المقالات

قهوة في حي اروما… يا زميل حارب الفلول بالوعي بقلم: صديق دلاي

كنت استمع لبنات المنظمات وهن يقمن بالعمل المنوط بهن نحو قبيلة من الفقراء والمعذبين في هذي الحياة الدنيا… وبعيدا عن حي اروما كانت نوال منقاش ضاحكة مستبشرة و فخورة بإخراج نساء وبنات من عالم الخمور والدعارة وتضحك على تلك الأيام وهي تدخل تلك الإمكان بنوايا مختلفة

تلقيت ومعي المترجم الحصيف أدهم معتصم بعزومة قهوة في حي اروما بدعوة كريمة من السيدة حليمة

كان كل شي مرتب في منزل السيدة عزيزة لتقديرهن بأنه يليق بالمنظمة التي تقدم لهن الخدمات والمحبة بينما الحكومة في حالة الطوارئ القديمة

حدثتني السيدة نوال عن شبكة نساء الدمازين نقطة ضوء القمر في ظلام دامس وحينما قابلت المديرة جواهر فهمت نصف الكوب الملي بولاية مرهقة من ثلاث حروب وظلال الأخطاء الكبيرة من الحنظل تحولت إلى ظواهر مؤسفة في إقليم غني وفقير وهذا توصيف يليق بالسودانيين

في منزل عزيزة كان كل شئ معد حتى إخفاء المراتب الممزقة بملايات نظيفة مشجرة بألوان حلوة والمكواة ممتازة
الحوش وسيع غرفتين ببناء متين مع مظلة ممتدة مع شجرة النيم العاتية وحظيرة بهايم غير موجودة وصفايح حمام تهدل من جنبنا و مستطيل اسمنت يبرهن عطش النيل الأزرق مفارقة تشبهنا تمام التمام وأظن أن الأخت عزيزة مغرمة بالزهور واحصيت منها ست بنوار اصفر وغير اصفر

وبسرعة قرأت لافتة المنظمة عنوان طويل بتفصيل يشبه منهج العمل

ودخلت نساء حي اروما على دفعات يحملن وجوه حزينة وحلوة ويحملن أطفالهن أيضا ثم جلسن مع صمت يحمل الكثير ربما لن يحكين شئ منه… ثلاث حروب ونزوح مستمر وفشل من الخرطوم المحروقة إلى الدمازين واحدة من أمهات الهامش في هذا الوطن الذي حير صندوق النقد الدولي والفاو وغيرهم وطن سلة غذاء العالم مهدد بالجوع وهو ممدد بفضاء زراعي خرافي وهاهي عزيزة ترش الحوش وتعد قهوة اروما وأحزاب السودان مازالت تتغالط حول الخطوة الأولى نحو الديمقراطية… الدستور ام فترة انتقالية أبدية

توسطت الدائرة سيدة أنيقة ومثقفة تعرف من هؤلاء النساء وماذا تريد منهن قبل مغيب شمس هذا اليوم سألتهن معلمة من الدرجة الثانية عن أشكال العنف وشرحن بين النكتة والهجوم على مجرم غائب حتى الشلوخ ودقة الشلوفة ونهرة الزوج فصرخ طفلا بين يدي أمه تحت نظر منظمة دولية و وصلت جوهر إلى تعريف العنف الجنسي كما وضحت الفكرة ثلاث حروب على وجوه أجمل بالحزن والحيرة والآلام القديمة كانت الابتسامة تشير إلى الآمال البعيدة

كانت جواهر تقوم بمهمة أحزاب سياسية عمرها مائة عام من العزلة وتحرض بالأسئلة ذاتها… لماذا نحن النساء نتعرض للعنف فاجابت أخرى… نحن ضعيفات…
كانت جواهر تفتح الجروح وتصب الملح برؤية التحرر وان التبليغ عن المعنف شي مهم وضروري.. كانت جواهر تمثل ثورة ديسمبر المجيدة ولكن تحت لافتة منظمة دولية وهذه مأساة لمن يفهم تداعيات الثورات الشعبية من حي فقير

نسينا المنظمة واللافتة وتحول النقاش لمزاج عائلة كبيرة عائدة من دوام طويل… تحدثن عن العنف الأسري.. المشاجرات والمدارس التي تطرد الإنجال بسبب الرسوم.. ما هي الحقوق المتبادلة.. ساضربه لو اعتدى على.. لكن الطلاق والأطفال بتشردو وتقول رابعة… هناك ضرب الريدة وتضحك خمس نساء دفعة واحدة بعيدا عن المثقفين والبحث عن دستور دائم وبقية الوهم كما يرفض رعاة الامبرروا مقايضة ناشط سياسي بخمس عجول تنتظر الخريف خلال أيام

وبسؤال نازف.. ما هو العنف الاجتماعي شرحت جواهر وان المعتدي الاثيم هو مجتمع كامل يظلم الأرملة والمطلقة والعانس كما تعثرت جواهر في مقولة… أبغض الحلال إلى الله.. كما وصلت حليمة بقامة عادية ولون ابنوسي وطلعة منتصرة ونوال تعرف سر هذا الكبرياء الماجور بثواب مؤكد

و حليمة تمسك ورقة وقلم تسجل النقاط فلديها احلام صغيرة متزاحمة بعد نجاح صندوق الريحة وسط سوق القماش والمحلية تطاردها أيضا… قالت لجواهر افكر في الزراعة وتضحك مريم على ضرب الريدة بينما بت عزيزة تداعب في خاتم فضي سقط أمامنا ما أجمل الحياء وفاطمة تراقب ضيوف امها مبلمة تنشر سلام شعبي تقاوم الجمهوريات الفاشلة هذه المرة بسلام من عيونها

ازدهر المكان بالمسؤولية الجديدة وارتفع شان القهوة وحكايات النزوح الأخير.. هذه يا دلاي إمرة من الفولاذ خرجت من الدمازين ثم عادت لها بعد الحريق الجاري فلم تجد من يقول لها ألف حمد الله على السلامة

عادت جوهرة لمعلمة من الدرجة الثانية حزينة لكل المالات وكيف واجهن ظروف قاسية أثناء تهدئة المروعيبن في النزاعات القبلية الأخيرة… تخيلي معي طفل لم يسكت من الصراخ المتواصل ليومين كاملين والأمهات صعب عليهن الاكل والنوم… فسقط قلم حليمة وهي تكتب أحلامها القادمة مرعوبة من الحكايات والتفاصيل وكيف أن زكاة مدني رفضت إسعاف مسيحية وبأنها خارج التغطية وتحلف جواهر بالقصة موثقة والسيدة موجودة

ومع ذلك تشكر حكومة غايبة بينما المنظمات تقوم بالواجب مع كافة الظنون
تشكر الحكومة لأن منزل عزيزة يطل على شارع رئيسي وبه مراوح ونور وبالحي شرطة وأفراد جيش وهذا يكفي أن تقوم مع الفجر هؤلاء النسوة اللائي ضحكن لسؤال جواهر عن عملهن فقلن انها الطعمية يا سيدة جواهر

ومثل الملايات المكوية وزعت بنات في عمر الزهور عمر الغرام عمر المنا وزعن فناجين القهوة وكبابي شاي اللبن بصمت ونقاء وبعلو الضحك لنكتة قديمة يا راجل دق دقكك تفاديا للطلاق وبينهن اختلاف الرؤى فكان أجمل اشتباك في حضرة القهوة والآمال الشاردة

كنت اعزي اليسار العريض هذا يومكم ويا زميل الثورة والتغيير حارب الفلول بالوعي ومثلكم حزب الأمة مازال يتغزل في أمامه الراحل والإسلاميين بعد خراب سوبا الكبيرة سودان العزة الذي تغنوا به ثم قتلوه ومثلهم الجمهوريين والمؤتمر السوداني والبعثيين
جميعهم غياب عاجزين أن يفعلوا كما تفعل سيدتين بأمر من منظمة دولية أو محلية فالمارب هي المارب

وتحول اشتباك نسوان الحي إلى إعتراف بأن الفقر هو أبو الأزمات و بأهمية الطعمية منذ الفجر فهي أصدق من الحكومة وأسرع من أصحاب القباب في حل المشاكل
وتغالطن أيهما أفضل للصغيرات فالزواج المبكر عبارة عن مشروع تخلص من العبء الثقيل والزوج دائمآ هو المتهم الأول ومع ذلك يدق الباب صاحب الدار ويسلم ابنته كيس الرغيف ويختفي بأدب جم يترك لضيوف عزيزة الفرصة كاملة وقد ظهر لبرهة من الزمن جميلا بملابس الدوام ميكانيكي شريف وصبور

وترفع حليمة القلم وتتهم المدارس بجريمة طرب التلاميذ بسبب الرسوم وتضع جواهر في عمق كل إمرأة جملة من الرصاص

… خلينا نكون واعين ودي حقوق…

وصلت فناجين القهوة ذروتها والشاي باللبن على إيقاع عقد الجلاء كما وصف الراحل القدال فنجرية حي اروما.. البراد لابس تاج وترماج اروما غير موجود حتى في منهج السلف وأمامنا خاتم فضي على الأرض… الحياء يقتلها.. مبلمة في عمر الزهور والحديث عن الهوية الوطنية كما غناه الكبار وكل أجزائه لنا وطن

ازدهر المكان دعما للمسولية في البلد وطرحت مشروعات تناسب الأحلام الصغيرة شغل صناعة صابون محلي… السروتية… وبعلو صوت أغلبية الشعب من منزل عزيزة… علمينا اي شغلة… والزهور الصفراء تتفتح للتو فالمساء قادم لا محالة واذان المغرب يرتفع حتى أحياء سانتياغو فالخمور والدعارة تحكم المزاج ومع ذلك يصلهم الأذان
… صابون…
نعم صابون معجنات ورسم الحناء وقد ازداد مع الأذان هظار نسوان الحي بأجمل همز واجمل لمز في حضور سيدتين وغياب حكومة وأحزاب ومثقفين وامرنا حير الفاو ذاتها و زوج عزيزة هو الفائز طبعا

ومع وداعنا ازداد التعلق بالثريا من حيث البؤس… جواهر تجيد التحريض الذي عجز عنه اليسار سيد الحجة في هذه الجلسة وتقول لهن أن عواطف عيسى زرعت البامبي وان المنظمة ترتب لها السفر إلى نيروبي

… نعم…

نيروبي وليست الخرطوم التي بتوقيت خصوم ثورة ديسمبر المجيدة صارت ظلام ومواطنها جثة فوق صقور حايمة ومعها كلاب متوحشة بينما الحرية والتغيير لم تفهم بعد خسارتها الكبير وماساتنا أن الامتحان كان مكشوفا وكذلك كان السقوط خرافي

صديق دلاي
ديسمبر ٢٠٢٣

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *