المقالات

بكري المدني يكتب: حرب الخرطوم -يقصر الزمن ولن يطول !

منذ أن قام الجيش ببناء سور عالى من الكتل الأسمنتية المتراصة حول مبنى القيادة العامة كان ذلك مؤشرا لإندلاع حرب في الخرطوم يقصر الزمن ولن يطول والسور المذكور لم يشيد لمنع وصول متظاهرين الى القيادة العامة بدليل إنه بنى على مساحة تسمح بالوصول ولكنها لا تسمح بالدخول هذا فوق إنه صمم بسمك لا يخترقه الرصاص ولا تعبره الآليات المسلحة –

كان ولا يزال سور القيادة إعداد لحرب أراد الجيش من خلاله تأمين (سنتر)الخرطوم والتمركز فى وسط العاصمة حتى يجعل من سقوطها مستحيلا مع ترك الأطراف مخارج مفتوحة لمن أراد الانسحاب منها الى اي إتجاه يشاء!

ان كان ولا يزال سور القيادة العامة دليلا ماديا على الحرب القادمة مع الأيام فإن أدلة أخرى أقل قوة تتناسل مع الأحداث فالاختلافات السياسية تتصاعد وعلامات الصدام تكبر مثل دوائرا تنشأ عن إلقاء حجر على بركة ماء ساكن

مما يجعل من فرضية وقوع حرب فى الخرطوم قائمة وغالبة ايضا ان معظم أطراف الخلاف أما مسلحة أو مستنصرة بمجموعات مسلحة(جيش -دعم -حركات -أجنحة عسكرية لتنظيمات سياسية -اثنيات وقبائل – مخابرات وشركات خدمة أمنية أجنبية إلخ)

ان ظاهر الخلاف وأوله سياسي ولكن باطنه وختامه اثني وقبلي وفوضى يساعد على ذلك تركيبة السودان المعقدة من التنوع السياسي والاجتماعي والاثني والتى تتشكل منها الخرطوم العاصمة بصورة كبيرة وتحاول اي جهة الإنتصار فيها لتحقيق الغلبة والفوز وبناء السودان وفق تصوراتها

حرب الخرطوم ستكون مختلفة من حرب جنوب السودان ومن حرب الجبال والنيل الأزرق وكذلك مختلفة عن حرب دارفور ومحاولات غزو العاصمة نفسها في العام 1976م (المرتزقة) و2008(العدل والمساواة )وسيكون الإختلاف في مدى المواجهات واتساعها نسبة لعدد القوى المتقاتلة فيها وحجم ونوع الأسلحة ودور المجتمع الإقليمي والدولي والذي سوف يتدخل متفقا ومختلفا للسيطرة على المركز لصالح معسكر من المتحاربين

إن نتائج حرب الجميع ضد الجميع في الخرطوم أيضا ستكون مختلفة من حرب الفترات الماضية في مناطق أخرى من السودان والمتوقع أن يكون الضرر بالغا بالناس والممتلكات العامة والخاصة والبنى التحتية كما انها لن تكون حربا خاطفة وتنتهى بإنتصار فريق على الآخر بقدر ما انها ستطول بحجم الأزمة السودانية وتعقيداتها وعلى كل أشكالها السياسية والجهوية والقبلية والإجتماعية وعلى ذلك فهي حرب لن ينجو منها أحد من الضرر ولن تنتهي في ليلة وضحاها ولكنها سوف تستمر بوهم الإنتصار الكبير و الإنتصار الأخير!

أعلاه ليست هواجس قائمة على قاعدة نبوءات قديمة (تعمر تصل سويا وتتفرتك طوبة طوبة)ولا تصورات عجلى لخلافات طارئة بين هذه الجهة أو تلك ولكنها قراءات عميقة تستند على معلومات حقيقية وعلى ما يمكن ان تؤول إليه الخرطوم غدا مالم تحدث معجزة تحمى الأرواح وتحقن الدماء وتحفظ الممتلكات والمعجزة ممكنة وليست مستحيلة!

#أواصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *