الأخبار

همس الحروف.. مبادرة لإحتواء قضية المتهمين بحرق قسم شرطة الصافية بقلم : الباقر عبد القيوم علي

 

 

أي جريمة كانت إذا ما اكتملت أركانها المادية والمعنوية فحتماً سيقدم فاعلها إلى محاكمة عادلة وفقاً للمواعين القانونية ، و لا أحد فوق القانون فكل الناس سواسية أمامه ، حيث تعتبر الجريمة مسؤولية فردية يحاسب القانون من قام بإرتكابها و لا تحاسب معه المؤسسة أو الجهة التي أتى عبرها إلي مكان تنفيذها ، لأن هنالك بعض الناس يستغلون بعض الحالات مثل المظاهرات التي تصاحبها بعض حالات الفوضي و ينفذون من خلالها ممارسات سالبة (بحسن أو بسوء) نية ، فتندرج أفعالهم تلك تحت طائلة الأفعال المخالفة للقانون ، و المسؤولية تجاه ذلك تكون فردية تطال كل من يقوم بإرتكابها ، و لا تتعرض لكل الذين حضروا في ذات المكان التي حدثت فيه الجريمة ، فكل الجرائم يتعرض صاحبها للمحاكمة إلا جريمة واحدة فقط ، و هي جريمة الإنتحار و ذلك لأن المتهم فيها يكون قد غيبه الموت عن الحضور ، و ما عدا ذلك فكل أنواع الجرائم يعرض فاعلها على القضاء و تبت المحاكم فيها .

هنالك ثماني شباب من الثوار يواجهون إتهاماً مباشراً بإحراق قسم شرطة الصافية ، و قد تم تصديق الضمانة لإجل إطلاق سراحهم من قبل النيابة العامة بشرط إيداع مبلغ “21” مليار جنيه أي ما يعادل 47 ألف دولار ، و ذلك حسب حجم التلف الذي حدث بهذا المركز ، حيث قامت هيئة دفاعهم باستئناف القرار لإطلاق سراحهم بالضمانة العادية ، و لأن المبلغ يعتبر ضخماً و خارج مقدور و إستطاعة هؤلاء الشباب لذلك تم وصفه بالتعجيزي و لهذا طالبوا النيابة الأعلى بمراجعة القرار .

لا شك أن التظاهر (السلمي) حق مشروع ، و من الحقوق التي كفلتها الدساتير و حقوق الإنسان ، و لهذا يجب أن تتاح للمتظاهرين الفرصة الكاملة للتعبير عن رأيهم دون أن تعترض الدولة طريقهم أبداً ، أو تكبحهم عن هذا الحق بأي مظهر من مظاهر العنف ، إلا أنه في بعض الأحيان قد تنحرف المظاهرات عن مسارها وتتحول بعد ذلك بفعل فاعل من المندسين و أصحاب الغرض إلى نشاط تخريبي قد يستهدف المؤسسات و الممتلكات العامة أو الخاصة ، أحياناً بالحرق كما حدث ذلك لقسم شرطة الصافية في الأحداث الأخيرة ، أو بالتدمير كما حدث لسور حديقة منتزه المقرن العائلي من خراب شامل ، و مثل هذه الأفعال حتماً ستخرج المظاهرة و المتظاهرين من وجهتهم السلمية ، لتخدم بعد ذلك أجندة معينة تصب في مصلحة بعض الجهات صاحبة الغرض و التي لا تريد لبلادنا خيراً ، فكلنا نقف مع التغيير و نطالب بحقنا كاملاً في التعبير عن أرائنا (ضد أو مع) الحكومة ، و لكننا في نفس الوقت نرفض و ندين و نشجب ونستنكر بشدة كل المظاهر السالبة و المدمرة للبنى التحتية لمؤسسات الدولة (العامة منها و الخاصة) ، فمثل هذه الأمور مرفوضة تماماً و مستهجنة لأنها تعتبر مخالفة لصريح القانون ، ومن حق الحكومة ألا تتسامح أو تتساهل مع مثل هذه الممارسات التخريبة التي تنتهك حرمة القانون نهاراً جهاراً ، و كذلك في نفس الوقت ندين نستنكر بأقوى العبارات إستخدام القوة المفرطة التى يتم إستخدامها من قبل الدولة ضد المتظاهريين و يمكن أن تؤدي إلى سلب حق الحياة ، و هنا نتوقف قليلاً للترحم على الذين مهروا بدمائهم الطاهرة الثرى لترتقى أرواحهم الى الثريا من أجل هذا الوطن ، فنسأل الله أن يتقبل شهادتهم في سبيله و كما أسأله عاجل الشفاء للمصابين .

يجب أن يعي المواطن أن هذه المرافق العامة هي ملك للشعب و لقد تم بناؤها من حر مال الشعب ، و هي رصيد قومي غالي الثمن يجب الحفاظ عليها كما الملك الخاص تماماً و أكثر من ذلك ، لأن نفعها يعود إلى كافة المواطنين ، فيجب أن نغرس في أذهان أبنائنا أن التعليم في جوهره هو عبارة عملية اجتماعية عامة ، و كل مقاصدها تصب في الفائدة القومية العامة قبل الخاصة ، فالطبيب و المهندس و الفني و التقني و العامل ، فكل نفعهم يعتبر نفع عام ، و لقد تعلموا من أجل الخدمة العامة لهذا الشعب ، مع العلم ان هذا الدور لا يتعارض مع مصالحهم الخاصة ، و هذا يعني أن محصلة التعليم تصب كلها في مواعين الوسط الاجتماعي القومي الذي يتعلم فيه المتلقي ، حيث تبتدي المسألة التعليمية بإعداد الفرد كي يكون متوافقاً و متصالحاً و مفيداً للبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها ، ولهذا لا يجوز أن تغفل في تربيتنا لأبنائنا عن التربية الوطنية التي تحرم تخريب المرافق العامة كما حثنا ديننا الحنيف على ذلك ، إذ علمنا أن إماطة الأذي عن الطريق صدقة ، و كما حرم علينا رمي الأذي في مصادر المياة ، و دعانا للحفاظ على كل المرافق و الممتلكات العامة .

لقد بدأ الشباب في نشر هذا الوعي الراقي كما رأيناهم في مسيرة يوم 19 من ديسمبر ، حيث كانوا يشكلون حلقات مع بعضهم البعض و هم يشدون بأيدي بعضهم كدروع بشرية من أجل حماية المرافق العامة حتى لا تصلها أيادي المخربين الذين يكثرون في وسطهم ، و هذه تعتبر محمدة يجب إبرازها للمجتمع من أجل أن يتعلم من هذا السلوك المخربون الذين يقومون بهذا العمل بصورة عفوية و بدون تخطيط مسبق ، فهم يحملون المرض و يفعلون الخراب و لكن يكون ذلك بدون غرض ، و مثل هذا السلوك يعتبر من الدروس المفيدة التي تبث الوعي .

و لهذا أتقدم بمبادرة لأجل إحتواء قضية الشباب الذين تم إتهامهم بحرق قسم شرطة الصافية ، و أرجو من سعادة الفريق أول شرطة حقوقي عنان حامد محمد عمر ، في موقعه الجديد كقائم بأعباء وزير الداخلية و مدير عام قوات الشرطة أن يسعي من أجل تصحيح العلاقة بين الشباب و الشرطة ، و القيام بقتح صفحة جديدة مع هذه الشريحة من الشباب من أجل ترسيخ العلاقة لإستعادة الثقة المفقودة بين هذا الجزء من الشعب و شرطته ، مع القيام بفتح باب حوار بناء يعزز مفهوم الدور الشرطي المدني الذي تقوم به مؤسسة الشرطة في خدمة هذا الشعب في كل مناحي الحياة ، و لذلك أرجو من قيادة الشرطة القيام بالتنازل عن حقها الخاص و العام تجاه هذه القضية و سوف نقوم نحن كأجسام مجتمعية بحملة قومية يجب أن تساهم معنا فيها قوات الشرطة نفسها مع بقية المؤسسات الأخرى (العامة و الخاصة) من خلال واجباتها تجاه المسؤولية المجتمعية ، و كما يجب أن يشارك في هذه الحملة عوام الشعب ، و التجار ، و الصاغة و خصوصاً أصحاب المحال بسوق سعد قشرة و شارع المعونة لإعادة إعمار هذا القسم بصورة أفضل من ما كان عليه في السابق ، و لهذا أرجو من سعادة مدير عام الشرطة و السيد النائب العام العمل على إنجاح هذه المبادرة بإطلاق سراح المتهمين بدون قيد أو شرط ، و لتكن هذه المبادرة كتمرين جيد يعزز الثقة بين مؤسسات الدولة و الشباب .. و الله من وراء القصد .

مواضيع ذات صلة

قطبي المهدي: البرهان يحاول أن يتخذ من حديث الانقلابات العسكرية ذريعة للمزايدة على السياسيين

عزة برس

اختيار حاكم إقليم دارفور رئيساً للجنة الوزارية بين الحكومة الليبية والسودانية

عزة برس

الجبهة الثورية تكشف حصتها بالحكومة الجديدة

عزة برس

نبيل أديب يوضح حقيقة منع الفريق الطبي الأرجنتيني دخول السودان

عزة برس

الشعبي: (الاطاري) سيمزق البلاد ويشعل الحرب

عزة برس

الحركة الإسلامية تدعو للخروج لاسقاط الاتفاق الاطاري

عزة برس

اترك تعليق