المقالات

سهرة الخميس مع وجدي الكردي.. الوضع الآن: “التوب شبك في التنّة”!

– صادفت في الساعات الماضية، أكتر من “بوست” عن #الأنوثة_الفاخرة. فسألت نفسي: هل يحتفل خلق الفيس باليوم العالمي لـ(الأنوثة الفاخرة)؟
ثمّ عليك التأكد يا صاح، من أن نقطة الخاء في (فاخرة)، قاعدة فوق ولم تتدحرج لتحت!
ولأن ذلك كذلك، قلت لأدليّن في هذا “البير الغميس”، قرعتي المعرفية من العلم الذي لا ينفع. وأنا أصلاً ما عندي موضوع.
– سلمى القراطيسي، أنثى فاخرة من أيّام الدولة العباسية. يعتبرونها من رائدات الشعر النرجسي. وقفت يوماً قدّام “المراية” وتأمّلت وتجوّلت في أزقة قوامها الممشُوق، والمرصوف بأفانين “الكترابة” التي على تضاريس جسدها الوافر، قالت:
“عيون مها الصّريم فداء عيني/ وأجياد الظباء فداء جيدي/ أزيّن بالعقود وإن نحري/ لأزْيَنَ للعقود من العقود/ ولا أشكو من الأوصاب ثقلاً/ وتشكو قامتي ثقل النهود/ ولو جاورت في بلد ثموداً/ لما نزل العذاب على ثمود”.
يا إلهي من هذه المُزّة المفترية!
– عن سلعة الغناء وسُلطة الجسد، أو سُلطة الغناء وسلعة الجسد، أو ما يقابلهما بالعُملات العاطفية، نحكي عن نموذج شعري من إبراهيم العبّادي أنشده بادي محمد الطيّب: *”ببكي وبنُوح وبصيّح للشُـوفـتـن بتـريّح”، إلى أن يقول: *”الجيدا طال واتنّى ودّر جـماعـة متِـلنا/ التوب شِبِكْ في التنّة يا نـاس أنحـنا كِتـلنا/ لابسة الحشم أزمة ومـالك مـلايين ذمّة/ الحاشا ما بتذمّا ضـيّع أخـوك بالذمّة/ في رويحتي وباكرتي دايـماً مُـقدّم (كـرتي)”/ ما بتسلو عن ذاكرتي يا اللّي صفاي عكّرتي”.
– بكى إبراهيم العبّادي ونوّح بقصيدته العجيبة في العام 1919 بالتزامن مع الرحلة الشهيرة لكبارات البلد: علي الميرغني وعبد الرحمن المهدي ويوسف الهندي وزعماء قبائل إلى لندن لتهنئة الملك بانتصاره في الحرب العالمية الأولى. وجميعهم كانوا من الموقعّين على وثيقة/ كتاب “سفر الولاء لبريطانيا”، عدا عبد الرحمن المهدي.
– العبادي كان ناقداً سياسياً له آثار شعرية عن “أيام الحكم الثاني”، وكثيراً ما اقتبس أدبياتها في الغزل. أسمع ما قال: *”الغرام عامل احتلال/ والهجُر هذا مُش حلال/ رشفة من نيلك الزلال/ فليعش حاجبك الهلال”..
– قال بعض المتشدّدين من السلف، إن الأغاني مثل جاسوس القلوب وسُوس العقول، لأنه يدبّ إلى الخيال ويجوط الشغلانة كلها. وأصلاً الناس قاعدة على الهبشة.
– وقال بعض أهل كتاب الغناء من سدنة الحقيبة، إن العبّادي بالغ في بيته: “التوب شِبِكْ في التنّة يا نـاس أنحـنا كِتـلنا”.
ما (التنّة) يا هذا؟
– دعك من التنّة التي شَبَك في تجاويفها التوب. أسمع ما قاله زميله ود الرضي: *”تعطل البارزات إيابا/ كمان تشحْتف عريض تيابا/ تَهِمْ بسرعة وكفيلا يابا/ الجمال قال خلاص قفلنا بابا”.
للناطقين بغيرها، يمكن ترجمة بيت ود الرضي، بيت آخر لشاعر ممكون، وما صابر كلو كلو، قال: *”من رأى مثل حبيبتي تشبه البدر إذ بدا/ تدخل اليوم ثم تدخل أردافها غدا”.*
وعشان ما تقولو لي برضو ما فاهمين، يمكنكم استبدال الردف بالنهد في أبيات ود الرضي، وخلاص.
– وعشان ما نضيّع زمنكم في شرح معنى “التوب شِبك في التنّة”، وخيالكم يمشي بعيد وقد يكون من بينكم أوغاد مناكيد وقلبهم أسود، التنّة هي الطيّات التي في خصر الحسناء الهيفاء الدعجاء الكحلاء الشلوْلخ، وقد ينحشر فيها التوب. والحركة دي كانت من مُجلبات الفرح لأبجيقات الزمن الغابر، قبل أن تتبدّل أذواق المُحبين الحُنان من الذين “لا بنسُو لا بتحوّلو ولا بيعملو أي حاجة”..
– يبدو لي – والله أعلم – أن العبّادي كان مهووساً بـ “التنّة”، فقد قبضته في قصيدة أخرى يقول: *”جسمك جميل يا بتّنا/ زى القطيف الإنْتنا/ قالتلِي عدّدت التِنا/ هُن ستّة غير التَنْتَنَة”.
ستّة يا مفتري؟
أما جاءك نبأ شاعر آخر، حذّر حُسّاده والعوازل من إبعاده عن حبيبته “المُتلتلة”، ودعا عليهم بموت ولدهم الوحيد يوم زفافو. قال: *”قصبة التّقْنِتْ المزرُوعة في الليّات/ من فوق علّجت ومن تحت الفصُوص نيّات/ البحميني أم بطنا تلات طيّات/ يضُوق نار أم الوحيد الجرتقوهو ومات”.*
أعوذ بالله من لسانو..
– الفنان بادي كان يعلم جيداً، إن لكل إنسان حماقاته، ويعلم أن الحماقة الكبرى ألا يكون للإنسان حماقات، لذا كان يصرخ مثل زوربا اليوناني حين يجد حجراً أخضراً في المقطع الغنائي الذي يؤديه.. وليس مثل التنّة من حجر يمكن أن يتعثّر عليه رجل في سن بادي “عليه رضوان الله”.
– هل من المناسب استدعاء مقولة “زوربا” في الحتة دي: *”عندما يصبح الإنسان بلا أسنان، يسهل عليه أن يقول: “من العار أن تعضّوا أيها الرفاق”؟*
ثمّ إنّو، حكمتو بالغة..
بادي نفسه من غنّى: *”يا صفايا يا وفايا هاك (برهان) عن غرامي وطول هيامي السّابني ولهان.. إلخ”.
خلي بالك..
الوضع الآن: “التوب شبك في التنّة” وبعضهم: يبكي وينُوح ويصيّح”!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *