المقالات

الحصة_وطن .. بين سفك الدماء وخطاب الكراهية والتشكيك في المواقف الوطنية يُرى التراجع المرير في لحمة الوطن العزيز.. تصر الدين مفرح

بسم الله الرحمن الرحيم

أحبتي:

إن سفك الدماء وعلو كعب خطاب الكراهية وتنامي العنصرية القبلية، التي هي من أعمال الجاهلية ، إنما هو ناتج عن ضعف وهشاشة البنية الإجتماعية التي ضربتنا منذ عقود مضت لما تهتك نسيجنا الاجتماعي وآلت الأمور في الإثنية الواحدة الي أكثر من شخص ، بعد أن كانت قوانينها العرفية واضحة في التسلسل المتبع في إختيار القائد وأعوانه، سواءً كان الناظر أو الملك أو المك أو العمدة أو الشرتاية أو الفرشة
أو الشيخ أو الدملج وغيرهم من المتسلسلين حسب طبيعة إدارة كل إثنية .
لم تكن الإدارة الأهلية قد تكونت في عهد الإنجليز وإنما استفاد الإنجليز من إرثها في إدارة العوام من المجتمع لتسهيل عمليات الحكم المحلي ذو الطبيعة العشائرية .
فهو نظام متوارث منذ الممالك في الفونج والعبدلاب والشايقة والمسبعات وتقلي والنوبة والشلك والنوير والدينكا والأنواك وحتي النظام التركي المستعمر قد إستفاد منها في حكم المجتمع المحلي .
كما إعتمدتها الدولة المهدية والحكم الوطني الديمقراطي الذي أعقب الإستقلال إلى أن جاء نميري وحل الإدارة الأهلية فانفصم العقد .
فهذا النظام القديم المتجدد إستفادت منه الإنقاذ سلباً في حشد المؤيدين لحكمها وذلك بإختراق النظام الذي كان متبعاً في إرثها فاستحدثت الإمارة وجعلت للعشيرة ناظراً وأميرًا وتارة أكثر من ثلاثة عمد في دائرة جغرافية واحدة مما أثر في تقليص سلطان الإدارة الأهلية كأعظم إرث إداري أهلي إستمر لأكثر من 600 عام دون المساس أو التضارب في سلطان الحاكم وقوانينه بل الإنسجام والمواؤمة بعيداً عن ساس يسوس .
فالطبيعي أن يتأزم الموقف يوماً ما بسبب تضارب المصالح وتقسيم السلطات والتملك للأرض بين التاريخ والواقع وبين التمدد المجتمعي والتداخل الأسري والإنصهار والصراع حول الموارد وهو ما أطرت له السياسات الدكتاتورية .
فالإنتباه للأزمة الحالية مهم، والتدخل السريع للحل الجذري أهم، لأنه ما من أزمة أخطر من الفتنة الدينية والقبلية لأنها مرتبطتان بالروح المقدسة والوجدان والاحاسيس والمشاعر .
وما أزمة أهلنا بإقليم النيل الأزرق إلا أنموذج حي للأزمة التي خلفت أرواح بريئة ونهبت الممتلكات وشردت الآلاف نزوحاً في إقليم لم نسمع عنه في مجتمعه العشائري المحلي إلا الترابط والإنسجام وهذه أول حادثة في العصر الحديث للتصادم المجتمعي ولكنها كان الأخطر طوال فترات التعايش السلمي هناك .
ويقيني أنها ستحل وسيكون التوافق والتعايش هو الكلمة الأخيرة لما ألمسه من قلوب مؤمنة بالحل السلمي ونفوس متدينة وعقول ناضجة وقادة في الإدارة الأهلية أصحاب وعي وضمير حي ومصلحين لما فسد ولمن أفسد هاديهم في ذلك (( لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروف أو إصلاح بين الناس))

مواكب السودان الوطن الواحد:
لست في شك من أن الثورة حق للجميع ، وأن الناس شركاء في الهم الوطني ، لكن الذي يجب أن يحترم ويعزز هو أننا متباينون في الوسائل ومتفقون في الهدف العام وهو إنهاء الإنقلاب ، فعلي أي شئ نتصارع ونحن في (( الهاوية سواء )) .
إن الموقف الذي شهدناه في الدعوة لمناهضة الإنقلاب وإلغاء خطاب الكراهية والدعوة للتعايش السلمي وتعرض البعض لمواكب الشرفاء والمناضلين الذين عرفتهم السجون وزنازين النظام السابق والحالي والتشكيك في المواقف الوطنية لهم أعلم انها مصنوعة لضرب الثورة السلمية ، وخلق هذا لتسميم الأجواء لهدف ما ، إذا أنجر الناس اليه فسوف يري ، وساعتها لا يبشر الأمر بخير للبلاد ولا العباد ، وليس جواً صحياً للديمقراطية أو المدنية التي نتطلع إليها كنظام حكم يتبادل فيه أبناء الوطن السلطة .
أرجو أن نعلي من قيمة تقبل بعضنا بعضاً وأن نتشارك الهم الوطني ، وأن نوحد صفوفنا، ونتحرك للأمام خطوة ، مع إستلهام معاني الوفاء للشهداء والتطلع لمشروع بناء الوطن بوعي وإدراك ، وطن عنوانه الحرية المنضبطة واحترام الآخر ، وطن تعزز فيه مبادئ العدل والمساواة والمساءلة والشفافية والتداول السلمي للسلطة ووضع حد لخطاب الكراهية والتطرف السياسي البغيض والجنوح للسلم والمسالمة والتعايش بإمان مع تعزيز إدارة التنوع وأدب الإختلاف .

إنها بلادنا التي أُوجدنا لنكون فيها بإختلافاتنا المتنوعة، وهي مصدر ثراء وليست مصدر صراع، وإنها موت نحيا فيه عندما ندرك لماذا نعيش .

#نصرالدين_مفرح_أحمد
#وزير_الشؤون_الدينينة_
والأوقاف_السابق

مواضيع ذات صلة

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: استفهامات بريئة جدا ؟!

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: دموع مريم… وهروب حمدوك

عزة برس

تمبور السودان عصي على التركيع وصامد امام اعتى العواصف

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: تفسير مفهوم مصطلح (تكنوقراط) انجب مولود مشوه ..!!

عزة برس

دكتور وليد شريف يكتب : صديق الحلو.. رحيل لثورة ضد السكون

عزة برس

عائشة الماجدي تكتب: السلطان سعد ( أسمحوا لي بالمغادرة )

عزة برس

اترك تعليق