المقالات

مأساة القرن تفضح الغرب تجاه القضايا الإنسانية و تبين إختلال معايير التعامل عند المواقف بقلم: د. إيمان بشير نور الدائم

حق التعبير هو حق مكفول للجميع ، و أنه ليس بحق حصري لفئة معينة من الناس دون الأخرى ، وهذا الحق إستحوذت عليه النخب التي تمكنت من كل فرص الحياة المتاحة و إستطاعت فرض رأيها بالقوة الغاشمة أو الناعمة ، و قد يرجع ذلك إلي علو صوتها ، و لا شك ان إنشغال الناس في زحمة الأحدات الحياتية و حدة المتغيرات اليومية قد لا يجعل معظم الناس إلى الإنتباه إلى ما بعد ذلك في كثير من الأمور التي يمكن ان تتشكل منها مشاهد كثيرة قد تؤثر في حياة الناس في حينها أو في المستقبل ، و من المؤكد أنها ستقوم بعمل متغيرات فاعلة في الواقع المحيط بنا سواء كان ذلك من جراء الطبيعة أو السياسة أو الاقتصاد أو من أفعال المجتمع و يتشكل رد فعل ذلك في كل مناحي الحياة .

و يتضح ذلك جلياً من خلال تطورات الأحداث العرضية التي تحدث من وفق قانون الطبيعة كالفيضانات أو الزلازل أو الجوائح و غالباً ما يحدث ذلك بدون التدخل البشري لان معظمها تقع خارج دائرة تخطيطه .

نجد أن الصراع المتفجر على قمة النظام العالمي هو صراع أقرب إلى حياة الغاب التي تقر بأن البقاء للأقوى فقط ، و اريد ان أعرج بكم قليلاً إلى فترة جائحة كرونا التي فجرت حرب من التصريحات و الاتهامات التي كادث أن تعصف بالعالم و تتسبب في حرب عالمية و ما زالت حقائقها غائبة حتي هذه اللحظات ، و كذلك صاحب فترة إنتشارها خوف من المجهول و إنفلات أخلاقي مريع ضد ما تنادي به هذه الدول من قيم كانت في الأصل مزيفة ، فنتجت عن ذلك حالات لعمليات قرصنة وسطو كانت الأشهر في العالم حيث تم الاعتداء على معدات و مواد طبية كانت في طريقها لدول أخرى حيث وصفت بأنها أقذر أنواع الانانية البشرية ، و هؤلاء اللصوص ليسوا بعصابات إجرامية بل هم عبارة دول عظمى و حكومات محترمة كما يتم تعريفها في وسائل الإعلام المختلفة ، و قد تم ذلك في مشاهد علنية لم يستحي فاعلوها من عواقبها التي كشفت للناس عورة العالم الغربي في التردي القيمي و السقوط الأخلاقي .

زلزال القرن المدمر الذي أصاب تركيا و كان مصدره في أحد مناطقها ، و تأثرت من إرتداداته سوريا ، فقد كشف للناس الوجه القبيح للعالم الغربي الذي تجلت فيه كل صور القبح القيمي ، و أبان ازدواجية المعايير لدى بعض الدول الغربية و خصوصاً التي تتحكم في النظام العالمي ، و التي لا تعرف إلا مصالحها الذاتية ، و كما لا تعترف بحقوق الإنسان وما شابه ذلك من عبارات طنانة و رنانة تستخدم للاستهلاك الإعلامي بغرض ابتزاز بعض دول الأطراف ذات التأثير المحدود .

وقفت هذه الدول في ركن العاجزين بمنأ عن هذه الأحداث الدامية و المؤثرة و هي تنظر و تراقب الأحداث في سوريا و تركيا بصمت يشبه صمت القبور ، و لم تتفاعل معها بما يتناسب و عظم الحدث و خصوصاً انها تمتلك الإمكانات الضخمة التي كانت من الممكن أن تسهم بها في تقليل الفاقد في الأرواح البشرية ، و لعل الفاجعة كانت أكبر في سوريا و ذلك لإنعدام إبسط مقومات الحياة فضلاً عن معينات الإنقاذ ، الأمر الذي شكل غياب واضح لمعايير الإنسانية التي تنادي بها هذه الدول ، و خصوصاً في سوريا ، حيث لم تكن هنالك إرادة حقيقية من العالم الغربي في المشاركة الفاعلة للمساعدة في الوقت الذي كانت تتوفر فيه فرص لإنتشال أحياء من تحت الأنقاض ، حتى إنعدمت الفرضية تماماً ، مما دفع بواشنطن لتخفيف حدة خجلها أمام العالم ، و ذلك عبر اتخاذ قرار بوقف العقوبات بحق سوريا لمدة 6 أشهر من أجل توصيل المعونات المادية أو العينية

الكوارث الطبيعية تحدث و لن تتوقف ، و دائماً تكون إكبر من حجم بعض الدول ، و من المؤكد أنها تؤثر عليها ثأثير سلبياً و ضخماُ ، و لهذا يجب على الأسرة الدولية التعامل مع مثل هذه الأحداث بصورة إنسانية و جماعية و بصورة فورية من أجل تقليل حجم الخسائر و خصوصا البشرية منها ، فمن الواجب بمكان أن تتوحد الجهود الدولية أو جهود بعض الدول التي تحكمها مواثيق أخلاقية و إنسانية بالوقوف مع تركيا و سوريا بما تسمح لهم به إمكانياتهم و ظروفهم ، و خصوصأً ان أمر العطاء عندنا في الدين الإسلامي يعتبر من الأمور المقدسة ، و من موقعي هنا في السودان أناشد الأسرة الدولية و المجتمع السوداني بوضع اولوية لهذه القضية التي تصب في بحر الإنسانية و التي توافق السنة المحمدية وفق موجهات ديننا الحنيف الذي يعلمنا بأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، و هذه العقيدة المترسخة في قلوبنا مهمة جداً لإدارة الجهود و تنسيقها للتعامل مع هذه التحديات التي قد تكون أكبر من حجم الإنسان او المدينة أو الدولة و أحياناً القارة ، فيجري عليها ما يجري على البشر من عجز و تقلبات وتغيرات .

صحيح ان اوضاعنا في السودان ضعيفة و مقدرتنا تجاه هذه الكوارث بسيطة ، و لكن تظل الإنسانية هي الإنسانية ، و العطاء هو العطاء ، و لذلك يجب يكون العطاء بقدر المستطاع ، فربما درهم قد يسبق مئة الف درهم .. و الله من وراء القصد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *