المقالات

بينما يمضي الوقت .. عندما يتحدث الرجل (رسميا).. أمل أبوالقاسم

على نحو مفاجئ أعلن ظهر أمس عن خطاب مرتقب لنائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق “محمد حمدان دقلو حميدتي” وكالعهد بمنصات التواصل الاجتماعي ذهبت التوقعات كل مذهب، على ان أكثرها ذهبت نحو رده على تصريحات رئيس مجلسالسيادة الفريق أول ركن “عبدالفتاح البرهان” حول اشتراطه دمج الدعم السريع في القوات المسلحة الذي خلف غبارا كثيفا حوله كون أن الأمر مفروغ منه لتقف علامة الآستفهام عند الشرط.

المهم إن الإعلان عن خطاب مفاجئ دفع الكثيرين للتسمر حول شاشة التلفاز أو متابعة منصات الأخبار مستطلعين لما بالخطاب الذي أتى محطما لتوقعات الكثيرين وصادف أخرى.

صرح الرجل فبهت الذي كفر.. إذ ربما ان بعض التمنيات بالرد الصارخ على البرهان قد تبخرت وذهبت سدى كون الرجل أمن وبنبرة هادئة على أمر الدمج فقط حتى يحين اوانه، حرفت هذه العبارة وللحق فقد حرف كل الخطاب وفق ما يتمنى البعض، ورغم انه لم يشر أو يوحي بهجوم على البرهان أو حتى المح إلا ان اصحاب الأمنيات يصرون على ان بهكذا خطاب طفح الخلاف بين الرجلين، وهو ظن لطالما ظل العسكريون يدحضونه بما فيهم البرهان نفسه مرددا في كل مناسبة إن القوات المسلحة تعمل في تناغم تام والأكيد بما في ذلك قوات الدعم السريع. ليس ذلك فحسب بل أكد حميدتي انتماءهم للمؤسسة العسكرية التي دافع عنها بهذه الجزئية: (القوات المسلحة السودانية مؤسسة ذات تاريخ عريق، وهي لن تكون مطية لحزب أو جهة، بل كانت وستظل ملكاً لهذا الشعب بكل أطيافه، ومصدر فخره واحترامه، ونحن منها ولن ندخر جهداً في الدفاع عنها ضد كل من يسيء اليها أو يقلل منها…)

ليس ذلك فحسب بل ذهب البعض ان الخطاب ارتجل بسبب عدم مشاركة حميدتي في فعالية سلام جوبا، وفات عليهم ان هذه تقديرات السيادي واقرت بذلك الحركات الموقعة والمشاركة في تقييم والتوقيع على المصفوفة مع الوضع في الاعتبار ان الرجل أحد أهم مهندسي اتفاقية السلام الموقعة في جوبا، فضلا عن فقرة كاملة افردها للحديث عن السلام.

وربما لإستشعار الرجل الهجوم المتكرر عليه من قبل الإسلاميين رغم رده، إضافة للحديث المتكرر عن العلاقة بينه والجيش ووسمها مرارا بالمشروخة وغير ذلك كان رده بأن كفوا يدكم عنا، وهو ذات الحديث الذي ردده الفريق البرهان في أكثر من مناسبة موجها حديثه لهم وقد لاقى ذات مصير الإنتقاد اللاذع قبيل ان يرضى عنه صعودا او هبوطا وفقا لتصريحاته. وكم اطربهم تصريحه الأخير باشتراطه دمج الدعم السريع الذي عاد حميدتي معضدا له فأسقط في يدهم.
ثمة خلل صاحب هذه الجزئية وهي استخدامه مفردة (فلول) ضمن خطاب اتسم بالموضوعية والإتزان بعيد من التشنج الذي ظل ينتهجه حميدتي كثيرا وهو ما ألب عليه الإسلاميين ورموه بالقذائف يمنة ويسرة وغضوا الطرف عن بقية الخطاب.

الخطاب الذي تناول أهم قضية لم يلتفت إليها أو يعيرها أحد أهمية في زخم التشاكس و التدافع حول التوقيع وما ادراك ما التوقيع والمناصب، وهي قضية معاش الناس.
وعندما قال انه يشعر بألم عميق كلما شاهد مظاهر الفقر والضيق وتردي الخدمات في البلاد لم يكن مداهنا أو متملقا وهي حقيقة ماثلة وكلنا يعلم ان قوات الدعم السريع وقائدها ظلت يده ممدودة بيضاء لكل صاحب حاجة ليس على مستوى الأفراد بل المؤسسات والولايات والمدن والقرى فما شكت جهة إلا وانبرى متلقفا حلها ماديا والشواهد لا تحصى ولا تعد وجاحد من ينكرها.

وعندما ابدى الرجل ندمه على مشاركته انقلاب 25 اكتوبر ليس تنصلا من المشاركة ولم ينسل راميا بالداء على البرهان كما حاول البعض الإصطياد في هذا المنحى، انما اقر بخطأه حيث تبين له كما ذكر انه لن يقود لما رغبوا فيه بأن يكون مخرج من الإحتقان السياسي، ولعمري هذه شجاعة نادرة ان يعترف مسؤول بالخطأ ويقيني إن البرهان نفسه نادم في قرارة نفسه لكن يأبى وضعه على المجاهرة واحسب رغبته في الخروج من المشهد السياسي أكيدة فما خلفه الانقلاب أو تصحيح المسار فاقم المشكل بأضعاف مضاعقة وعقد المشهد بأجمعه. وكما أكد حميدتي فلا مخرج من الراهن سوى المضي في العملية السياسية الجارية ولا اعتقد ان هناك مخرج لولاها الآن.

استهل حميدتي خطابه بأنه أبن بادية بسيط نشأ في اقاصي هوامش السودان ولعل ذلك تؤكده الشفافية التي يتمتع بها مفطورا عليها لا مجبولا وللأسف هذا ما يفتقده السيد رئيس مجلس السيادة الذي ادمن المراوغة حتى وان كانت تكتيكا إلا انها افقدته المصداقية حتى بات لا يؤخذ بتصريحاته.

اخيرا اعتقد ان فات على الكثيرين في هوجة شيطنة خطاب نائب رئيس مجلس السيادة وتشريح جزئية معينة وإهمال أهم النقاط ، فاتهم دلالة المكان حيث ان النائب أختار مقر قوات الدعم السريع اي منطقة عسكرية، فضلا عن الخطاب ممهور بإعلام المجلس السيادي ما يعني انه خطاب رسمي اعتقد ان القائد الأعلى للجيش اطلع عليه وتوافقوا عليه اجمعين ومر بعدد من نقاط التفتيش والتنقيح ما يعني ان الخطاب رسمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *