المقالات

فى ذكرى إستشهاده مواجهاً الإرهاب بجبرة.. عقيد معاش بجهاز المخابرات يكتب : أنس، فك آخر الشفرات ومضى

– تاريخ ومكان الإستشهاد:
الثلاثاء 28/9/2021م، الخرطوم ، مدينة جبرة ، فى مواجهة واشتباك مسلح مع خلايا إرهابية.

* أصلاً ناس الفنية ديل “علماء و فنانين” ، بتاعين ترطيبة ، ضاربين الهمبريب مع الأجهزة والسيرفرات وال “Id” و “Location” ، ونحنا الما كملنا تعليمنا جاريين فى حراية الميدان وما ادراك ما الميدان.

* هكذا كان انطباعى ، وربما كثيرين من زملاء الميدان ، قبل أن يجمعني العمل الميدانيى بتيم منهم ، فكنت من المحظوظين وانا أعايش بدايات سيناريو “ الجوكر ” ، ذاك الشافع اليافع النحيف ، المشاكس ، اول ما يلفت الإنتباه ، كثافة شعره “المنكوش” و المتمرد مثل صاحبه تجاوز رأسه ، زاحفاً ومتدلياٌ حتى كتفيه ، ولا تكاد تستبين ملامحه إلا إن أذن هو بإزاحة الشعر عن وجهه ، كاشفاً عن ملامح طفولية هادئة تريح الناظر .

* سألت الضابط الأعلى رتبة والمشرف عليه ، ده منو ؟ اجابني ضاحكاً وبإقتضاب مهنى :
( لا يغرنك الشكل ، ده مصيبة وبلوة اسمو “انس” وتوقيعه “الجوكر” ، لكن “بجي منو”) ، وذلك قبل أن يصرف التعليمات للضابط المشرف الأقل رتبة .

* بعدها جاء الضابط المشرف الأقل رتبة وحسب التعليمات قام بإستلام ملف “الجوكر ” ، ومن هنا ، بدأت حياة جديدة “للجوكر ” ضمن رواية من روايات جهاز الأمن والمخابرات الوطنى سابقا ، قبل تقليصه وهيكلته وإختصاره شكلا وموضوعاً وصلاحياٌ فى جهاز المخابرات العامة كانت وإحدى من الإفرازات السالبة لذلك أن أصبح السُودان ولأول مرة قبلة وملاذ آمن لخلايا “داعش” الإرهابية ، ووصل أن يتصدى لهم النقيب “انس” ضابط الاتصالات الفنية والتقانة،

* الجوكر ” أنس”، قصة و رواية مخابراتية واقعية عنوانها “الوطنية والمهنية والتجرد” لا تُروى ولا تُكتب ولا يعلم بها إلا من عايش وشاهد إحدي فصولها عن قُرب ، ابطالها “ضابطان وجوكر”.

* دارت السنين ، وتفرقنا في دروب العمل بالجهاز ، ولم التقي أنس ، إلا بعد تقاعدي وذهابي إليه في منزله في مدينة بحري بحلة حمد معزياً في وفاة والده ، ودار بيننا حديث العام والخاص ، قال لي “أنس” :-
والله يا سعادتك فقدي ما واحد؟ أنا فقدت “ابواتي الإتنين” ابوي محمد وابوي سيادتو (…..)، – الضابط الأعلى رتبة – ، اتخيل يا سعادتو ، سيادتو (….) ينزلوهو ؟ ولا سيادتو (…..) – الضابط الأقل رتبة – موجهين ليهو 130 قتل متظاهرين ، وبدأ في نوبة من البكاء الهيستري المخلوط بالحزن والأسف والحسرة على النكران والجحود وعدم تقدير العطاء ، قبل أن يكفكف دموعه بيده ، وفي برهة تبدلت ملامحه البرئية إلى غضبة تشوبها عزيمة وإصرار وهو يقول بصوت ينُم عن إصرار : –
لكن والله يا سعادتك الموضوع ده إلا افك شفرتو – هكذا كان يردد هذه المقولة امام أيما معضلة – وتفرقنا .

* ولم التقيه بعدها ، إلا وهو جثمان مسجي بمسجد القيادة العامة يُصلي عليه صلاح مناع ، والذي في صباح ذات اليوم المشئوم يريد ان يفكك الجهاز “مباشرةً ، فقام (انس) بفك شفرته في المساء.

* لم إلتقيه إلا في صورة ملونة، تتخاتفها الأسافير والفضائيات مزيلة بكلمات ظلت وما زالت مكتومة وحبيسة في صدور كل العضوية وستظل رغم أهواج وأمواج الشيطنة والتنكيل لأن قناعتهم وتربيتهم الوطنية وعقيدتهم المهنية تحدثهم دوماً بأن إبداء أيما تذمر او إستياء او تعبير عن ظُلم و غُبن – وإن كان شخصى – في حد ذاته يُعد إفشاء لأسرار الدولة يستفيد منها العدو” ،

* لم ألتقيه إلا في بوستات ومقالات تحكى عن قليل تسرب من كثير مكتوم من من بطولات وطنية ، وروايات مهنية احترافية وعطاء ثابت وراسخ ،ممتد ومستمر طيلة دورة حياة الجهاز التاريخية منذ ميلاده وحتى الآن ، وذلك فى زمان الإستهداف والظلم الذي حاق بهذه المؤسسة وبكل عضويتها دون إعتبار لحاجة الوطن الماسة لهم ولمؤسستهم.

* لم ألتقيه إلا في (كلمة حق) قيلت ممن قسم له ربي “فضيلة الإعتراف” بخطئه في توصيف ووصف مؤسسة الجهاز الخالصة الوطنية ، عن جهالة او بدافع تجربة شخصية مرَ بها ، فكانت كلمات العرفان والمؤاساة والدعوو لرفع المظالم وكسر قيود التكبيل والتخذيل حتى يستطيع الجهاز القيام بدوره الطبيعى والطليعي في حماية وتأمين مصالح ومكتسبات البلاد والعباد ،خاصة مكافحة الإرهاب ، والذى لو الجوكر أنس ورفقائه لما هدأت الهوجة ، وأخرست ألسنة الشيطنة.

* لم ألتقيه إلا في ظلمة مقابر “حلة حمد” ونحن نواري جسده النحيل الثرى ، وبرغم الظلام والعتمة ، كانت ملامح وتقاسيم “انس” تعترى قسمات عدد من الشباب الحضور ، سنا برقهم يخطف الأبصار ، ووجوهم دون الآخرين وضاءة مستبشرة ، وبالسؤال عنهم قيل لي انهم بقايا من “أنس” ، جزء من كل الدفعة 39 ، كانوا بذات ملامح وصفات وعزيمة الشهيد وهم علي عهده سائرون ، حينها إستدركت أن الرقم 39 مضاعف للرقم 3 – ضابطان وجوكر – إستيقنت حينها أن أنس لم يمت .

* أنس ، مضي بعد أن فك آخطر الشفرات ، شفرة تفكيك الجهاز ، واوصل رسائل المؤسسة وعضويتها فعلاً وليس قولاً، وأهم رسالة فى نظرى أن تأتى ذكرى الجوكر موجهة الى قائده الذى سيقول القضاء السودانى النزيه كلمة الحق والعدل بعد ايام قلائل بخصوص شيطنة ال 130 ، لتصبح الذكرى ، لغة و لسان حال ناطق.

* أنس ، طبت هانئياٍ بمتكاك في الفردوس الأعلى مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.

* بُشراكم “الضابطان ” ، بُشراك أم الشهيد (سامية) بُشراك أُخت الشهيًد (ريم) بُشراكم إخوته وأهله ودفعته وزملائه ،
له الرحمة ولكم الصبر وحُسن عزاء، وللبلاد الأمن ،،، والسلام .

عقيد أمن معاش ع.م.س
2021/9/28م

مواضيع ذات صلة

د عبدالباقي الشيخ الفادني يكتب : عزت الماهري و ياسر عرمان Game over

عزة برس

عائشة الماجدي تكتب : رجال بابنوسة ( الرجال الرجال )

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: (أبونا ) علي شمو.. تبت يد الجنجويد

عزة برس

عائشة الماجدي تكتب : ( متلازمة الفشل في مكتب برهان )

عزة برس

كتبت مزدلفة دكام … ثرثرة فوق البحر الأحمر بين مصر والسودان

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: أخبار اليوم مع السفير المصرى ثرثرة حمراء فى اللص والكلاب

عزة برس

1 تعليق

سيسي 2022-09-29 at 7:02 ص

معقول عقيدة امن،يتكلم بهذا الهراء…
من الذي جاء بكارلوس
ولن لادن
واحمد جبريل.مختطف الطائرات
و….
الارهاب من صنع الانقاذ
أين قوش الآن؟
في مصر وهو في قبضتها حالياً..

رد

اترك تعليق