المقالات

بينما يمضي الوقت.. أمل ابوالقاسم تكتب : بشراكم أهل كردفان

بالرغم من أن السودان تلف خاصرته عدد من الأنهار، ويرقد على نيل عظيم، وبحار تتخلل مسامه إلا إنه ومع ذلك يعاني شحا كبيرا في المياه بخلاف جيرانه من الدول العربية والإفريقية التي لا تجد ربع مياه السودان الطبيعية فتلجأ للصناعية وتمارس بها حياتها على أفضل ما يكون

.
مفارقات السودان ومن عجب أنها تغرق في (شبر مية ) أو كما يقول المثل المصري في الخريف حد أنها تفقد أرواح الحيوان والإنسان على السواء ، فضلا عن النبات بجرفهم بما في ذلك المناطق التي تعاني شحا، وبالمقابل يموت ذات من ذكرت عطشا في الصيف، بيد أن الأخيرة هي السمة الغالبة والآفة التي تهدد حياة الكثيرين سيما إقليمي دارفور وكردفان.

ورغم أن هذه حقيقة ماثلة و معروفة للعامة وهاجس للمسؤولين إلا أن من سمع ليس كمن رأى، صحيح أنني لم اسمع شكوى على الطبيعة ووجها لوجه لكني شاهدت مقطع فيديو بمثابة نموذج يحكي ويجسد مشكلة الجميع في تلكم البقاع والمواطنون يحكون معاناة محفزة للدموع عن كيفية حصولهم على مياه الآبار (أن وجدت)، وكيف يقطعون الفيافي راجلين أو على ظهور الدواب من أجل حفنة ماء بالكاد تروى ظمأهم دعك من استخداماتها الهامة الأخرى، كيف لا والماء عصب الحياة.

وللحقيقة فإن مشكلة المياه الجوفية في إقليمي دارفور وكردفان متجذرة تأريخيا ومن قديم الزمان وجهات عدة تعمل على حلها وتوفيرها كيفما اتفق، وبما يتناسب مع طبيعة تلك المجتمعات.

و في سبعينات القرن الماضي اعدت مشروعات صندوق النقد الدولي و السوق الاوربية المشتركة وحكومة السودان ممثلة في وزارة الري والهيئة القومية لمياه الريف بما يعرف جغرافيا بمثلث العطش في بادية كردفان الشمالية، وتحتفظ أجيال السبعينيات والستينيات بصورة لنائب برلماني من دائرة بارا غرب الشيخ الراحل “مشاور جمعة سهل” وهو يدخل البرلمان حاملاً (جركانة ماء) ولم تنهض إدارة السلطة حين ذاك بعلاج المشكلة ولكن ……. عبقرية (الساخرين) بوصف النائب البرلماني بنائب العُطاشة.
نفذت حكومة مايو 1969 – 1985 مشروعاً لمحاربة العطش بحفر أربعون محطة مياه في كردفان ومثلها في دارفور ساهمت تلك المحطات في درء آثار العطش وتحقيق قدر من الإستقرار لمناطق إنتاج الصمغ العربي وحضانة الضأن والإبل والماعز كأعز ما يملك السودان قبل النفط.

وبعد تلك المدة وذاك المجهود الذي لم يحسم المشكل، وبعد هجرة مئات الأسر بحثا عن الماء لاحت بارقة أمل في إجبارهم للعودة إلى دورهم وارضهم التي أصابها البوار،
فبتمويل من بنك التنمية الأفريقي ( ١١ مليون بورو) وإرادة وطنية وخبرات سودانية عادت حكومة السودان مرة أخرى في الأعوام الماضية لقهر العطش من خلال مشروع (الخط الناقل لمياه غرب كردفان) بتوفير الماء للإنسان والحيوان والنبات في منطقة (دار حمر) شمال غرب كردفان وهي منطقة تعد من أفقر مناطق المياه جوفياً ولكنها في ذات الوقت الأغنى بالثروة الحيوانية التي تضاهي البترول والماس الغابي (الصمغ العربي).

ومشروع القرن الذي انتظم الآن يمتد لسقيا العطشى وعودة الحياة مسافة ٧٠ كلم شمال النهود وحتى منطقة عيال بخيت وهي التي سيتم افتتاحها وتدشينها خلال الأسابيع القادمة.
وقد بدأ المشروع بحفر عشرة آبار جوفية بأعماق مختلفة، وقد تحقق هذا الإنجاز شركة (ويلز ) السودانية التابعة للقطاع الخاص.

تم التنفيذ ياحدث ما وصلت إليه تقانة مشاريع المياه على مستوى العالم مستخدمة التقنية الرقمية في التشغيل ،والطاقة الشمسية ،والكهرباء العامة ومحطات التوليد، هذا إلى جانب تشييد محطات تستقبل المياه في تلك القرى صممت بأحدث المواصفات لخدمة الإنسان والحيوان.

الآن وبعد أربع سنوات من الكد ومغالبة المعضلات والتحديات التي واجهتها الشركة المنفذة جرت المياه بفضل الله والشركة في شرايين الحياة وجسد المشروع، وسر نجاح المشروع أنه يغذي الحوض من المياه الموسمية المتجددة ما يضمن استمراريته وقد اختيرت منطقة أم البدري للاستخراج لاعتبارات عدة.

فهنيئا لأهلنا بتلكم المناطق وهم يطوون صفحة من الألم حرمانا من أهم مقومات الحياة، وقريبا تنتقل الأفراح إلى النهود المحطة الثانية للشروع في إنقاذ السقيا عبر (ويلز ), مع الأمنيات أن تجري المياه وتروى ظمأ كل المناطق العطشى في كل ربوع البلاد المحرومة من هذه النعمة.

مواضيع ذات صلة

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: إعدام وزير ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: من يستحى لهولاء من؟

عزة برس

هناك فرق – منى أبو زيد تكتب: من يجرؤ على الكلام..!

عزة برس

محمد عبدالقادر نائبا للرئيس.. الاتحاد العربي للاعلام السياحي يعلن تشكيل مجلس ادارته الجديد.. الاعلان عن فعاليات في مصر والامارات والسعودية وسلطنة عمان

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: الامارات.. كيد وتطاول و( بجاحة)

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: رفقا بالجنرال عقار… وهؤلاء !!

عزة برس

اترك تعليق