تقرير

كيف حصل هذا؟!!.. بداية سلام الفولة يبدأ من ديوان الزكاة.. 3 أيام في غرب كردفان ولا في الأحلام

الفولة _ صديق دلاي

تذكرني سيارات الدفع الرباعي بأهمية (قوة الدولة) وهي تنهب الأرض ناحية كردفان وقد وضحت جمهورية السودان مترامية الأطراف منذ خروجنا من سوق المويلح الي عالم أخر ملئ بالأشجار المسكينة حيث لا سكان ولا حياة إلا قلة متناثرة بخيام معزولة وإبل متباعدة وبيوت ضعيفة في مهب الريح وقد ظهر أطفال حميد بعد وصفه الدقيق لهم كما ظهرت حجار سلوم وذات السراب الذي لن يتحول يوما الي مياه ما دام هذا الشتات مستمر فينا

ذات أطفال الشرق المعذب يدفعون بالدرداقات في محطات السفر وباعة الجازولين علي طول الطريق وقد تحدث أخيرا السائق محمد ادم يشكر احمد هارون وهو يعطيهم طريق جبرة الشيخ بدلا عن طريق الخرطوم كوستي , والحقيقة لابد أن تحترم فهذا طريق مهم وإقتصادي خصم زمن وأموال ومعاناة عظيمة وقد قلل ادم من الأخطاء التي ظهرت في أول خريف بعد إستخدام الطريق

تجاوزنا المويلح وانكشف حال الجغرافية المديدة أرض مفتوحة وبلا سكان وحتي الشجر عاطل بلا ثمار والبؤس حاضرا ومثل أي سودانيين حينما يلتقون في لعن بلادهم ونحن عنوان الأزمة لخصنا كل شئ داخل سيارة مكيفة , وبالفعل ساد صمت الحيرة , فضاء صامت وفرقان بائسة حتي دخلنا مدينة الأبيض

هي ذاتها كما تركتها قبل سنوات ولي فيها ذكريات فقد صادفت سائق تاكسي أخترته فكان هو العم أدم درس ذات يوم كلية الطب جامعة الخرطوم وتركها لظروف أسرية وحكي لي عن المخمسات وأهمية الدخن وكيف كان معلما لربع قرن ثم حكي خساراته بسبب الدولة السودانية

و لي ذكري أخري مؤلمة بحي الجمهورية حينما دخلت مستشفي الأمراض النفسية وقابلت الإنسانة الفريدة أستاذة أسماء قادتني فورا الي أسرة بالكامل معها أمراض نفسية , كانوا مسالمين جدا والبعض يحكي عن جمال تلك الفتاة التي تحولت لمخلوق أخر تحت البطانية صيفا وشتاءا

وفي الأبيض لن تجد من يسألك من أين أنت , تشبه أمدرمان وفيها جوار خلاق بين كنيسة ومسجد والخريف فيها فردوس حقيقي ومع ذلك تبدو حزينة وينقصها الكثير

أستغربت إختيار الدكتور علاء الدين رئيس مجمع الإفتاء الشرعي والمسؤل في وزارة الرعاية الإجتماعية الإتحادية عن شؤن الأسرة والأحوال الشخصية أن يكون ضمن الوفد الصحفي معزوما من زكاة غرب كردفان ومع ذلك كنت أتوقع ربطا ذكيا سأفهمه لاحقا لأن الدكتور علوة أمين أمانة ديوان الزكاة بولاية غرب كردفان لا يخطئ في إختيار ضيوفه لينفذ بهم إطروحة الزكاة وهو رجل بدرجة خبير

تجاوزنا مدينة الأبيض جنوبا ولابد أن نتجه غربا وقبل ذلك واجهتنا محطة الدبيبات وتذكرنا فورا السيد حمدوك من هنا وسمعنا لمن ينتقده , كيف أنه لم يزورها أبدا حتي في وفاة أمه وهكذا الناس كما قال السيد النور أمين ديوان زكاة شمال كردفان في موانسة تحت شجرة نيمة أكد فيها أنه بعيد عن المكتب وهو حر ليطلق ذهنه كما شاء فقال أن نصف الناس ضد الحاكم وبدون أي سبب وهذا ينطبق علي حكام الزكاة بالرغم من النجاح الرهيب وتلك هي الحياة او هؤلاء هم السودانيين

وعلي كل محطات السفر الي الفولة ظهرت منتجات كردفان الكركدي والجبنة المضفرة والقنقليس والحطب والفحم والعسل والزيوت المحلية بينما الفقر واضح علي الوجوه والنساء بعيدات عن الزينة المستحقة وهن عاملات علي طول مسافات سفرنا فوق الحمير وفوق التكتك واللواري لا يعرفن أي شئ عن ثورة ديسمبر وماذا فعلت بهم الإنقاذ البائدة , هؤلاء الناس الطيبون يعتمدون علي سواعدهم وعلي ديوان الزكاة الذي ظل واقفا في إنتباهة رائدة طوال السنوات العجاف السابقة يحاول سد الثغرات ولكن الرتق متواسع بغياب كل مظاهر ومؤسسات الدولة بل والحكومات التي باتت تعتمد علي ديوان الزكاة تتحدث من منابرها وتسلم الفقراء بعضا من الحق كيس رمضان وفرحة العيد والغارمين والمشروعات الصغيرة ليلة القدر علي طريقة ديوان الزكاة الذي هرول بأهدافه حتي تاسيسه معهد الزكاة العالمي في زمن السنوات العجاف وغياب الدولة ومؤسساتها ومع ذلك أحتفظ أمين أمانة ديوان الزكاة الأمين علوة بإبتسامة الثقة حينما يقدم لنا غدا كتاب الزكاة بلا عيوب تقريبا لو فهمنا سياق الفولة تاريخ وجغرافية

من الدبيبات الي الحمادي في ضيافة أمراء الحوازمة , دخلنا مظلة ملكية ضخمة من البلاستيك الراقي , قرأت أسماء الشيوخ والنظار والعمد وفهمت أهمية الإدارة الأهلية وفهمت أيضا عمق المعارك التي كانت تذيعها الخرطوم بينما الضحايا من هنا وقرأت من أرض الحوازمة أهمية جمع السلاح وهكذا دخلنا جغرافية التوتر سيما وأن ولاية غرب كردفان تعيش هذه الأيام تحت قانون الطوارئ منذ شهرين

الهدؤ الذي يليق بقلة السكان والفضاء المفتوح يؤكد العزلة وتعجبت من وصف صديقي ياسر بأن التكتك مهدد قومي بينما يمثل التكتك في الحقيقة وسيلة النقل الأساسية يحمل البهائم والبضاعة والأطفال والنساء

مرة أخري تدخل السائق محمد أدم ليؤكد بأن طريق الفولة جيد وشيده أحمد هارون وكأنه يقول لنا لابد من إحترام الحقيقة , وعرفنا بدقة شديدة ظروف البلد والحروب الصغيرة وإنفلات الأمن المستمر كما جرت قبل شهور بين الحمر والمسيرية حرب مؤسفة حينما قيل أن تجمع نفرا بالقرب من أبو زبد ثم وقفوا تحت لافتة مكتوب عليها( حاكورة الحمر) فوقع عشرات الضحايا والخرطوم بعيدة لتنقذ الموقف كما ينبغي

وقفت الدوشكا بين الحمر والمسيرية بدلا عن التجارة والمصالح والمصاهرات وهذا فقدا جلل وسالت أمين زكاة غرب كردفان الدكتور الأمين علوة عن (مشكلة الفولة) فقدم لي كتاب الزكاة وكأنه يقول الخدمات والرشد السياسي , كما فهمت الربط الذكي المتوقع بين تواجد الدكتور علاء الدين بلافتة الإفتاء وهو عالم في شؤن الأسرة أيضا بالشرع القويم ومعه نظرة ثاقبة ومهمة وهو يقدم ورقة مؤثرة في قاعة مليئة بالإدارة الأهلية والولاية تشكو من تأخر في زكاة الأنعام ولكن الزكاة ذاتها تسجل هدف وطني كبير حينما جمعتهم في قاعة كبيرة في غياب الحكومات من الخرطوم الي الفولة , دولة ومؤسسات وهكذا صارت الزكاة زهرة فولاذ تتفتح بالتكتك والبنشر وأموال الأكرمين أنها كما تفضلت زكاة ولاية غرب كردفان (سحائب الرحمة) تهطل بقوانين صارمة حينما قال علوة بأنهم توقفوا عند رقم معين إحتراما وإلتزاما مع معايير الزكاة في فك الغارمين

دخلنا الأمانة العامة لديوان الزكاة بالفولة عند الثامنة صباحا , نقرأ نفرة (سحائب الرحمة النسخة العاشرة) علي هدئ الأية الكريمة(فاما من اعطي وأتقي وصدق بالحسني فنسيسره لليسري) والزكاة تضع بين يدي الفقراء 3 تريلونات وراءها جنود هم العاملين عليها ليستفيد منها 75 الف أسرة فقيرة من السكر الي التكتك والطاحونة ودعم الخلاوي كما تقدمت الأمانة بفكرة الأموال المباشرة للفقراء , 500 الف بدلا عن الوعود والإبتسامة ب 64 مليار دخلت ل 285 أسرة سحابة حقيقية و هطلت أموال حقيقية كما تسلمت 61 الف أسرة ذيتها السكر والبن والشاي والبليلة ليقول إنسان ولاية غرب كردفان من العاصمة الفولة و من داخل ديوان الزكاة أهلا وسهلا برمضان الكريم

كما تسلم أطفال الخلاوي نصيبهم 144 خلوة مع الدعم العيني وقبل أن ياتي العيد دخل ديوان زكاة غرب كردفان بيوت الأيتام كسوة مبروكة ليقول الفقراء مع الأغنياء عيد سعيد وكل عام وأنتم بالف خير كما دخل الديوان للداخليات والسجون والمستشفيات وهذه خبرة عالية في إختيار وضع أموال الزكاة كما ينبغي

وبفضل الله ثم زكاة غرب كردفان التي أخترقت كل مؤسسات الدولة وما جاورها مع غياب المنظمات المساندة وقف الديوان بقوة وتفان وإخلاص َتجرد و وضع علي محليات الولاية من الفولة ود بندا بابنوسة كيلك غبيش ابو زبد السنوط والمجلد ثم النهود ولقاوة الأضية الخوي كل ما جمعه من أموال الزكاة

و بدقة عالية تقدمت أمانة الزكاة بالتكلفة الكلية وعدد المستفيدين بعد إفادة اللجان القاعدية بكل صغيرة وكبيرة
و في غياب الجميع وفي زمن الخوف و الطوارئ يجمع ديوان الزكاة ولاية غرب كردفان الإدارة الأهلية ويعرض فنون محلية مهمة من أجل البلد طبعا وبالتأكيد , وبحضور وزير التنمية الإجتماعية الإتحادي أحمد أدم بخيت الذي وجد نفسه يقضي معظم زمنه مع إنجازات الزكاة بل ويخاطب جماهير الوزارة من خلال منصة الزكاة , ولم يتبقي له إلا إعلانه بأن لا شئ في وزارته سوي الزكاة وهو يتنقل بين ولايات السودان ومن داخل أمانات الزكاة ذات البرامج بالدقة ذاتها والمستفيدين

وتحدث الأستاذ بلة الصادق ممثل الأمين الإتحادي لديوان الزكاة بإبداع إداري لخص كل رؤية الديوان في كلمات واضحة

كانت كلمة الوالي بالإنابة وافية كما كانت كلمة السيد الصادق عز الدين الحريكة هذا الزعيم الأهلي المثقف ألقي كلمة واضحة و واعية ولابد أن يشكر الزكاة بولاية غرب كردفان وهي تضع الحلول للفقراء وتدخل يدها في جيبها كل ما كان الوطن في الفولة وفي كل المحليات ال14 مهدد تدفع بسخاء حتي ينعم هذا الوطن المعذب بقليل من الإستقرار
وتحدث ابو العروس الدكتور الأمين علوة بدون ورقة يذكر الأرقام والمحليات بدقة متناهية محتفظا بذات الابتسامة التي تقرأ من وجهين وفيها ثقة وحزن وكثير من معاني الاعتذار على غياب الحكومة ومؤسساتها في ميدان الفقراء والمساكين

شعب الفولة_

هناك إجماع علي تطور المدينة وفرح منتشر وحكايات متفرقة بالذي حصل فيها حتي قاموا بإطلاق حئ العمارات وهو بلا عمارة واحدة كما وصف لي محمد أدم بأن كل هذه البيوت الحكومية الراقية شيدها أحمد هارون , وأغلب النساء هنا عاملات بكدح حقيقي

حينما نعود ستقابلنا السيدة نمارق تبيع الفحم علي كل العابرين الي الأبيض وأبعد من ذلك لمن شاء الي الخرطوم تسكن بالقرب من الظلت الرئيسي ومعها عيالها وتتبرع لنا بذكر أسماء أحياء وراء تلك الجبال

مظاهر الجيش يجوب الشوار ع الرئيسية يطمئن الناس بعد إعلان حالة الطوارئ وبالرغم من سوء الأحوال الأمنية ظلت فازوقلي تبيع الجبنة المضفرة بجودة عالية والمميز في الفولة قيام جهاز الأمن بدور وطني لغياب الحياة السياسية يساند ويدعم الإستقرار الأمني مؤازرا الجيش والشرطة وهو قريب من الإدارة الأهلية وهذا عكس ما يقوم به جهاز الأمن في الخرطوم وهو ينشط في وأد ثورة ديسمبر المجيدة

الثروات هي من يحقق الإستقرار في ولاية غرب كردفان , قابلت شباب في سوق الفولة يعملون في تجارة الموبايل وهم أحيانا طلاب جامعيين وحكي لي صابر عن فضل اولاد المناقل على الفولة حينما تم فتح اول مطعم وأول بوتيك وأول بقالة

كما شهدنا دورة ديوان الزكاة بتدريب وتاهيل القائمين علي المشروعات مشاركة مع جامعة السلام لتجويد تجربة المشروعات الصغيرة

لفت أنتباهي الفنان الشاب يسن بكاري بصوته العذب وكلماته المحلية الحلوة والبسيطة وتناقش البعض حول خطأ عفوي كشف النار تحت الوميض لمجرد أداء أغنية من تراث الحمر في الفولة فتم تعويض الخطأ وتصحيحه فقامت قياداتهم بالعديل والزين محبورة وفرحة وهذا يعني أن الصراع عميق كما يعني أيضا أن التعايش ممكن ومنتظر حيث حضر 7 من قيادات الحمر ثم عادوا في أمان الله بعد ونسة عفوية مع شيوخ المسيرية وقياداتها وهذا من أعظم مقترحات ديوان زكاة غرب كردفان لنشر ثقافة السلام والحب

كما وجدت السيد حامد غزالي مبسوط من أهل الفولة بعد عام من الحياة فيها منقولا من زكاة سنار , ويعتبر نشاط شركات البترول منعكسا في الغلاء في الفولة وتبدوا حركة النقل بالجامبو سيد الطريق الي بابنوسة والمجلد وأبعد من ذلك الي الجنوب بالطبع وسالت مستغربا عن سعر رطل اللبن ب500ج في بلد الثروة الحيوانية فجاءت الإجابة غير مقنعة بأنها من السلالات وثقافة محلية تهتم بالعدد علي حساب السلالة

كنت وبإصرار شديد أرغب في الوصول لإذاعة الفولة فدخلت حوش وسيع من السلك الشائك وأستقبلني صابر مدير الإذاعة والأستاذة إكرام كما وجدت رجلا مهما للغاية ومن مؤسسي الإذاعة هو ميرغني وساحكي كل ذلك من خلال حوار طويل جدا وملئ بالمفاجاءت السارة وغير السارة وكيف وصل جد ميرغني عاملا بالسكة حديد الي الفولة حتي أقسم ميرغني بانه مسيري مئة بالمائة وأن جزء من عياله موجودين حاليا بالشمالية
وحكي لي عن القطر في تلك الأيام وكيف بدأت إذاعة الفولة من لدن موظفة أسمها زينب محمد البكاي وسعدية وبريمة وأخرين سنذكرهم جميعا في الحوار الطويل والمهم لظلاله السياسية والثقافية بل والإجتماعية

وبدأ السيد صابر رائدا في قصة الإذاعة التي بدأت من فوق لوري سفنجة وكيف كان ميرغني يحمل مادة ممنتجة وسط المطرة والوحل لتصبح خبرا مهما وعجبني في حكاية نشأة الإذاعة بانها تكشف عن وعي محلي مهم بينما صابر من مواليد بورتسودان وهذا شئ عظيم في علم الشعوب

ظل الأمين العام لديوان زكاة ولاية غرب كردفان الدكتور الأمين علوة محتفظا
بإ بتسامة الثقة والخبراء وهو يتابع برنامجه من الرابعة صباحا وكل شئ في مكانه الصحيح وقد أصبح عمال وموظفي الديوان في كل أماناته يؤدي عمله بخبرة عالية ولكن نظرية إدارية مشهورة تؤكد بأن هناك دائما مشاكل

كما جري نقاش داخلي مع أمين خطاب الزكاة الإتحادي حول مستوي الصراحة والحرية في إعلام الزكاة و واضح أن السيد أيمن كجبول وعبد القادر حريصان جدا علي توزيع خبرية الديوان في كل الفضاء المسموح وطرحنا أهمية إفساح المجال من داخل إعلام الديوان لتوجيه النقد كيفما أتفق فهل هذا منظور في القريب العاجل ام البعيد الأجل

مواضيع ذات صلة

دعوات لاستعجال تشكيلها بمهام محددة وعاجلة حكومة حرب…هل يستجيب البرهان؟!

عزة برس

الطيران الحربي الجديد .. قطع “شرائين” مليشيا آل (دقلو)

عزة برس

البرهان يتفقد اللواء ٤٣ أروما، ولقاء خاص مع ترك في معقل النظارة وزيارة خاطفة لأرض القرآن

عزة برس

تقرير خطير.. مليشيا الدعم السريع المتمردة تطلق سراح أخطر قيادات التنظيمات الإرهابية في الإقليم

عزة برس

جهاز المخابرات.. السيف الحاسم في معركة الكرامة

عزة برس

النص الكامل لفحوى شكوى السودان دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة

عزة برس

اترك تعليق