المقالات

محمد عبدالقادر يكتب: فى تذكر ابن الاكابر.. عاشق الفقراء .. رحيل الكمال العامر… فجيعة جديدة ياخرطوم

الدكتور كمال عامر اختصاصي الانف والاذن والحنجرة فى ذمة الله …
افجعني رحيلك يا صديقي، ونحن مازلنا بقايا حطام يحاكي لون الخرطوم المتشحة ب(السواد والرماد) ، لابد انه اوان الاحزان الكبيرة وانت تباغتنا بوجع يضاعف من ماسينا العظيمة على الناس والبلد والاماكن ، اثق انك قررت الرحيل فى ايامنا هذا لان غيابك فجيعة لا تقل قسوة عن دمار الخرطوم والبيوت ، او لعلك كنت احدى نسماتها التى اختنقت او بناية لها سقطت، اولعلك معلم شامخ دكته غارات الحرب اللعينة، او ربما رحلت لانك يا عزيزي لن تقوى على رؤية الخرطوم التى احببتها بهذا الدمار فاخترت الرحيل بلا وداع محتفظا من هذه الدنيا بذكريات شارع الحوادث حيث عيادتك العريقة ومقاهي السوق العربي واماكن تسوقك فى نواحي السوق الافرنجي .. لابد انه عز عليك رؤية حسناء المداىن بهذا الحداد وهي التى كانت تغسل شعرها فى النيل وتفرد ضفائرها الطويلة على امتداد الشوارع والبيوت ، تحتسي كوب قهوتها على انغام المساءات الدافئة فى نمرة اتنين والرياض والمنشية والصافية والمزاد وشمبات والخوجلاب ، تنام فى احضان ابوروف ( سمع وشوف) وتتكئ غافية على صدر بيت المال وود رو والملازمين، لابد انك سئمت ان ترى حبيبتك التى كانت توزع الحب بالتساوي على اهلها جريحة يكسوها الرماد وغبار المعارك فاخترت ان تمضي الى الضفة الاخرى باخر ذكريات الخرطوم ( محل الطيارة بتقوم والرئيس بنوم) ..
مازلت انتظر من يكذب الخبر مع ان الموت حق، احقا رحلت ياصديقي ولم نكمل بعد كوب الشاي الذى طلبناه فى العيادة ( احمر لونو باهي) سادة ومنعنع ياكمال، احقا رحلت ولم تنته سيرة الخرطوم عندك باحداثها وتطوراتها المتقلبة، كنت دائم الاشفاق على مصير البلد تسالني قبل ان تغرق بوجهك البرئ فى جهاز الموجات، او تتحول بكرسيك المتحرك لقراءة صورة او نتيجة عن اخبار البلد ومصائر الناس و( متين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا ومتين تصفى)، ومرة ( تضحك ومرة تبكي) وعادة ما تغلق الحوار ب( ربنا يجيب العواقب سليمة).
نثق فى نصر الله ياكمال ولكن برحيلك لم تعد الدنيا سليمة يا صديقي ولن تكون ، يقيني انني سافتقدك حتى وان عادت الخرطوم… كنت فى مخيلتي انموذج لانسانها الذى عاش حياتها بالطول والعرض وغرق فى اغنياتها وصباحاتها ، يعرف اهلها وتعرفه المنصات والمناسبات والاماكن، كنت ابنها المدلل سليل صفوتها وسطوع جمالها، واشراقها الذي لا ينتهي، كانت الخرطوم ( حتة) من قلبك وبعض وجدانك النابض بالحب والجمال.. ( يا حليلك ويا حليلا).
لم اخبركم عن كمال الانسان ، تعرفت عليه وهو يعرض على صحيفة الراي العام علاح اية حالة محولة من الصحيفة مجانا، لم ارى في حياتي من يستبشر بعمل الخير ويفرح بلقاء المحتاجين مثل كمال عامر، طمعنا فى خيره حتى بتنا نحول له مرضى من خارج تخصصه فيتوسط لهم عند الاطباء زملائه ليقدم لها العلاج المجاني… كمال عامر كان طبيبا برتبة ( فاعل خير) يستبشر لحظة ان ينفق من جيبه لعلاج الفقراء يلتقط حالات الصحف، يفعل كل شئ حتى يتقرب بعمله الى الله وهو يقدم كل امكاناته وخبراته لخدمة الناس.
رحمة الله عليك يا كمال ابن الاكابر، عاشق الفقراء، لو شهدتم معاركه لتوفير زراعة قوقعة الاذن للاطفال الفقراء والتى كانت تكلف مئات الملايين مجانا لعلمتم اي خير يسكن هذا الرجل، رحمة الله عليه وهو يوزع سماعات الاذن المكلفة للمحتاجين كما الحلوى، كان يشتري لحظة سعادة طفل فقير يلامس الصوت اذنه لاول مرة ويتذوق حلاوة خيرها سعيدا بلا مقابل ولامن ولا اذى، من مثل كمال عامر فى الانفاق وفعل الخيرات..
رحمة الله عليك يا صديقي فقد كنت محطة عزيزة فى مشاويري اتزود منك بلحظات الصفاء السطيعة، واستشعر فى حضرتك حلاوة العلم وانت النطاسي الاستاذ والبروف المعلم، مازالت اياديك بيضاء وانت تبعث الحياة فى مستشفى الانف والاذن والحنجرة وتغادرها بسبب ( طفاشة) وتضحك بوسامة ملامحك المرتاحة لتضرب موعدا مع انجازات اخرى فى مستشفيات ومواقع عملت بها واضفت لها حتى باتت صروحا طبية محترمة مثلك ايها الجميل النبيل..
يعز على ان ترحل فى مثل هذه الايام الحالكات ولانكون ضمن المعزيين او المشيعين ، ويضاعف من وجعي انني ليس بين الملازمين لسرادق العزاء والمنفقين دمعه بسخاء فى حضرة حزنك الكبير ، لكني سافتقدك بشدة يا صديقي.. العزاء للاسرة وللشعب السوداني فى الفقد الجلل.. الكمال العامر (حليلو الرونق العامر)، وانا لله وانا اليه راجعون…

مواضيع ذات صلة

يا مافي السجن مظاليم بقلم: عميد شرطة فتح الرحمن محمد التوم- الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة

عزة برس

كلام سياسة.. الصافي سالم أحمد يكتب: وزير الخارجية : ملفات في الانتظار

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: يا نجوى كلنا فى الحكمة شرق

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: إعدام وزير ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: من يستحى لهولاء من؟

عزة برس

هناك فرق – منى أبو زيد تكتب: من يجرؤ على الكلام..!

عزة برس

اترك تعليق