المقالات

تحبير.. د.خالد أحمد الحاج يكتب: حديث في الثقافة

* بمثل ما للسياسة والاقتصاد من أهمية بالغة للمجتمع في إحداث المتغيرات الإيجابية، وتحسين الحياة المعيشية للشعوب، فإن للثقافة أهمية لا تقل عن تلك الجوانب في شيء، فهي همزة الوصل بين كافة مكونات المجتمع، وهناك العديد من الأدوار التي يقوم بها أهل الثقافة ليس بمقدور النخب السياسية والاقتصاديين وغيرهم القيام بها، ليس لقصور في تكوينهم، بقدر ما للمفردة الإبداعية من قدرة على القيام بهذا الدور بالصورة المطلوبة.
* الخطاب الثقافي واختيار مفرداته من شأنه المساهة بقدر كبير في هندسة طريق الوحدة الوطنية، فالثقافة لا تؤمن بالتمييز، ولا يعرف قاموسها أي شكل من أشكال المفارقات التي لدى غير أهل الثقافة، بدليل أنها تختار الأساليب التي شتوحد الوجدان، وترسخ للهوية القومية للأمة.
* غياب المثقف عن الساحة ساهم بقدر كبير في غياب الوعي الجمعي، وفي اتساع الهوة بين المتلقي ومصادر المعرفة، لذلك لابد أن نجيب على السؤال الجوهري الملح: كيف يتشكل المثقف ؟ ولماذا تراجع دوره في الفترة الأخيرة ؟ وما المعايير التي يجب أن يعتمد عليها لتغيير أنماط السلوك الخاطئة لدى المجتمع ؟
* إن كنا نريد للثقافة أن تؤدي وظيفتها بالصورة المطلوبة، لابد أن تكون مواعين الإبداع مكتملة الأركان، كما لابد أن تتم دراسة المجتمع المراد إحداث تغيير ببنيته من حيث الذوق العام، وطرق الاستجابة عنده، ومن حيث تقبله للمنتج الثقافي، ومن ثم تحديد الكيفية التي يتم بها إيصال الرسالة الإبداعية إليه.
* طرق معالجة المسرح والسينما لقضايا المجتمع ومشاكله تختلف عن الطرق التي تلجأ لها الإذاعة والتلفزيون، وردم الهوة بين المثقف والمتلقي يحتاج إلى جهد متصل، وعمل شاق لكي نضمن جريان الماء تحت الجسر لابد من تهيئة الظروف للثقافة لتقوم بمهامها بالصورة المطلوبة، فهي قيمة إنسانية في المقام الأول، وفلسفة قائمة على الأخذ والعطاء بين طرفين أو أكثر، وقد جدت الثقافة منذ أن وجدت الخليقة الأولى، وهي تعبير عفوي صادق يلامس الوجدان، ويخاطب المشاعر، بعبارات دقيقة وواضحة، البعض منها موجز، والبعض الآخر فيه شيء من الإطالة.
* هناك العديد من المفاهيم التي تداولت حول الثقافة والمثقف، الثقافة تتأثر بعوامل الزمان والمكان والمتغيرات البيئية، وعوامل اللغة، والمثقف هو الشخص القادر على التعبير عن هموم مجتمعه بطريقة معروفة ومقبولة لدى هذا المجتمع.
* الثقافة لسان الأمة.. لأنها تخاطب في الشعوب وعيها ومدركاتها، وتعمل كذلك على تنمية القيم والمبادئ الصادقة، لذا فإن الحاجة إليها متجددة ومستمرة، فهي دعامة لحركة الحياة، وتفاعل المواطنين مع بعضهم البعض، لذا لا غنى عن الثقافة في بناء وتشكيل المجتمع، مع الأخذ بالاعتبار بالمذهب والمعتقد السائد في المجتمع.
* تحديات الاستلاب الثقافي حتمت أن تتخذ الدول والشعوب من التحوطات ما يجعلها قادرة على الحفاظ على موروثها الحضاري، لكي لا تفقد الأمة رصيدها من المعارف، ولكي لا تسقط في امتحان الأخلاق، عليها أن تحافظ على هذا الرصيد من المعرفة والقيم والمثل والأعراف .
* نفض الغبار عن الفعل الثقافي لابد أن تفكر فيه الجهات المختصة بصورة جادة، ولا بأس من استعانتها ببيوت الخبرة الوطنية إن دعا الأمر إلى ذلك، بجانب المؤسسات التعليمية المعنية بتشكيل الوجدان الثقافي، ولا بأس من الاستفادة من تجارب الدول الشقيقة والصديقة، لتكون هادية في تشييد هذا البناء.
* ضعف اهتمام الدولة بالثقافة والمثقفين ومواعين الإبداع وضع المجتمع أمام تحدي كبير، مواجهة الفراغ واحدة من أكبر المعوقات التي تهدد مستقبل شبابنا، ومجابهة الثقافات الوافدة وبالأخص السالبة منها تعد الأشد خطرا على المجتمع إن لم يتم تداركها.
* الحكومات لوحدها لا تقدر على دعم وتعزيز الثقافة والهوية القومية، ووحدة الوجدان والمصير، لنا كمواطنين أدوار ينبغي أن نضطلع بها، إن اتجه تفكيرنا إلى هذه الناحية فوقتها يمكن أن تكون الثقافة هي الحياة.

مواضيع ذات صلة

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: دعوها فانها مأمورة ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: استفهامات بريئة جدا ؟!

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: دموع مريم… وهروب حمدوك

عزة برس

تمبور السودان عصي على التركيع وصامد امام اعتى العواصف

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: تفسير مفهوم مصطلح (تكنوقراط) انجب مولود مشوه ..!!

عزة برس

دكتور وليد شريف يكتب : صديق الحلو.. رحيل لثورة ضد السكون

عزة برس

اترك تعليق