من الضباط والجنود المتكدسين في سنار بعد أمر العطا بدخول الجزيرة

عزة برس