المقالات

ابوعزام علي جبر الله .. يكتب : المَرْخ درة السافل ومنارته السامقة

تواصل المرخ حاضرة الكبابيش بالسافل ، السعي الحثيث وبخطىً ثابته لتنال نصيبها من الشهرة والصيت وسط المدن واشباه المدن في محليتى سودري وجبرة الشيخ في الآونة الأخيرة ، مستندة في ذلك علي كثافة سكانية ملحوظة واقتصاد متنوع فعال وحركة تجارة لا تخطئها العين ، وذلك بفضل النشاط التجاري و التعديني من ناحية ثم لموقعها المتميز كبقعة بدأت في الاقبال علي الحياة المدنية الحديثة بالرغم مما تبدو علي ملامحها من مسحة بداوة او اطلالة ريف .
أيضا مستفيدة من تقاطع وتلاقي عدة طرق تجارية عابرة سوف نبينها فيما بعد في الفقرات القادمة في المقال .
وددت في هذا المقال أُلقي بعض الضوء على هذه الرقعة الجميلة المعطاءة الواعدة التي تسمى المرخ ، وتبيان بعض ملامحها وقليل من تاريخها بهدف تعريفها ونفض الغبار عن حياة مجتمعها ووضعه في دائرة العلن و الوضوح .
قامت المرخ على الوادي الموسمي الذي يرفد المنطقة بالمياه في وقت الخريف ، حيث حفرت علي ضفافه و داخله ابار سطحية لسقيا الإنسان والحيوان الذي تكثر اعداده في تلك النواحي ، وقامت حولها قري وفرقان ودكك ، أدت الي تواجد سكاني بأعداد معتبرة مما ساهم في تسارع نمو المنطقة , كان المرخ يسمى سابقا (تمد الخيل) ، الا انه ليس من المعروف متى تحول اسمه الى عد المرخ، حيث من الثابت انه قديما كانت تنمو اشجار المرخ بكثافة في المنطقة ، والمرخ شجر صغير الحجم؛ دائم الخُضرة و شجرته لا تفوق المترين؛ فهي تنمو على سطح الأرض؛ وقد ورد هذا الاسم في أشعار العرب لبعض الوديان؛ كما قال الحطيئة عندما سُجن ونظم قصيدة يترجّى فيها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ (ماذا تقول لأفراخ بذِي مَرَخٍ زُغبُ الحواصل لا ماءٌ ولا شجرٌ؛)
يتبع المرخ إدارياً لمحلية (جبرة الشيخ) و يقع شمال غرب قليلاً من حمرة الوز؛ يحده غرباً الترك؛ وشرقاً منطقة الصافية ؛ ومن الجنوب الشرقي نهد ود الريح (أم سُرة) ومن الجنوب الغربي الفرجه وغله بره ومن الجنوب (أم دم) وهذه كلها مناطق في تخوم منطقة المرخ وتحفها من كل الجوانب .
يبعد المرخ عن العاصمة الخرطوم حوالي ثلاثمائة وتسعون ميلاً ، في اتجاه الشمال الغربي .
و هو ملتقى لعدد من الطرق تربطه بمناطق كثيرة أهمها أم درمان وحاضرة ولاية شمال كردفان مدينة (الأبيض) وسودري وجبرة الشيخ وكذلك يُعد أحد معابر شارع الأربعين الذي يأتي بالقرب منه وهو الرابط بين شرق ووسط السودان وغربه كذلك ؛ وغربه كذلك يقع شارع الأربعين المتجه إلى جمهورية مصر العربية؛
يعتبر المرخ بداية النطاق الذي يعرف عند أهل شمال كردفان وبالذات اهل البادية بالسافل (الشمال) وفي ذلك تقول الشاعرة الكباشية :
جقله الطنّ حوارك.
عقدوا الشوره رجالك.
كان الغرب ماشالك.
شيلي السافل دارك .
والسافل يعتبر ضمن جغرافيا أشمل تسمى دار الريح تقع في الجزء الشمالي من ولاية شمال كردفان وتشمل محليات سودري وجبرة الشيخ وبارا وغرب بارا . وهي إقليم يتمدد في نطاق صحراوي وشبه صحراوي. يصلح لممارسة الرعي وتربية الحيوانات وبعض الزراعة المطرية المحدوده .
وهي منطقة جميلة؛ تغنى لها الشعراء والشاعرات؛ تقول إحْدَاهُنَّ
*دار الريح تاريها
مشتولة المنقا فيها
نشيل الجوز نسقيها
ونحاحي الطير مايجيها.*
وقد ذكرها المؤرخ مكمايكل في كتابه (قبائل شمال ووسط كردفان) فكتب ، (عِدُّ المرخ يعتبر من المناطق التي يتمركز حولها السراجاب وتوجد به زراعة تسمى التروس وكان هذا في العام 1911ميلادية.
اما الان فإنها تضم معظم فروع الكبابيش وقليل من الهواوير وبعض العوائل من القبائل الأخرى؛
بالرغم من وقوعها في نطاق مناخ شبه صحراوي ،جاف نسبيا الا انها تتمتع بكثير من الطبيعة الخلابة والمناظر الجميلة التي تزينها ليالي الصيف المقمرة بالبهاء و السكينة .
؛ وكأنَّ أمير الشعراء أحمد شوقي يقصدها في قصيدته التي يتحدث فيها عن جمال الطبيعة ومافيها من مناظر ؛ يقول :
**ولقد تمُرُّ على الغدير تخالُهُ والنبتُ مرآةً زهت بإطار
حُلوُ التسلسل موجُهُ وجَريرُهُ كأناملٍ مرّت على أوتار**….. وإلى أن يقول

*وأرض زَانها العشبُ حوت بحراً وأنهارا وأشجاراً لنا ظل جنينا منها أثمارا وعذب الماء من مطرٍ على الوديان قد سار ليسقي الزرعَ والبشر جواداً كان مدرارا فتلك طبيعة غناء غدت للفكر أسرارا إلهُ الكون سواها عليها كان قهّارا *

مواضيع ذات صلة

تقرير: 1140 حالة اختفاء قسري خلال عام من الحرب في السودان

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: دعوها فانها مأمورة ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: استفهامات بريئة جدا ؟!

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: دموع مريم… وهروب حمدوك

عزة برس

تمبور السودان عصي على التركيع وصامد امام اعتى العواصف

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: تفسير مفهوم مصطلح (تكنوقراط) انجب مولود مشوه ..!!

عزة برس

اترك تعليق