الظروف الحرجة التي تمر بلادنا تدعو للشفقة فعلاً، ضبابية تتسيد المشهد على مستوى تداول السلطة، بجانب الانفلات الأمني الذي يتمظهر في تهديد المواطن حال رفض الإذعان والانصياع لمجموعات متفلتة أطلقت يدها حين غاب الردع لدرجة أن العاصمة باتت مستباحة للصوص لا يتورعون عن فعل أي شيء لأجل المال.. نهب عز النهار، وتحت سمع وبصر كل من يتواجد بمسرح الجريمة.
تفشي مثل هذه الظواهر يساهم في تشكيل صورة ذهنية سالبة عن بلادنا ودونكم رفض الاتحاد الأفريقي لكرة القدم الكاف دخول الجماهير للقاء القمة الذي سيقام عصر الجمعة بالجوهرة الزرقاء،
وعن الوضع الاقتصادي، كم من مداد دلقناه، دون أن نرى أي بوادر أمل في انصلاح الحال.
المبادرات المجزأة والمحدودة لن تجدي في ظل انهيار ناتج عن سياسة اقتصادية غير صائبة، وسيطرة فئة طفيلية على السوق الموازي وسوق السلع.
الأزمة عميقة ما في ذلك شك، والبحث عن مخارج يستلزم إصلاحا كليا، للأسف موضع الألم بعيد المشرط، وعدم الاتفاق على الحل دون آلية متوافق عليها سيعمق الخلاف، ويجعل العودة إلى نقطة البداية ضرب من مستحيل.
لا تزال العديد من الحقائق غائبة عنا، الاتفاق المبرم ما بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة لا تزال أدق تفاصيله غائبة عنا، لذا نجد أن تحليل خطوات فولكر بيرتس للم شمل فرقاء السياسة في بلادنا يفتقر إلى نقاط القوة التي تجعل الضغط السياسي مقبولاً، لأن هناك حلقة مفقودة،
والدعم الذي تحتاجه بلادنا لا نود أن نشتم من ورائه رائحة الوصاية، ولا التدخل السافر في شأننا الداخلي. نريد دعماً بالضغط على الأطراف التي تريد لدائرة الأزمة أن تتسع، نريد دعماً يضع حداً للهدر الاقتصادي، ويعجل في الوقت نفسه بتعافي الجنيه السوداني،
من الطبيعي أن يلوح البعض بضرورة اللجوء إلى الانتخابات بأسرع ما يكون، لكن أحزابنا ما تزال بعيدة عن مسرح السلطة، والشعب بعيد كل البعد عن معادلة الأحزاب والقوى السياسية، وتحتاج هذه القوى لأن تعيد بنائها التنظيمي لكي تعود للسكة الصحيحة، ومن ثم تفكر في خوض الانتخابات.
برأي أن التفكير باتجاه المعالجة اقتصاديا هو البداية الصحيحة، ومن ثم معالجة الإخفاق السياسي، على الحكومة أن تقوم بعملية مسح شامل للشعب بكافة قطاعاته وأطيافه لمعرفة تطلعاته السياسية، ومن ثم الاتفاق على خريطة طريق لاختيار نواب الشعب في المجلس التشريعي الانتقالي أولاً، ومن اختيار من يتسنم السلطة وصولاً إلى الانتخابات العادلة التي تضع الحزب الفائز أمام أعظم مسئولية.
