الأخبار

همس الحروف..جدو عسالة .. رجل تشبع بإنسانية مفرطة *الباقر عبد القيوم علي

في وسط ركام الأحداث الساخنة التي تشهدها بلادنا في هذه الأيام ، تطل علينا من بين هذا الركام إشراقات تطمئننا بأن الدنيا ما زالت بخيرها ، و هذا ما يقطع علينا حبل اليأس الذي تسلل إلى قلوبنا خلسة ، ليبعث فينا نفحات الأمل ، فمثل هذه القصص صنعها رجال تشبعت نفوسهم بجرعات ضخمة من الإنسانية الحقة و الوطنية المفرطة فكانت قصصهم تحمل مضمون هذه المعاني التي إستطاعت أن تبعث الطمأنية في نفوسنا ، و لقد وصلتنا في شكل سلوك و خبر ، فنجد في بعض الأحيان أن قصص بعض من هولاء العظماء قد تجاوزت وصف الخبر نفسه الذي تم وصفهم به كما كان ذلك في حالة الأخ جدو عثمان عسالة ، فكان من الواجب علينا أن نرمم ذواكرنا التي تحمل في طياتها بضع من قصص و حكاوي هؤلاء الذين وضعوا بصمتهم في صفحات التأريخ ، فكانوا و ما زالوا أهل للعطاء ، على الرغم من بساطتهم كانوا عظماء ، و على الرغم من قلة مدخولهم كانوا أغنياء ، لان الفقر لم يدخل أبداً إلى قلوبهم التي كانت مملوءة بالإيمان و حب الخير للناس .

فجدو عثمان عسالة إستطاع أن يجمع في شخصه كل قوميات السودان ، فهو جنوبي الميلاد و المنشأ ، حيث ولد بولاية أعالي النيل بمدينة الرنك ، فهو عربي الإنتماء بقبيلته التى تتشرف بإنتسابه لها ، فنجده قد أخذ من فراسة و شجاعة و كرم أهله الرزيقات ، فلم يغلق نفسه على قومية بعينها فوسع قاعدة إنتمائه بالزواج حيث ظفرت به ولاية نهر النيل فتزوج من حسانها ، و قد جمع في بقية زيجاته من أخريات لا تقل مكانتهن عن تلك ، فكان بيته يشكل السودان المصغر ، المتسامح و المتصالح مع كل قبائل السودان ، فلقد جسد قيم و معاني الإنتماء الحقيقية لسكن الروح ، فجمع المودة و الرحمة في قالب أسرته الصغيرة التي تعيش تحت سقف واحد ، فأشتهر بين الجميع بجوده و عطائه اللا محدود ، و لذلك نجد باب بيته كان مفتوحاً على مصرعيه و ما زال مستقبلاً لكل من طرقه ، و أبرز ما يميزه الزهد حتى يخال إلى البعض أنه قد طلق الدنيا على الرغم من أنه اكثر الناس حباً لها ، و لكن ذلك بفهم عالى جداً لانه إستطاع أن يجسد تلك المعاني الراقية التي تضيف إلى مفهوم حياة الناس طعم و نكهة و التي أقتبسها من تلك الحكمة المأثورة التي تقول : (عش لدنياك كأنك تعيش أبداً و أعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) ، فأستطاع أن يزيح بهذا الفهم الراقي جزءاً كبيراً من ستار عتمة و ظلمة الحياة التي جثمت على صدورنا في هذا الزمن الكسيح ، فلقد تربع جدو عسالة بهذه الصفات التي تحمل اصالة الرجل السوداني على عرش الرجولة كفارس مغوار ، فهو رجل يملأ نصف قلبه الحن و الحنين لأهل بيته ، و في النصف الآخر يحمل كل معاني الحب و الخير و العطاء للآخرين .

لقد تحدثت بهذه الكلمات الخجولة عن هذا الرجل القامة على الرغم من يقيني التام بأن ما كتبته عنه قد لا يوازي شموخ هذا الانسان الذي أدب نفسة بأدب الإسلام ، فجمع في محياه نفحات الحب و الخير للإنسانية جمعاء ، فكان أخاً عزيزاً إستطاع أن يفرض إحترامه و تقديره على كل من يقابله ببسمته الخافتة ، و قد حاز على لهفة الناس عليه ببساطته و كرمه الفياض ، فكان خير مثال لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي يقول فيه : (من تواضع لله رفعه) ، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يحفظه و اهله الكرام و أن يمكنه من خير الدنيا و نعيم الآخرة .. اللهم آمين … و الله من وراء القصد .

مواضيع ذات صلة

القبض على اخطر معتادي الاجرام في عمليات الهكرز على مستوى الوطن العربي

عزة برس

توضيح من السيادى حول لقاء “البرهان” مع قيادات إسلامية

عزة برس

نيويورك تايمز: تحقيق يكشف عن العملية السرية للإمارات لدعم حميدتي من تشاد

عزة برس

محامو الطوارئ.. ” الحروب لا تخاض علي أجساد النساء”.. بيان

عزة برس

رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يصل مدينة عطبرة بولاية نهر النيل

عزة برس

قوبل تصرفُه إستهجان واسِع.. ضابط إداري يُطارد الفريشة بسُوق المناقل

عزة برس

اترك تعليق