المقالات

حول قمة الكبار بالقاهرة.. حزبا الاتحادي والأمة !! بقلم:: حازم عوض الله حسين المحامي

أتي انعقاد اللقاء المشترك بين حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي الاصل بالقاهرة في التاسع عشر من شهر يوليو ٢٠٢٢م في توقيت استراتيجي، مهم وحساس للغاية ؛ بل فارق وحيوي في تاريخ السودان الذي يشهد تطورات باتت تهدد بانزلاق وشيك للسودان في هاوية سحيقة من عدم الاستقرار والامن وتنذر بما لا يحمد عقباه .في هذا التوقيت جاء لقاء القاهرة بين رئيسي الحزبين الكبيرين مولانا السيد محمد عثمان الميرغني واللواء فضل الله برمة ناصر ،بحضور نائب رئيس حزب الامة الدكتورة مريم الصادق المهدي ونائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي السيد جعفر الصادق الميرغني وكذلك مساعد رئيس حزب الامة الدكتور عبدالحليم تيمان ومستشار رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي المحامي حاتم السر.
يمكن للمرء أن يلاحظ هذه المرة تطوراً نوعياً وكمياً في شكل ومضمون الوصل والتواصل ما بين الأمة القومي والاتحادي الأصلي، والذي يكتسي من خلال هذه اللقاء المشترك قوة ومتانة، وإدراكاً خلاقاً للمتغيرات الجيوسياسية والجيواستراتيجية، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالاوضاع الداخلية أو الخارجية وما يعتريهما من أزمات وإشكاليات، أو بالنسبة للعالم برمته.
ولعله من نافلة القول الحديث بان علاقة الاتحادي بالامة تسبق تاريخيا العلاقة مع بقية القوي السياسية وانها تستند علي رصيد كبير من العمل الوطني المشترك منذ بواكير الحركة الوطنية لاستقلال السودان مرورًا بمحطات اخرى الي يومنا هذا .
سبق هذه القمة بين الحزبين والرئيسين ومهد لها اجتماعات لجنة التنسيق المشتركة بين الحزبين التي قادها في الخرطوم الحبيب محمد حسن المهدي والشقيق بروف بخاري الجعلي وتوجت بهذا اللقاء الرئاسي الذي سيكون له ما بعده في قادم الايام.بداهة لأن الكبار حين يتحركون باتجاه تحقيق تطلعات شعوبهم؛ فإن المستحيل يغدو بين أيديهم سهلاً طيِّعاً، وهذا سر تفاؤل قطاع كبير من السودانيين باللقاء الذي جمع رئيس الامة، ورئيس الاتحادي الديمقراطي ،الذي كان لافتًا للانظار في وسائل الاتصال.وبالرغم من حالة التفاؤل الواسعة التي صاحبت إعلان خبر عودة المياه الي مجاريها بين الحزبين الرئيسيين بالسودان الا ان الأمر كان جالبًا لعدم الرضاء لبعض ذوي الرؤية الناقصة قصيري النظر ضيقي الافق من الأحزاب الصغيرة والجديدة التي عملت جاهدة لاحداث وقيعة وقطيعة بين الأمة والاتحادي لصالح أجنداتها الحزبية الضيقة .
تنبع أهمية لقاء الكبار في القاهرة من مخرجاته التي تم الاعلان عنها.وتكتسب هذه القمة أهمية خاصة في هذا التوقيت؛ حيث كثير من ألسنة اللهب مشتعلة، وما من أحد يسعى في طريق الحرائق؛ بل الجميع يسارع إلى إطفاء ألسنة اللهب، فمن النيل الازرق ؛ حيث الجرح النازف الكبير، وصولاً إلى تطورات المشهد الممتلىء بالصراع القبلي والفتنة المناطقية في العديد من ولايات السودان وما يقوم به الجيش الاثيوبي من غزو واضح للفشقة ومحاولات انتهاك واضح للسيادة الوطنية السودانية ، مروراً بالأزمة السياسية المركبة والمعقدة، والتهديدات باعلان حالة الطوارئ بالبلاد تمهيدًا لعودة الحكم العسكري، مع كثرة التحديات الجسيمة والمخاطر الكثيرة المحدقة بالبلاد يلاحظ المرء التأثير الواضح والكبير لغياب الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل برمزيته ومرجعيته ووسطيته ودوره الذي يمكن ان يلعبه ، ولا نغالي ولا نبالغ إن قلنا إن الاوضاع السياسية بالسودان لن تستقيم او ينصلح حالها ما لم يعود هذا الكيان الوطني الي موقعه الطبيعي والطليعي.ومن هذه الزاوية فان قراءة تحرك حزب الامة بكل ثقله وتوجهه نحو القاهرة لعقد هذه القمة بين الحزبين الكبيرين وتعميق العلاقات بينهما ودعوة الأصل بقيادة مولانا الميرغني ليكون جزءا لا يتجزأ من القوي الوطنية السودانية التي ستوقع علي الاعلان الدستوري الجديد الذي سينظم ما تبقي من الفترة الانتقالية وهذه الدعوة من الأمة للاتحادي بصراحة ومن غير مواراة أو مداراة تعتبر نوعاً من الذكاء السياسي ، وإنجازاً يحسب للقيادة السياسية بقيادة اللواء برمة والدكتورة مريم والدكتور تيمان .
إن القراءة الأولية لهذه القمة تشير إلى أن هذه الخطوة تشكل بداية جيدة نحو إنهاء حالة التشظي السياسي القائم والتأسيس لنظام سياسي وطني جديد يضم بين صفوفه الحزبين الكبيرين وأكبر عدد من الجهات السياسية الفاعلة في البلاد، مما يفتح باب الأمل مشرعًا أمام إنجاح الجهود الرامية لتوحيد القوى المدنية الوطنية المؤمنة بالتغيير والساعية للتحول الديمقراطي الحقيقي بالبلاد .
أسئلة مهمة أثارها لقاء الحزبين الكبيرين علي شاكلة : هل يفلح الحزبان في نزع فتيل الازمة؟ وكذلك سؤال آخر مطروح بشدة هل ما يتردد عن أن الحزبين إتفقا علي الدعوة لاجراء انتخابات سريعة حقيقي؟كل أسئلة الشارع السياسي السوداني، وما يتردد على لسان المراقبين والمتابعين للمشهد بخصوص موقف الحزبين الكبير ستجيب عليه الايام القليلة القادمة.ويبقي التأكيد علي أن المهم في هذه المرحلة هو أن يكون هناك برنامج وطني واضح يقوده الحزبان الكبيران ويتم الاتفاق علي تنفيذه بين كل أهل السودان، للخروج بسلام من الأزمة الحالية التي يعيشها السودان .

مواضيع ذات صلة

تمبور السودان عصي على التركيع وصامد امام اعتى العواصف

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: تفسير مفهوم مصطلح (تكنوقراط) انجب مولود مشوه ..!!

عزة برس

دكتور وليد شريف يكتب : صديق الحلو.. رحيل لثورة ضد السكون

عزة برس

عائشة الماجدي تكتب: السلطان سعد ( أسمحوا لي بالمغادرة )

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: مؤتمر باريس ومتلازمة أزمة الضمير السياسي ..!!

عزة برس

كل الحقيقة عابد سيد احمد اقتراب تحرير الجزيرة بين الأقوال والافعال !!

عزة برس

اترك تعليق