المقالات

على كل. محمد عبدالقادر يكتب: الخارجية .. (وزارة بلاكبير)

لم يورد وزير الخارجية المكلف على الصادق اية حيثيات منطقية حتى الان تبرر (ابعاده) لنائب رئيس البعثة فى نيويورك السفير معاوية التوم الى الهند، وحتى لا يصورالبعض الخطوة بانها (عادية )، فالاجراء فى غير موسم كشف التنقلات الروتيني ينبئ ويعكس وجود ازمة لا اعتقد ان البلاد تملك ترف تبعاتها خلال الظروف الراهنة وفى بعثة مهمة تمثل خط الدفاع الاول عن السودان داخل اخطر مطابخ القرارات الدولية.
وما يعنينا هنا ليس السفير معاوية التوم بالطبع مع انه يستحق الثناء والاشادة والنياشين الوطنية نظير ادائه المتميز منذ لحظة التحاقه بالبعثة بل بالعمل الدبلوماسي ، ولا المندوب الدائم الحارثي ادريس حامل الجنسية البريطانية – الذى انتصر له وزير الخارجية على الصادق بقرار متعجل وضعيف ، ولكن يفجعنا (التوقيت) ، وطريقة الوزير المرتبكة والمعيبة وطنيا ومهنيا فى التعامل مع الازمة بين اثنين من انجب سفرائه وعدم ارتقائه لمستوى الهم العام والانشغال بالمعارك الصغيرة رغم هموم البلاد الكبيرة .
اسباب ابعاد معاوية التوم فى تقديري ليست مهنية مرتبطة بادائه الباهر فى كافة محطات العمل الدبلوماسي التى عمل بها لاكثر من ثلاثين عاما، وما كنت اتوقع ان تكون مكافاته الابعاد نظير جهده المعلوم فى اسناد البعثة والعمل كتفا بكتف مع رئيسها حتى تحققت الانتصارات الدبلوماسية ، معاوية ظل شريكا بل وفاعلا اساسيا فى كل الاختراقات والانتصارات التى حدثت مؤخرا وكان اخرها انهاء تفويض بعثة (يونتامس) فى السودان امس، لكنه ينال (جزاء سنمار) الان ويدفع فاتورة تجرده ووطنيته وولائه للسودان ارضا وشعبا.
اسباب ابعاد معاوية للاسف تعود الى اختلافه مع ميول الوزير السياسية وانتماء مبعوثه السفير الحارثي ، وهو اختلاف ما كان له ان يفسد ودا للولاء العام للبلاد وترابها ، فالعقل يحتم فى هذه المرحلة الاصطفاف فى محراب الوطن الكبير، وهكذا كان معاوية منذ ان استهدفه سيف التمكين يفصل بين الخاص والعام، وظل يقاتل فى صف الوطن رغم ما حاق به من ظلم هو واخوانه السفراء المفصولين ظلما بعلم الوزير على الصادق حتى عادوا محمولين على اكف العدالة معززين مكرمين وهم خيرة سفراء الخارجية.. ثم ان اسباب ابعاد معاوية للاسف الشديد مرتبطة بمواجد شخصية و(حظوظ نفس صغيرة) لم يكن معاوية التوم يحتاج اليها لو كانوا يفقهون فالرجل ( عينو مليانة وابن اكابر) ولا اظنه بحاجة الى دولارات الخارجية كما انه لايبحث عن مجد شخصي او صناعة اسم فهو اضافة الى دبلوماسيته شاعر واستاذ جامعي وصاحب مواهب متعددة ونجم مجتمع، قصة معاوية تضاف الى سلسلة من الخيبات التى ظل يقترفها وزير الخارجية المكلف وهو يمارس ضعفا بائنا فى التعامل مع مسؤولياته الوطنية ، فقد ظل يدفع بمواقف مرتبكة ومردود ضعيف لا يتناسب اطلاقا مع وضعيته ك(وزير خارجية حرب)، فالرجل موزع بين اهواء قلبه وميوله السياسي المعلوم وبين ما تقتضيه الوظيفة من ولاء للجيش وتجرد للبلد ، لذا فقد ظل صامتا وخاملا طيلة اشهر الحرب الاولى حتى ظننا ان بلادنا بلا وزير يعبر عن خارجيتها ، لم يفتح الله عليه انذاك باي تصريح ، مازال يختبئ خلف المواقف الرمادية دون ان يحفظ له التاريخ اي حديث يتناسب مع فداحة الخطب الذى الم بالدولة السودانية وشعبها ومن كان يحفظ منكم عبارة تخلد فى ادانة الجنجويد _جرت على لسان وزير خارجيتنا _ فليذكرنا بها..
ربما يذهب معاوية التوم الى محطته الجديدة تنفيذا لاوامر رئاسته فالرجل شديد التادب فى التعامل مع ارتباطه بوزارة الخارجية، ولكن ستظل وزارة الخارجية بلاكبير يدير الامور بموازين العقل والعدل الى حين اشعار اخر طالما ظل على راسها ( على الصادق ).
مازلت اتساءل ومثلي كثيرون عن السر الذى يجعل على الصادق بضعفه وارتباكه وازدواجية معاييره وزيرا لخارجية بلد تواجه تحديا وجوديا بمستوى ما يحدث للسودان، السؤال موجه بالطبع الي مجلس السيادة ورئيسه الفريق اول عبدالفتاح البرهان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *