الأخبار

سيف البحر.. اليد الواحدة بتصفق بقلم عمار العركي

 

 

– الزميل الصحفي المُتيز والمُتفرد كعادتهِ ، على يُوسف تبيدي ، تفرد مشكوراَ بتغطية ونقل فعالية تأبين فقيد الوطن والإنسانية، النطاس البارع والإستشاري الإنسان، أخصائي أمراض النساء والتوليد ،الراحل المُقيم سيف البحر ، ألف رحمة ومغفرة ونور تتنزل على روحه.
– تمر علينا ذكراه ، كما مٌر هو ، سريعاَ ، وفي هدؤ ، ودون ضوضاء ، تباري أهلهُ وزملاؤهُ في وصفهِ ، وذِكر محاسِنهِ و فضائله وفعايله – وإن لم يحصوها – فهي ، كثيرة ، وأغلبها لا يعلم بها أحد ، إلا الله وسيف ومن أحسن اليهِ سيف ، والقليل منها ، تكشفت لمن سنحت لهم الفرصة فى معايشتها إبان فترة تقلد الفقيد لمنصب السكرتير الإجتماعى لجمعية اختصاصيي النساء والتوليد.
– ان سقطت ذكري وفاته في زحمة حياتنا اليومية ، فلم تسقط ذكراه من دواخلنا ، لأن الفقيد تربع فيها ، وحجز موقعه حفـَرَ نقشاٍ بأناملهِ التي سخًرها الله للناس شفاءاَ ، وبلسانهِ الطًيب الذى كان يحملهُ جواز سفر ودخول للقلوب .
تسيًد الذكرى والذاكرة من خلال إنسانيتهِ وبساطتهِ ووطنيتهِ وإخلاصه وتفانيه ، تِلك الخِصال والصِفات لمسناه وعايشناها وكُنا شهود عليها .
– رحمة الله عليهِ ، كان مرحاً هاشاً، باشاً ،حاضر الطُرفة في المواقف العصيبة ، يستخدمها ترياق معنوى ، ليخفف ألم النفس ، قبل أن يستخدم مِبضعِهِ لتخفيف ألم الجسد ، بلغ من الإنسانية منتهاها ، ومن الوطنية مداها الى الحد البعيد ، وتشهد له بذلك أعماله ومواقفه العديدة.
– أذكر منها موقفاٌ – كثيرا ما أرويه واتحدث به ولا أمل – لأن فى هذا الموقف تجلت كل الصفات والخصال التى تميز بها الفقيد ، وذلك حين كان إضراب الإخصائيين الشهير عن العمل في العام 2010م بسبب ضُعف الحوافز ، حيث أضرب كل إخصائيي مستشفى الدايات ، عدا الفقيد سيف ، وفي ذات اليوم كانت زوجتي في حالة وضوع متعثر وحرج – كعادتها عند كل ولادة لها – وعدد من الحالات الأخرى المشابهة لحالة ،زوجتي بالجناح الخاص ،.اضافة لعدد آخر من الحالات الطبيعية بعنابر الدرجات ، ولا يوجد اي اخصائي بالمستشفى سوى الفقيد سيف ، وكانت يده اليسرى “مكسورة” وموضوعة داخل الجبص ، ولكنه رغم ذلك ، أجرى في هذا اليوم العصيب (19) عملية ولادة قيصرية وطبيعية ، كي يرى النور على يده اليمنى تسعة عشر نفس ،ليس لها ذنب في ضُعف مرتبات وحوافز الأخصائيين ، – كان الفقيد ،سيف ، الاخصائي الوحيد الذى يهرول نشطاً، بين الجناح الخاص وعنابر الدرجات – رغم التعب والإرهاق وألم اليد اليسرى المعطوبة – كان هاشا، باشا ويُطلق النَكات والطرائف وكلمات التطمين ، مذوباً لحالة القلق والتوتر والترقب التى تعترى النساء العائدات و المرافقات لهُن .
– أوقفته في باحة المستشفى وهو خارج من عملية ، ومتوجه لأخرى ، سألته قلقاَ ، اها …. يا دكتور دورنا لسه ؟
قال لي بطرافته المعهودة.. شوف زولك ده من هسا راسو كبير ، وجاي مُعارض – يقصد بالعرض وليس بالطُول – ، حا أديهو ساعتن تاني ، إستعدل إستعدل ، ما إستعدل،بشرط ليك أمو وأبوهو ذاتو، أنا القاها من الأبو ، ولا من ولدو ؟ وواصل مشيه وهرولته كما لم يحدث شئ.
– فيما بعد وحتى مساء ذاك اليوم ، إضطر سيف لإجراء عملية قيصرية لزوجتى ، و فيما بعد صارحنى بأ زوجتي كانت طيلة اليوم في حالة خطرة بسبب ارتفاع حاد ومفاجئ في الضغط بسبب ضغط الجنين ، اضافة الي مصابة بارتفاع ضغط الدم – سبق ونصحنا الفقيد سيف في تأجيل الولادة حتي يُعالج مشكلة الضغط – وفى لحظة خروجه غرفة العملية باغتني مباشرة وقال لي: غايتو يا زول المرة مبروك وحمداً لله علي السلامة، وربنا لطف ، لكن تانى (لو لقيتكم بتتحاومو في حوش الدايات الا تقوموا جاريين).
– سييظل المرحوم الدكتور سيف محمد خليل البحر ، حاضراً ومقيماً في ذاكرة الوطن الذي إفتقده – أُسرته الكبيرة – وفى ذاكرة آل البحر – أُسرته الصغيرة – وهم كبار قامة وهامة وبحر للعلوم والتميز ، دكتور حاتم ، دكتور عمار ، رجل الاعمال الفاتح ، باشمهندس خليل ، دكتورة سناء ، وآمنة التى إنجبت اثنين (دكاترة سيوف)، بذات صفات وجينات خالهم الفقيد سيف ، احسن الله عزاؤكم و عزاؤنا وعزاء الوطن ،
ونسأل الله أن يرحمه ويغفر له، ويسكنه فسيح جناتهِ.

مواضيع ذات صلة

خطاب د. “حمدوك” بمناسبة مرور عام على الحرب

عزة برس

مقاشي الخضراء تكتسي بحلة زاهية وتتزين احتفاء بحافظات القرآن الكريم

عزة برس

لقاء تفاكري ناقش مبادرة السوباط لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة لما بعد الحرب

عزة برس

مؤتمر صحفي لوالي كسلا غداً

عزة برس

سفير السودان بفرنسا يستنكر غياب حكومة بلاده و يهاجم ورشة باريس

عزة برس

بالصور.. مجموعة من مستنفري شباب غاضبون يلتقون “البرهان “

عزة برس

اترك تعليق