المقالات

سعد محمد أحمد يكتب: أراضي السودان والفرص الضائعة

.
أنعم الله على بلادنا بالأرض الطيبة ومع ذلك لم يسجل في السودان اي خطوة سليمة في اتجاه تحديد التوجهات الاقتصادية والمجتمعية لإدارة الأراضي العامة والخاصة، والحاجة إلى إدارة الأراضي تنطلق من كون تأثيراتها مباشرة علي معيشة السكان والخدمات التي يحصلون عليها والفرص المتاحة لهم أيضا.
تعد إدارة الموارد من أهم وظائف الدولة في تنظيم الاقتصاد للحصول علي أعلي إنتاجية ممكنة من الموارد الموضوعة بين أيدي الفاعلين الاقتصاديين، وتعد الارض من أهم هذه الموارد إذ أن العقار يعد من مدخلات الإنتاج وهو رأس مال مهم لدي الأفراد والموسسات والدولة وبالتالي هو عامل أساسي في توجيه الاقتصاد ورفع انتاجيته والإدارة هنا تعني تنظيم استخدام الأراضي بأفضل شكل ممكن فتصنف زراعية لحمايتها من اجتياح المباني لها بشكل فوضوي أو تصنف لغايات محددة وفق التوجهات الاقتصادية المرسومة فعلي سبيل المثال يجب أن تستخدم الأراضي الصالحة للزراعة في مجال الزراعة وليس للسكن وان كان ضروريا إيجاد توازن مابين مختلف الحاجات الفعلية للسكان (المواطنين) والتصنيف نفسه يجب أن ينطبق بهدف تحديد المناطق التي يسمح بإنشاء مصانع عليها وتسمي بمناطق صناعية وذلك ضمانا لتسهيل إقامة البني التحتية اللازمة لهذه المنشآت مثل النقل والطاقة وغيرهما ومن شأن ذلك أن يخفض الكلفة علي الموسسات والمصانع ويرفع الإنتاجية ويحفز الاستثمارات، بدلا من ذلك فإن سوء إدارة الأراضي في عدم استغلالها للزراعة مايكبد الاقتصاد كلفة (الفرصة الضائعة) والتي تساوي الأرباح أو الفائدة والتي كان يفترض أن تحققها جهة معينة إذا اتخذ قرارا ما، أو بنت استثمارا ما، علي سبيل المثال هذه الأرباح الضائعة تعد كلفة مهدورة ويقاس هذا الأمر بشكل كلي اي علي الاقتصاد كله إذ أن عدم استغلال الأراضي الزراعية للزراعة يمثل فرصة لارباح ضائعة علي الاقتصاد والمقصود بالارباح هنا ليس الأرباح النقدية بل الفائدة المتأتية من هذه الفرصة علي الاقتصاد لأنها قد تتعلق بخفض أسعار المنتجات الغذائية المنتجة بواسطة هذه الأراضي ما يسهم في خفض الاعتماد علي الاستيراد ويخفف الضغط على الطلب على العملات الأجنبية فضلا عن فوائد أخرى مثل العمالة في القطاع الزراعي والاستثمار في هذا القطاع وزيادة القدرات التصديرية وهذا الأمر يسرى علي باقي الأراضي التي من الممكن أن تستغل بشكل أفضل مما هي عليه الآن والخروج من العبث في سوق الأراضي.
هناك اختلال بين وواضح في إدارة الأراضي وفوضي لا تطاق وتنعدم تنظيم الأراضي رغم وفرتها فوجود مساحات مخصصة للنقل العام وأخري مخصصة للزراعة وأخري للسكن وأخري للصناعة وغيرها للسياحة ولإنشاء الشقق والفنادق وكل ذلك لا يكون مناسبا بلا تخطيط مصمم وفق أهداف واضحة المعالم والا فانها الفوضي في كل شي تماما كما هو الحال اليوم في السودان، لطالما سوء إدارة الأراضي في السودان التي أصابت البلاد في مقتل في عهد الإنقاذ والذي شرعن الفساد وقننه في مسألة الأراضي وسوقا للمضاربة وسلع تتجاري خلفه السماسرة واصبحت قيمة الأرض وسعرها أعلي قيمة علي مستوي العالم وفقدت الأرض قيمتها الاقتصادية لطالما سوء إدارة الأراضي في السودان عقبة أساسية أمام اقتصاد منتج وهو أمر يعود الي عدة ثلاثة عقود الإنقاذ التي ورثناها من عدم وجود نية في الدولة السودانية للتحول الي اقتصاد منتج بالإضافة إلي عدم وجود آلية مناسبة في الدولة لإدارة هذا المورد المهم رغم وجود مخططات سابقة للأراضي السودانية لتسكين العاملين في السكن الشعبي في المدن الثلاثة الا ان الإنقاذ لم تستفيد من هذه التجربة ولم تتضح اي نية للاستفادة من النهج في تطبيق خطط اقتصادية شاملة ذلك أن النموذج الاقتصادي الذي كان قائما ومناسب للمواطنين والوطن كان يتنافي مع قناعات أهل الإنقاذ وأصحاب رؤوس الاموال التي اتجهت الي الاقتصاد الربعي بالمتاجرة في الأراضي والعقارات حتي أصبحت النشاط الاقتصادي الأول في البلاد، وتم تحويل الأراضي الزراعية الي سكنية وغابات اسمنتية بقانون اسمه التحسين وقسم الأراضي السكنية الي شعبية في هوامش المدن بلا خدمات وسكن استثماري في (سنتر) المدن لأصحاب المال والنفوذ والسدنة والمؤلفة قلوبهم وابواق النظام في الإعلام حسب مقامتهم المؤدلجة منهم من منحت له في كافوري والمجاهدين وغيرها في مناطق السكن الفاخر والاستثماري ومنهم من منح في وادي مجاري السيول والتي تسمي الوادي الأخضر ومنهم من كان نصيبه أكثر سوءا في صحاري امدرمان وأصبحت مواقف المواصلات أكشاك وغرف تجارية للايجار لتشكل مورد للمحليات لا تعرف الناس أين تصرف هذه الأموال مع رداءة المواقف والمجاري والطرق مما خلق معاناة للمواطن في النزول من الحافلة أو الصعود إليها وأصبحت الطرق للفريشة والعطالة وستات الشاي والأراضي التي منحت باسم الاستثمار في المناطق الصناعية ترهن للمصارف وتتعثر المصارف حتي المستثمر الأجنبي الذي منح له الأرض ليقيم عليها صناعته يرهنها للمصارف لأخذ القروض وبقت المناطق الصناعية في وسط الأحياء السكنية باثارها البيئية الضارة وخصما علي الخدمات والطاقة وكثير منها شاغرة ومعروضة للبيع وعلي سبيل المثال زيارة واحدة الي ( سباق الخيل) تغنيك عن معرفة الفساد الإداري للأراضي وطرق المنح والاغراض ليطرح السوال هل استغلت أو مستغلة تلك الأراضي لاغراضها وما هو حجم المعروض للبيع الان واسبابها كل ماسبق نموذج بسيط وعلي سبيل المثال عن سوء إدارة الأراضي الصناعية، وسوء القانون الذي منح بموجبه. ولا ننسي التغول التي تمارسها رؤوس الأموال المتوحشة باسم المخططات السكنية من شركات وموسسات وأفراد والتي تتم ترويجها عبر الميديا، هذا العبث في مضاربات الأراضي بالنقد الأجنبي، بدلا من توجيه هذه الأعمال ورؤس الاموال في الاقتصاد المنتج.
يرتبط تنظيم الأراضي عمليا بجميع الإدارات في الدولة وهو أمر يحتاج الي دعم مركزي من الدولة بحيث تفرض هذه الخطط علي جميع الإدارات في الدولة من المهم الغوص في أسباب سوء إدارة الأراضي في السودان وقد تكون إحدي أهم العقد في هذا الأمر ما يتعلق بالشق القانوني ولا يمكن الحديث عن النهوض بالاقتصاد من دون مخطط لاستخدام الأراضي علي افضل شكل بما فيها أراضي التعدين التي من المفترض أن تتعامل معها باعتبارها موارد نافدة مثل النفط وان تضع الدولة يدها،بدلا من تهريب موارد الدولة للخارج وخلق إمبراطوريات موازية للدولة.
العقبات الموجودة لا تتعلق فقط بإدارة الدولة وارداتها للقيام بأمر كهذا ففي حالة وحدت هذه الإرادة ستقف القوانين والأنظمة القديمة عائقا أمام تطبيق هذا الأمر لذلك اي مخططات لا يمكن توظيفها الا اذا مرت من خلال إصلاحات قانونية يرعاها تحديث القوانين التي تعني تنظيم العمليات المتعلقة بالأراضي.
،

مواضيع ذات صلة

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: مؤتمر باريس ومتلازمة أزمة الضمير السياسي ..!!

عزة برس

كل الحقيقة عابد سيد احمد اقتراب تحرير الجزيرة بين الأقوال والافعال !!

عزة برس

كتب السفير على الصادق: الإتحاد الأوروبي والحرب في السودان.. تبني السرديات البديلة تشجيع للإرهاب والفوضى

عزة برس

بينما يمضي الوقت.. عام على حرب السودان.. فزلكة.. أمل أبوالقاسم

عزة برس

فريال الطيب تكتب : معركة الحق ستنتصر

عزة برس

بالواضح.. فتح الرحمن النحاس يكتب: نعم يابرهان..القول ماقلت.. ميلاد مختلف للوطن الكبير..!!

عزة برس

اترك تعليق