Site icon عزة برس

بُعْدٌ و مسَافَة ..مصطفى ابوالعزائم يكتب : محاولة إغتيال عضو في مجلس السّيادة

كثيرّ من النّاس ينظر إليّ الصحفيين بمنظارٍ يُكّبر ويُضخّم الحقائق ، بل إن البعض يرى إن ما يعرفه أهل الصحافة والإعلام من خفايا وأسرار السياسة لا يعرفه كثيرٌ من الساسة ، أو الذين يعملون في هذه الدوائر .
في الأمر كثير مبالغة ، لكن الصحفي المحترف ، واللصيق بالدوائر السياسية تحديداً ، يجد نفسه في محيط واسع عريض ، ينظر في كل الإتجاهات ويرى ما خُفي على غيره ، بل يكون عادة ملّماً بحكم المهنة بتفاصيل كثيرة ، لذلك يرى البعض إن معارفه الكثيرة ، تؤهله لأن يكون مرجعاً لهم حال أن تشابهت وقائع ، أو إلتبست عليهم أهدافها ؛ لذلك سألني أحد أبنائي في هذه المهنة عن خبر إنتشر بشكل كبير وواسع ، من خلال الوسائط وبعض الصحف ، وروّج له مركز إخباري معلوم ، ووزعته كل المواقع الإخبارية تقريباً ، مفاده أن أحد أعضاء المجلس السيادي ، يتواصل سرّاً مع الفريق أمن مهندس صلاح قوش ، بالترتيب مع أحد قادة الحركات المُسلّحة الموقّعة على إتفاقية سلام جوبا ، وإن الهدف من ذلك تقويض مسار التحول الديمقراطي ؛ ذلك مع إشارة مهمة إلى أن عضو مجلس السّيادة الإنتقالي المعني كان قد إلتقى بقائد الحركة المسلحة في ليبيا ، خلال فترة حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي .
إنتظر مني الصحفي الشاب إجابة على سؤاله ذاك ، وطلب تفسيراً للخبر ، ضحكت وقلت له إن الصناعة واضحة في الخبر ، أي أنه خبر ( مفبرك) كما نقول عن الأخبار التي يهدف منتجوها وصانعوها ، إلى تحقيق غايات لن تتحقق بالنشر السليم .
وأضفت إلى ذلك إن الحيثيات ، وضعف الفكرة تؤكد على أن الهدف هو إغتيال شخصية أحد أعضاء مجلس السّيادة الإنتقالي ، وهو عضو مدني ، وذلك بربط نشاطه السياسي ، بمدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني في عهد الإنقاذ ، الفريق صلاح قوش ، مع ربط ذلك بأيام التمرد وحمل السلاح في وجه الدولة ، والإستعانة بالقذافي وجيشه في الجماهيرية العربية الليبية الإشتراكية العظمى ، كما كانت تسمى أيام زعيمها القوي العقيد معمر القذافي .
الأمر بالنسبة لي كان واضحاً ، لكنني أردت أن تتضح الصورة للإبن الصحفي الشاب ، وهو من المهتمين بالسياسة والصراعات السياسية والحزبية الحالية في السودان ، لذلك قلت له إن من روّج لهذا الخبر ( الملفق ) إستهدف عضواً بالمجلس كان في ليبيا أيام القذافي ، وليس هناك من أعضاء مجلس السّيادة الإنتقالي ، من كان في جماهيرية العقيد معمّر القذافي سوى العضو أبوالقاسم برطم ، والذي كان يدرس في جامعة الفاتح من سبتمبر في طرابلس ، وهو للعلم قد بدأ نشاطه التجاري من هناك ، بشحنة كراسات أو ورق ( إيه فور ) أو بعض الأدوات المكتبية والمدرسية … لذلك يصبح الهدف برطم .
ثانياً بالنسبة لقائد الحركة المسلحة ، والذي هو نفسه قد يكون ممن قضوا زمناً في ليبيا ، ربما يكون هو نفسه الآن واحد من أعضاء مجلس السّيادة .
إذا أردنا تفكيك اللغز ، علينا أن نفترض إن من يحمل الضغائن لهؤلاء النفر ، هو نفسه أما أحد أعضاء المجلس ، أو أحد المقربين لواحد من متخذي القرار ، لكنه يملك القوة التي تجعله يتجرأ على زملائه ممن يفترض أن يتقاسم معهم هموم الوطن .
وإذا حاولنا تفكيك اللغز الساذج ، علينا أن نبحث عمّن يحمل الضغينة تجاه الفريق صلاح قوش ، وتجاه برطم ، وتجاه عضو آخر ، أو أحد قادة الحركات المُسلّحة الموقّعة على إتفاقية سلام جوبا.
هل وضحت الصورة ؟ … أجابني الصحفي الشاب النابه بضحكة ، ثم ضمّ يده اليمنى على اليسرى ، وقال لي : ” واضح .. واضح” ثم أضاف قائلاً : ” لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” .

Email : sagraljidyan@gmail.com

Exit mobile version