الأخبار

بيان مهم من الاعلاميين السودانيين يؤيد الاتفاق الاطاري

نحن الاعلاميون بالداخل والخارج، الموقعون ادناه، نعلن بأننا قد قررنا وبمحض ارادتنا الحرة، وانطلاقا من مرئياتنا للراهن السياسي، وبصفتنا الشخصية لا الاعتبارية، التوقيع علي الاتفاق الاطاري المجاز يوم 5 ديسمبر 2022.
لقد خلصنا تحليليا الي ان هذا الاتفاق الاطاري، رغم ثقوبه ونواقصه الكثيرة، يحتوي علي مبادئ أساسية تتسق مع اهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة، وتتناغم مع ما ظللنا نطالب به منذ اندلاع الثورة في ديسمبر 2018.
أيضا، وبرغم التحفظات المذكورة، لكن في غياب أي برنامج (نكرر، أي برنامج) بديل، يملأ أو يعالج أو يلغي، تمدد الفراغ الاداري والسياسي المخيف الذي يبتلع كافة مرافق الخدمات والمؤسسات وأجهزة القرار في بلادنا، فإن الاخذ بالاتفاق الاطاري، حتي ولو إعتبرناه أحسن الاسوأ من خيارات، يغدو ، أولا، ضرورة موضوعية لوقف الدمار الزاحف . وثانيا ،هو وثيقة قابلة للتطوير عبر النقد البنّاء لسد النواقص بالاضافات. أما ثالثا وأخيرا، فإن أحد اهم سبل ضمان الالتزام بالاتفاق وتحسين شروط تنفيذه، تستلزم تفاعل الديمقراطيين المبدئيين، سواءا بوجودهم في هياكل الحكم او في المؤسسات الاعلامية. فينهضون بواجبهم في كشف الحقائق وإبطال حملات التشويش والتضليل والتخوين التي تشنها الفلول وبقية قوي الثورة المضادة منتهزة التشقق في معسكر الثورة وتفشي بورصات المزايدات والاتجار بالشعارات الثورية. فالاتفاق الاطاري ليس نصوصا مقدسة بل صنيعة بشرية يمكن ان تصبح، بعد التطوير، خريطة طريق سياسية تعبر بنا من مرحلة الانتقال الي آفاق أرحب تهيئ البلاد لحكم مدني مكتمل الأركان.
بمثل تلك القناعات، وبفهمنا لمشاركتنا ودورنا في تجويد نصوص الاتفاق، فان توقيعنا ينفي عنا تهمة أننا صرنا أتباعا أو “صحبة راكب” لمن صاغوه او اننا نأتي لطاولة التوقيع تلبية لضغوطات وهمية، او بحثا عن مكاسب ذاتية. نحن نوقع استشعارا للخطر المحدق ببلادنا ولرغبتنا المساهمة بمرئيات مفيدة.
ليعلم كل من يقرأ هذا البيان أننا، طوال تأريخنا المهني كصحفيين، لم نكن يوما مقطورة في ركب فرد او جماعة، ولا بصمة توقيع مستعارة علي مشروع انتهازي او مشبوه. فنحن فئة مهنية من أبناء هذا الوطن ننهض بدورنا التبصيري والتوعوي بتبيان ما إلتبس، وتصحيح ما تشابه، وأهم من كل ذلك، الصدح بالرأي بلا تهيب او خوف !
إن إستشعارنا لمسؤوليتنا الوطنية والتاريخية تجاه ما يجري، يلزمنا التصدي لواجب المحافظة علي الثورة، وحماية الحريات العامة التي إفترسها بيان الفريق البرهان الانقلابي في 25 أكتوبر 2021.
ولأننا منحازون لتطلعات وأماني ورغبات شعبنا مفجر الثورة، فان الوقوف علي الحياد ، ليس بخيار، تماما كما ان الاكتفاء بلعن الواقع الراهن والتفرج وعدم المشاركة بفعالية في معركة الانتقال الديموقراطي، هو أيضا ليس بخيار . فتلك السلبية سلوكا مرفوضا من منظور انها تعني هروبا من أرض المعركة وتطويلا لمعاناة شعبنا، وتخاذلا لن نرضاه لأنفسنا.
إن قرار التوقيع علي الاتفاق الاطاري، في هذا الوقت، جاء نتيجة قناعة ذاتية متأنية لكل الموقعين ممن أخذوا في إعتبارهم مجموعة من العناصر، أهمها:
1- توسع حالة الاستقطاب الحاد والتفتيت المتعمد لقوي الثورة، والمحاولات الدؤوبة والمكشوفة لازكاء الفتن العرقية والتعصب القبلي. وبالنتيجة، تزايدت رقع الحريق والاقتتال وسالت المزيد من دماء الابرياء في ربوع وطننا العزيز حتي غدا إنعدام الطمأنينة وانتشار العنف والاقتتال اكبر مهدد لاستقرار وأمن وسيادة بلادنا وسلامة أهلنا . وعلي محور مقابل، وبينما الافق السياسي يشهد إنسدادا متزايدا، ويتواصل فشل الحلول السياسية ومحاولات التهدئة، رغم بلوغنا حالة متقدمة من الاختناق الوطني، فان الساحة العامة تشهد تسيّدا لظاهرة إرهاب الخصوم السياسيين وتخوين كل من يدعو للتأمل في الراهن المزري، أو يدق ناقوس الخطر منبهًا
للانزلاقات اليومية الخطيرة والتردي الذي أطبق علي كل مناحي الحياة وعصف بالاقتصاد والامن والصحة وغيرها .
كسبب وكنتيجة لكل ما ذكرنا اعلاه، تكاثرت الانقسامات، وتعددت الانشطارات وتآكلت وحدة قوي الثورة وتفشي الصراع الداخلي.
2- أفضي ذلك الي بروز ما يمكن تسميته بثقافة “مُلاّك الثورة” ممن يحتكرون إصدار أحكام التخوين وتوزيع صكوك الوطنية والنضال ضد معارضيهم في التناول السياسي، وتصاعدت وتيرة الاحتراب الاعلامي وإلاغتيال المعنوي للشخصيات، والتعسف في شن الحملات الإبليسية والتشويش علي المواقف. هذا المناخ أفرز غلوا وشططا في إبتسار الاحكام وتدليس الإدعاءات، وإحتكار الحاكمية بإعادة تصنيف الفعل الثوري ثم إختطافه. فشاع التخويف والتخوين ووأد الرأي المُخالف بمصادرة حق التعبير أو بإلصاق تشوهات متعمدة وحشر فبركات علي ما يكتب الخصوم أو ينطقون، وإلصاق الاكاذيب والتقوّلات الذميمة بهم. وفي كل الاحوال يكون الهدف هو قمعهم وقصفهم بأقذع البذاءات.
3- غياب الخيارات البرامجية البديلة، أكانت رؤي عملية او تصورات قابلة للتطبيق مما رسخ إنغلاقا محكما علي الواقع الماثل، وألغي آليات تطويره في مسارات تفضي لمخرج وطني آمن.
هذه المجموعة الموقعة من الاعلاميين ليست تحالفا سياسيا او تنظيما نقابيا وانما كفاءات مهنية تتلاقي مع الاخرين في الهم الوطني وفي تقييم ما يتوجب القيام به الان. فالموقعون أصحاب أقلام وطنية مستقلة استقلالا تاما، ولا يمثلون سوي أنفسهم ويأملون بتوقيعهم توفير قدرات دفع حركية لتحركهم كمجموعة تتفاعل داخل المحيط السياسي كشريحة مهنية من مكونات المجتمع المدني. ان كينونتنا المستقلة هذه، بالبداهة، لا تنتقص من حقوقنا كمواطنين سودانيين ذوي مصلحة في تحقيق الانتقال المدني الديموقراطي وانهاء سياق الحكم العسكري الديكتاتوري الراهن -او المستقبلي – في السودان.
نحن مواطنون سودانيون نتفاعل مع الراهن السياسي، ونتمتع بحقنا في الترشيح والانتخاب، بيد اننا نرفض تجييرنا لصالح فئة حزبية أو جماعة أيا كانت . بالرغم من عدم إنتمائنا الحزبي، يتعين الصدح بالصوت العالي أن وجود أحزاب سياسية هو ضرورة شرطية لازمة لقيام أي نظام ديموقراطي مدني . فلا وجود لديموقراطية وحكم مدني بدون احزاب سياسية فاعلة. هذا الاقرار لا يلغي ضرورة وأهمية ان نتحدث علنا عن ضرورات ومطلوبات الاصلاح في هياكل احزابنا القائمة، غير ان هذا حديث ينتظر دوره في سلم الاولويات.
يتقاسم الموقعون ذات الهموم البنيوية ذات الصلة بخيمة الديموقراطية والحريات مع كل الموقعين علي الاتفاق الاطاري
فهدفنا الاستراتيجي هو سد الثغرات والنواقص المتوافرة في الاتفاق والانهماك عمليا ووظيفيا في إستحداث تصورات عملية تصلح كحلول لعدد من المسائل التنفيذية وغيرها من التحديات.
إستطرادا مما تقدم نرفع هذه اللاءات:
لا للإرتداد عن اكمال مسيرة التحول الديموقراطي.
لا لتفتيت قوي الثورة وضرب وحدتها والتفريق بين المكونات ذات المصلحة الحقيقية فى الانتقال الديمقراطي،
لا للتنكر لشعارات الثورة
لا لجر البلاد الي مستنقع الفوضي أو إستهداف أمن وسلامة سكان بلادنا ووحدة اقاليمنا عبر التآمر والتشويش.
لا لتعمد التباطؤ في تنفيذ استحقاقات فترة الانتقال بغية تجاوز أمدها وتعطيل تهيئة البلاد للانتخابات واقامة حكم مدني.
المجد لشهداء الثورة السودانية
العزة لشعب السودان البطل
النصر لثورتنا الباسلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *