مقال

29 أكتوبر… الجميع كانوا هناك.. ضياء الدين سليمان

* إسترعى إنتباهي لحظة صعودي لمنصة مسيرة نداء أهل السودان يوم 29 أكتوبر ليست الحشود الضخمة التي جاءت ملبية النداء وليس التنظيم الدقيق لفعاليات البرنامج ولا كلام المتحدثين والذي بالضرورة خاطب قضايا سياسية ملحة ، ولا السلمية التي كانت تعبر عن وعي وإدراك الحاضرين للمسيرة ولكن ما لفت انتباهي هو أن الذي ينظر حقاً لمكونات هذه المسيرة سيجد أنها تعبر عن غمار الشعب السوداني بأثرهم.

* الناظر لهذه المسيرة تترأى أمامه جبال التاكا ، وتنتصب نخلات الشمال في طريقه ، وينساب النيل مابين ارجل الحاضرين ، وتقف جبال النوبة شاخصة أمام اعينه ، سيجد الكرنق، والمردوم ، والطمبور، والنوبة ، والطار ، والوازة، الكلش،

* سيجد الناظر لهذه المسيرة نفسه بين أهله وعشيرته ، سيجد نفسه وسط اصدقائه الذين يألفهم ويألفونه، سيجد ابيه في وسط هذه الجموع وأمه تتقدم الصفوف وإخوانه يعبئون حناجرهم بالهتافات والاناشيد سيجد الشباب والشيب ، الرجال والنساء، الصغار والكبار.

* سيجد من بين الناس المزارع الذي ترك زراعته وجاء وثيابه معفرة بالثرى ، والميكانيكي الذي يبدو على جبينه العرق ، سيجد الأستاذ الذي تتناثر على ملابسه ما تبقى من حبيبات الطباشير ، سيجد الطبيب الذي تفوح منه رائحة العقاقير سيجدهم جميعاً كانوا هناك.

* نعم جميع الصيد كان في جوف الفرا جاءوا ليقولوا كلمتهم ويقرروا بايديهم مستقبل البلاد السياسي، إحتشدوا في موكب الكرامة ليستردوا كرامة الوطن التي ذبحت بسكين صدئة في رابعة النهار ، أتوا رافضين للتدخلات السافرة في الشأن السياسي السوداني، جاءوا ليتركوا رسالة في بريد كل من كان يظن أنه يمكن ان يتلاعب بمكتسبات هذا الشعب جاء هولاء ليوزنوا معادلة العمل السياسي التي اختلت منذ ضحى التغيير الذي حدث في البلاد

* تظل الرسالة الابرز التي تركتها مسيرة 29 أكتوبر هو أن التيار الإسلامي الوطني العريض ما زال يمتلك القدرة على التحشيد وأنه لم يعد ذلك التيار المهيض المرتبك المصدوم بذهاب الإنقاذ وهذه حقيقة يجب أن يدركها الجميع ، وأنه حال اقدم المكون العسكري على خطوة التسوية المزمع قيامها مع الحرية والتغيير لتعييد معها عقارب الساعة لما قبل قرارات 25 أكتوبر فأن هذا التيار ستكون له كلمته الخاصة.

* 29 أكتوبر كان قيدومة لعمل سياسي منظم وهذه بالضرورة يعني انه ستتوالي مثل هذه المسيرات ولكن ما لا يدركه هذا التيار العريض والمنتشر في كل ارجاء البلاد انه يجب أن ينتقل بفعله السياسي من مربع المناشدات للبرهان تارة والتماهي مع حميدتي تاره أخرى لفعل أخر يوازي حالة الضعف التي تعتري أوصال البلاد.

مواضيع ذات صلة

رسالة من عبدالحميد كاشا في بريد هؤلاء

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: بين جيشين فى كسلا وبورتسودان

عزة برس

عمار العركي يكتب: مقاومة والي القضارف لمقاومة ولايته الشعبية

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: المسكيت: أرى أشجارا تسير ..!!

عزة برس

نعم !!! نحن المسؤولون عن جرائم الدعم السريع بقلم: عبدالرحمن أبو منصور

عزة برس

الراصد.. فضل الله رابح يكتب: الأسري المدنيين… ومأزق حرب المليشيا وأدواتها_واستفسارات مشروعة حول رجل ثقة (2)

عزة برس

اترك تعليق