المقالات

بُعْدٌ و مسَافَة ..مصطفى ابوالعزائم يكتب: أفطارات رمضانية سُودانيّة

لأسباب كثيرة منها الخاص ومنها العام ، آليتُ على نفسي أن ألتزم (برش رمضان ) داخل المنزل هذا العام ، خاصّةً وقد بات من الصّعب عليّ ، وعلى غيري ، الإفطار خارج المنزل و الحي ، لصعوبة الحركة والتنقّل ، وشحّ الوقود ، وأسباب أخرى ، لذلك كانت رحلتي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ، وقضاء فترة أسبوعين من شهر رمضان المبارك بها ، كانت تلك الرحلة ، فرصة طيّبة لأنفّذ ما إلتزمت به ، وظللت أعتذر لكل من دعاني لإفطار رمضاني بأنني خارج أرض الوطن ، آملاً أن يجمعنا إفطار آخر في هذا الشهر ، أو في رمضان القادم إن بقينا إلى ذلك الحين .
وعدت إلى السّودان وقد إقترب الشهر من منتصفه ، لأجد دعوة كريمة من الأخ الكريم السيّد الفريق أول ركن شمس الدين كباشي لإفطار رمضاني ، فلم أعتذر ، لأنني كنت في السّودان ، ولأنني كنت أعرف أنني سألتقي بعدد كبير من الأصدقاء والصحبة ، وربما وجدت بعض التوضيحات لما يجري في ساحة العمل السّياسي السّوداني ، علّها تفسّر لنا ما يجري ، وتفكّ الطلاسم والغموض الذي يكتنف أداء النخب السّياسيّة الحاكمة والمعارضة ، وتلك التي تقف على الرصيف تراقب المشهد عن كثب .
وجدتُ نفسي ألبي الدعوة الكريمة ، وأدخل لأول مرة إلى نادي النيل دوم في الخرطوم على شارع النيل ، قريباً من الفلل الرئاسية ، وكان أول من إلتقيت الأخ الكريم والصديق العزيز سعادة الفريق شرطة رزين سليمان مصطفى ، مدير إدارة التوجيه والخدمات السّابق ، ثم الأصدقاء والزملاء الأعزاء شاعرنا الكبير رئيس جمهورية الحُب الأستاذ إسحق الحلنقي ، وبرفقته إثنين من أبنائه ، ومعهم صديق الطفولة والصبا الشّاعر الكبير ( سنّاً ) ومقاماً وقدراً مختار دفع الله ، وجمال عنقرة رفيق العمر الأخضر ، وعادل سنادة ، وتقريباً عدد كبير من زملاء المهنة .
بإختصار أكاد أجزم بأن كل ألوان الطيف السّياسي والإجتماعي والثقافي والإقتصادي كانوا هناك ، وبمناسبة الإقتصادي هذي ، إلتقيت بالأخ الكريم رجل الأعمال العبقري عبدالقادر عبدالرحمن الخبير ، الذي إنتقل وتنقّل في كل أنحاء السّودان على ظهر اللواري القديمة ، سائقاً جاب كل مناطق كردفان وجبال النوبة ، وجنوب السّودان عندما كان الوطن واحداً ، وعمل مع شركة شيفرون الأمريكية بداية عملها في السّودان أيام حكم الرئيس نميري رحمه الله ، فتحدث الإنجليزية فأتقنها ، وأمسك بدفاتر الحركة والنقل ، فحفظ ما فيها ، وأدار الحسابات ببراعة فائقة فكان من أهلها ، وإختبر نفسه في التجارة فكان من الناجحين ، وهو ما دفع به لأن يتجه إلى روسيا لشراء أسطول من الشاحنات ، لكنه بدلاً عن الشاحنات كان يعقد صفقة لشراء خمس طائرات ركاب ، وهو في تقديري أول مواطن يغامر للعمل فى هذا المجال ، فبرز إسمه وطار .. وهو الآن رئيس مجلس الإدارة لشركة تاركو للطيران ، والرجل نفسه قصة تستحق أن يطّلع عليها أصحاب الطموح ، السّاعين إلى تحقيق النجاح وراء النجاح .
ذلك جانب من بعض لقاءات إفطار كباشي الرمضاني ، والذي إلتقينا فيه بعدد من الحاكمين والمعارضين ، ورموز البلاد في مختلف المجالات ، الذين جمعتهم الدعوة ، ولم تفرّق بينهم ، مثلما جمعهم السّودان ولم يفرّق بينهم .
ولكن ، مع ذلك مازال صاحبكم يتمسّك بموقفه الخاص بتفادي الدعوات الليلية ، والإعتذار عن إجابة أية دعوات لإفطار رمضاني خارج حدود الحي ، والأسباب مثلما ذكرنا آنفاً ، لا تحتاج إلى شرح .. نسأل الله تعالى أن يقبل منا ومنكم الصّيام والقيام والطّاعات وصالح الأعمال و أن يجعلها خالصةً لوجهه الكريم .

Email : sagraljidyan@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *