لم تندمل جروح وآلام عملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر 2018، في قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا ولا يمكن تصوّر «الألم» الذي صنعته هذه الجريمة البشعة التي خلفت ضجة عالمية وما تلتها من اغتيالات تستهدف الصحفيين والإعلاميين في دول عدة إلى يومنا هذا، حتى نفاجأ بإعلان شبكة الجزيرة القطرية صباح اليوم الأربعاء، استشهاد مراسلتها الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، برصاص الاحتلال الإسرائيلي، أثناء تغطيتها عملية اقتحام مخيم جنين، برصاصة غائرة في الرأس أردتها قتيلة في الحال.
والناظر للاغتيالات الممنهجة وحجم المخاطر الكبيرة المحدقة التي يتعرض لها الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام في الآونة الاخيرة، يجد أنها تتخذ أشكالًا وأنواعًا مختلفة من الاغتيالات والاعتداءات الجسدية المباشرة أبرزها القتل والإصابة وتدمير منازلهم، وتدمير مقرات وسائل إعلامية، ومنع التغطية والتشويش على وسائل الإعلام المحلية، والاعتقال والاحتجاز وإطلاق النار عليهم ورشقهم بالقنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، والضرب بالعصي، والسحل، وتخريب أدواتهم وحرمانهم من إدخال وسائل حمايتهم بالميدان والهدف من كل ذلك تعطيل قدرة وسائل الإعلام والإعلاميين على العمل لفترات طويلة في تغطية الأحداث والجرائم التي تمارس ضد الإنسانية في كل مكان.
يظل الصحفيون إلى يوم يبعثون أصحاب همّ وطني إلى جانب رسالتهم المهنية، ولن تخرسهم ذخات الرصاص وأصواته، ولن تفت عضدهم محاولات القتل أو تحد من تغطياتهم للأحداث الميدانية.
من هنا ننادي منظمات حقوق الإنسان لاتخاذ خطوات عملية للقيام بواجباتها تجاه حماية الصحفيين ومؤسساتهم ودعمهم لأداء رسالتهم وتغطيتهم الميدانية مهما كان الثمن واحترام حقوقهم في ظل الغياب النقابي عربيا ودوليا.
يظل الإعلام هو الآلة المسلطة على رقاب كل من تجبر وتكبر وطغى في الأرض وتظل الرصاصة هي الوسيلة الرخيصة والجبانة لكل جبار ومتخفٍ وجاهل وعديم إحساس.
