مقال

الصندوق الأبيض.. يا والي الخرطوم استوصي بالنساء خيرًا..نادية عثمان

إن الشريعة الإسلامية أعطت للمرأة مكانتها، ورفعت الظلم عنها، وأوصت بحفظ حقوقها وإعلاء شأنها، بل جعلتها شقيقة الرجل في جميع الأحكام الشرعية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ) رواه أحمد والترمذي.
وفوق ذلك كله أوصى النبي صلى الله عليه وسلم وصية خاصة بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء) متفق عليه، وفي لفظ مسلم: (استوصوا بالنساء خيرا). شرح الحديث أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصي رجال أمته من الأزواج والآباء والإخوة وغيرهم بالنساء، فقال: (استوصوا بالنساء خيرا)، أي اقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن، وتواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن.
هذا أمر وواجب على الأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيرًا، وأن يحسنوا إليهن وألا يظلموهن وأن يعطوهن حقوقهن ويوجهوهن إلى الخير، كما في ذلك طلب العناية والرعاية للنساء، والعناية بأمورهن، أي أن الإنسان يقوم عليها خير قيام، فيحسن عشرتها ومخالطتها، وينفق عليها بالمعروف، ويغفر لها الزلة والخطأ، كما حث على الرفق بها بالتجاوز والعفو والصفح، ولا يقف عند كل صغيرة ولا كبيرة.
ما دعاني لكتابة كل هذه المقدمة عن مكانة واحترام المرأة في الإسلام والواجب تجاهها، ما شاهدته خلال الأيام الماضية وحركة جميع المسلمين وهم يستعدون ويجهزون لاستقبال عيد الأضحى المبارك داخل الأسواق العامة التي تزداد كل يوم تردئيا وعشوائية وفوضى لا ضابط لا رابط رغم وجود شرطة الأسواق وضباط المحليات.
ما شد انتباهي الحالة التي وصلت لها نساء بلادي اللائي جبرتهن الظروف الخروج للعمل في وسط الرجال، وأحزنني أحد المشاهد لأوجه رسالة لوالي الخرطوم الذي بدأ عمله يكد ليلا ونهارا دون كلل ولا ملل بمفرده وبإمكانات شحيحة في جميع الأماكن ليرضي كل أبناء الشعب السوداني بتجويد الخدمات الأساسية والضرورية للحياة.
سيدي الوالي أرجوك تفرغ الفترة المقبلة لنساء بلادي اللائي يوفرن لقمة العيش لأسرهن وهن قانعات بهذا الوضع المتردي، يخرجن من بيتهن من فجر بدري تاركات بيوتهن وأطفالهن لرب العالمين ليأتين ويعملن وسط الرجال في الأسواق العامة وغيرها من الأماكن ليعانين ما يعانين خلال يومهن. من تعمل منهن في بيع الخضار وتحضير الشاي، واللائي في الطواحين لتنظيف العيش، وبائعات الملابس والأحذية والفول والتسالي وغيرها من المهن الشريفة.
ما شاهدته في أحد أيام ذي الحجة المباركة، تقوم إحدى نساء بلادي المكافحات ورفيقتها بطريقة عشوائية بتشييد (راكوبة) من المشمع في أطراف السوق المركزي بالخرطوم وعلى الرصيف ووسط الرجال، لتقيهما هجير الشمس الحارقة، والمحزن جدا حولهما رجال يشاهدون هذا المظهر ويجلسون على كراسي وتحت (رواكيب) بنفس مواصفات تلك (الراكوبة) بطرق عشوائية تشوه مظهر الشارع الرئيسي للسوق وبالقرب من نفق المركزي الذي يزداد كل يوم فوضى وهرجًا ومرجًا من ازدحام في السير وحركة السيارات والراجلين من المواطنين، بالإضافة لتراكم الأوساخ والتالف من الخضار والفاكهة مما ينتج عنه انبعاث الروائح الكربهة والنتنة.
للأسف هذا المشهد أمام مرأى الرجال، لم يقف ولا واحد منهم لمساعدتهما لرفع المعدات وما يلزم ذلك، الكل ينظر ويشاهد ولا حياة لمن تنادي.
سيدي الوالي هؤلاء النساء يعلم الجميع الظروف الصعبة التي خرجن من أجلها، لذلك لابد من توفير مكان مخصص لهن تتوفر فيه جميع ما يحتاجن من خدمات ضرورية خاصة وضعهن وسط الرجال، حتى يستطعن العمل في بيئة معافاة وحفظًا لحقوقهن وإعلاء شأنهن كما أمرت الشريعة الإسلامية.
ويا رجال بلادي الذين يعلم القاصي والداني مرؤتكم وكرمكم ووقفتكم في المحن والشدائد، بينكم ووسطكم أمهاتكم، خالاتكم، عماتكم، أخواتكم وبناتكم (استوصوا بهن خيرًا).

مواضيع ذات صلة

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: غباء (قحت).. (الكيزان و فرز الكيمان)

عزة برس

وھج الكلم .. د حسن التجاني يكتب:( الحياة بقت مسيخة)….!!

عزة برس

رسالة من عبدالحميد كاشا في بريد هؤلاء

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: بين جيشين فى كسلا وبورتسودان

عزة برس

عمار العركي يكتب: مقاومة والي القضارف لمقاومة ولايته الشعبية

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: المسكيت: أرى أشجارا تسير ..!!

عزة برس

اترك تعليق