مقال

خواطر طبيب.. الدكتور علي بلدو يكتب: ذلك العبدٌ الشْين و تلك الخادم التليعة!!

من الحيل النفسية و ما يُطلق عليه بميكانيزما الدفاع السايكولوجي و الذاتي , و هي حالة للفرد و الجماعة تقوم فيها بابتكار او اختلاق فكرة او معتقد مُعيٌن للافلات من نير القلق و التوتر و الخوف ’ او خوف المحاسبة و العقاب ووسيلة للهروب من جلد الذات و التطهير الداخلي.
و هذه الحيل النفسية تساعد في استعادة التوازن النفسي و كضمادة للجروح و ترياق للاوجاع الداخلية و راحة للذهن’ و كما أنها أكتسبت سمعة طاغية بوصفها مخدراً موضعياً نفسياً قوي التأثير و طويل الاثر و ذو آثار لحظية و طويلة المدى ’ و مساعداً جباراً لتخطي الكروب و المحن و مصائب الحياة و الواقع المُزري و الاخفاق في تحقيق الاحلام و المطالب و نيل الاوطار و العيش في غيبوبة مؤقتة و لو الي حين.
هنا يبرز واقعنا السوداني المحلي الخالص كواحد من اكثر المجتمعات ممارسة لهذا النوع من الحيل النفسية , و هي حيلة الانكار’ و ما يصاحبها من رغبة في النفاق و المُداهنة و تغبيش الحقائق و طمس الواقع و اسلوب الغتغتة و الدسدسة المنتشرة و المتناثرة بكثافة نُحسد عليها في طول و عرض تاريخنا القديم و المُعاصر و الي اليوم ’ و لله الحمدُ من قبل و من بعد.
فقد ابدعنا في فن الاخفاء و فنون المواربة بصورة تدعو للدهشة و الحيرة و ان قٌل هامش الاندهاش في هذه البلاد بعد سنوات التيه و الظلام و التي عشناها.
فقد دسسنا مالنا في البكماء و هي الارض و صنعنا المطمورة و الصومعة و المشلعيب و الدانقا و غيرها لحفظ الماكولات و المقتنيات’ و كما انشأنا الضراء العريض و البسنا بناتنا النقاب و الحجاب و دسسناهم في التراب على هون و اخفيناهم بالقتل و السحل و القوانين الظالمة’ و اسمينا كل شئ بغير اسمه’ فالمجاعة عندنا فجوة غذائية’ و التهميش عندنا مناطق ثلاث لا رابع لهم’ و حركات كفاح الهامش المسحوق هي التمرد و العمالة’ و اما من يصدع بالحق في زمن الجور والباطل و الامير الطاغية و حاشيته من اللصوص و القتلة فهو العميل و الخائن و المرتد و المخنث و الكافر.
لازلنا نتماهى و نصرخ و نهلل و نكبر لاشياء غير حقيقية’ و لازلنا متمسكين باننا مجتمع العفة و الفضيلة و النقاء و الطهر و مكارم الاخلاق و الصدق و النبُل و الشهامة و الكرم و و و وو و … و هلم جرا و لا يزال يواصل جرٌ حبل المسد هذا و غيره من (الفرمالات) التي ما فتئنا نسمعها ليلا و نهاراً في اعلام السلطة المأجور و صحافته الزابلة و قادة رأي الانظمة و رؤساء تحرير صُحف الحاكم من المرتشين و اللصوص و بائعي شرف الكلمة في سوق نخاسة الوالي الفاسد و زُمرته السارقة’ و ما أكثرهم لو كنتم تعلمون!
هل يعلم الناس أنه و برغم كُل ما يُقال عن التسامح و التناغم بين المكونات الاجتماعية المختلفة’ هل يعلم الناس اننا و برغم كل ذلك لا نزال اكثر مجتمع عُنصري مشى على ظهر الارض مُنذ رُسو سفينة سيدنا نُوح عليه السلام على الجُودي و االي هذه اللحظة’ و أن تلك الحمامة التي جاءت بغصن الزيتون كدلالة و امارة على الحب و السلام و الخلاص’ أنها لو علمت أننا سنأتي بعدها لنعيث في الارض فساداً و عُنصرٌية ’ لما عادت ابداً.
هنالك شارلس دارون واحد في بريطانيا و في العالم’ اما لدينا ففي كل بيت و حلة و مدينة و قرية يوجد الف شارلس من علماء الاجناس و خبراء النشؤ و الارتقاء و يقومو بتقسيم الناس الي طبقات’ فهذا(حُر وود العباس) على الرغم من العباس رحمه الله لم يكن لديه ابناء و 0(نكرنا)هذا ايضا’ثم ياتي (السري و السرية) و بعده الغرابيٌ ثم (العب الشين) و (الخادم التليعة) و المولدين و اولاد الريف .
كما عرف السودان في بدايات القرن قبل الماضي الفاظ من شاكلة(ادمي) و(فرخ) و (جانقي) ( فيهو رقشة) ( لونوا عكران) ( شعرو قُرقدي)’ كما قال عنترة:
و انا أبن سوداء الجبين كانها ضبعُ ترعرع في الظلام و جيالُ
الساق منها مثل ساق نعامة والشعرُمنها مثل حب الفلفلُ
و تبرز العنصرية كمانع للزواج و البورة و العنوسة للاسباب العرقية و كذلك للصراعات القبلية و النزوح و الهجرة و عدم تقبل المجتمع لبعضه البعض و اعراقه المختلفة’ و اخفاء ذلك و اعطاء مُبررات و خطب رنانة و هتافات داوية و الشعر و الغناء المزيف و ادعاء الوطنية و اننا كلنا سوا سوا و هذا ليس بصحيح في مجتمع النكوص و الانكار ’ و لازلنا نردد تلك الكلمات سراً و عند خاصتنا و في مجالس سمرنا و طربنا’ و ننكرها علناً’ أليس كذلك ايها العب الشين و ايتها الخادم التليعة

مواضيع ذات صلة

نعم !!! نحن المسؤولون عن جرائم الدعم السريع بقلم: عبدالرحمن أبو منصور

عزة برس

الراصد.. فضل الله رابح يكتب: الأسري المدنيين… ومأزق حرب المليشيا وأدواتها_واستفسارات مشروعة حول رجل ثقة (2)

عزة برس

دور الرقابة والسلطة الرشيدة في تعزيز السلام والتماسك الاجتماعي بقلم: د. أبوبكر يحي

عزة برس

إبرة عسكرية وبوكلين سياسى.. عمار العركى

عزة برس

ليس سرا.. أحمد بابكر المكابرابي.. افرازات معركة الكرامة في نقاط متفرقة

عزة برس

رسالة عاجلة إلى القائد الأعلى لقوات الشعب المسلحة .. و قائد أركان الجيش السوداني بقلم: البروفسير إبراهيم الاقرع

عزة برس

اترك تعليق