كلما حاول «الرعايا» تصديق أنهم مواطنون فى دولة أثبت لهم جنرالات المصادفات و «القادة» الذين استولدتهم دول المحاور والتحالفات الاقليمية والدولية التى تلغى الشعب وتجعل الدولة اسطورة من صنع الخيال فارضنا اصغر أن تتسع رغم مساحتها ومواردها لدولة الرعايا اسطورة تحمل تشوهات الانقاذ.
كلنا للوطن اي وطن لكن الوطن ليس لنا وليس لابنائنا بل لهم سواء اكانوا جنرالات أو للتنظيم العالمي أو للامبريالية.
كيف يمكن أن يكون المواطن منتميا لاطاره الطبيعى وهو الدولة كيف يشعر بأنه فى مأمن من ديمقراطية القناع ويطمئن بوجود فكرة المداورة السياسية كيف يمكن أن يمارس خياره السياسى بناء على التطلعات والطموحات لا المخاوف والمطامع؟ فى ظل شرعية القوة المصنوعة وشرعية قوة الارهاب على الرغم من كثرة الاسئلة وتداخلها وتعقيدها يبقى من الضرورى أن يتحصل الانسان السودانى علي حقوقه الاساسية بوصفها حقوقا لا منحا ولا اعطيات ولا منجزات تحسب عليه فالاحرار هم من يمكنهم صناعة التغيير أما من يفتقرون كذلك فهم مقيدون لا يمكن حتى أن يسهموا فى بناء الوطن أو فى انقاذه كانت الايام الماضية أياما عصيبا ومازالت على المواطن السودانى وخاصة ساكن منطقة جبرة وهو يشاهد الارهاب من خلال منصات المواطن الصحافى المسلح بهاتف ذكى يذيع ويبث منه على منصات عديدة معلومة للتواصل الاجتماعى مواقف وتحليلات واخبار غير مسيطر عليها قادرة على السفرعبر جهات الكوكب الاربع برمشه هذا هو السودن بعد اكثر من عامين من الثورة تعبث به الدولة العميقة بعنفها وارهابا بسدنتها وبتنظيمها العالمى يهدد حياة الناس فى الاحياء الشعبية وفى كل مدن السودان.
والسؤال ما الذى يتركه هذا الارهاب وهذا التواجد الكثيف للارهابين وهذه الحاضنة التى وجدت ملاذاً آمنا فى السودان حتى ما بعد سقوط النظام الارهابى من المسؤول؟ ولماذا ظهرت هذه الاحداث فى هذا التوقيت بالذات؟ اهي شيطنة الانتقال أم الحد من المدنية!!؟ العنف والارهاب والقتل والجوع والعقوبات والحصار ومشاكل المناخ واختلال القيم بمجموعها هي من عناصر تكوين عالم اليوم لقد وقعت البشرية في فخ الاستخدام المفرط لامكاناتها الهائلة فتوزعت على ساحات ومنصات وسلوكيات وافكار لعب من مخزون متوارث ومن منتج استعمال الانسان ما بين يديه من قدرات ومافى عقله من افكار فالفكر ليس بعيداً عن الاحداث ولا عن نتائجها بل هو فى أساسها والمحرك لها فالتفكير فى زمن الجهل هو شئ ضرورى والتفكير فى زمن الحاجة والعوز هو ايضا مطلوب كي يسهم فى اجتراح الحلول والعمل عليها اما التفكير فى زمن الاستبداد والسلبطة والتقتيل والتجويع فانه ربما سيسقط فى فخ المنطق المقلوب والقائم على أذدواجية المعايير المعمول بها ما قد يوقعه فى خانة المحظور.
لم ترحم الانقاذ فى محطات عديدة من تاريخ عهدها ولا الذين انتجوها لقد قتلت واحرقت وثكلت واعدمت لقد أصبح التفكير فى عهد الانقاذ بابا إلى الحياة الاخرى عندما ساد منطق الجهل فقامت محاكم التفتيش وحروب الردة والتكفير في زمن التفكير لقد سقط العقل صريع التقليد الغيبى والغبي وسقطت معه كل امكانية
(تنوير) كان الشعب السودانى فى حاجة اليها هو عالم تسوده عقلية «المتعالي» والمتجبر على قاعدة امساكه المفاتيح الحياة من ابسط مقوماتها من تامين الحاجات الضرورية للمعيشة وصولا إلى التفكير المتحرر من قيود الجهل والاسطرة لقد أعدمت كل امكانية تحديث أو تثوير على واقع اصبح اجتراراً لما سبقه ليقع الفكر فى سجن العجز أو اقله عدم المبادرة فكيف إذن للفكر الانسانى ان ينتج وان يسهم فى حل المعضلات واجتراح الحلول وهو دوما فى موضع الاتهام اننا نعيش اليوم زمن التفلت من اصول الكلام والفعل واضحى العالم فريسة منطق السوق الشكلى الذى ياخذ بالقشور وليس بالجوهر لتسقط معه القيم فى مأزق التأويل وتنفى هو عالم فالت ومنفلت يحكمه منطق رأس المال الجشع والياته قيمه هي الربح واهدافه هى السيطرة تنتج من الحروب اكثر ما تنتج من الغذاء وتنتج من الموت اكثر مما تنتج من الاوكسجين تتسع معها ثقب الاوزون غير مبالية بما سياتى بعد ذلك لو هلكت البشرية احتراقا بفعل الارهاب الانسان ليس هو القيمة المضافة بل هو المستهدف وعليه أن يدفع دوما.
لقد ابتلى السودان أفة الانقاذ التكفيرى واصبح مرضا عضالا لا براء منه معها سقط الفكر التنويرى صريح الجهل المتحكم والمسيطر ليصبح مستمراً ومقوليا وفق أهواء ومصالح من يمتلكون القرار هو زمن التقتيل المتنقل لايستثنى احداً ولا يبالى بكم أو بنوع هو ذلك الفكر الفالت المتعجرف يسكن القصور والشقق والاحياء الشعبية هو فى حكم الرعيان على اختلاف شيعهم واصنافهم فيهم المأجورين والموتورين والقتلة والجهلة والافواج المولفة لا تنضب نظم سياسية وعصابات ومذاهب تطوف إلى ماحولها فتعطل كل امكانية لفتح ثغرة فى جدار التعمية السميك تقول وتفتى وتمضي وتقرر وتنفذ لايردعها رادع غير مبالية بقيم ولا يحجبها ساتر مكشوفة فى العراء امام ضوء النهار ولا تستحي لقد اذلوا وقتلوا وجوعوا وافقروا ولايزالون يملؤون الفضاء المفتوح على خطاباتهم الفارغة وصورهم البالية وكلامهم المستهلك الفاقد للقيمة وللاهلية لاعقل ولا تفكير تنظيم عالمى بفروعه الاقليمية والمحلية يحكم يستبد يحي ويميت فالعقم لن ينتج خصوبة والخيارات المستنفذة لن تشكل بديلاً هو المسار المؤدى هو المسار المؤدى إلى قلب الطاولة على رؤوس من اورثوا فى الارض فساداً وتبعية وعمالة لذلك يجب ان تكون الرد على قدر الهجوم وعلى قدر المستطاع لاخيارات كثيرة متاحة اليوم فى ظل الفوضي العارمة المتنقلة لا تهدأ ولا تستقر رأس المال مستنفر بعدته وعديده الانظمة تخاصص وتقمع الشعوب فى طوابير الذل المتنقلة اسيرة الجهل والعوز والفقر وقلة الحيلة تعاند وتكابر وتكافح ليس امامها ترف الاختيار إلى أي منقلب سوف تنقلب امام حالات الانقلاب السياسي وتدهور الخطاب السياسي إلى هذا الدرك من السفاهة وامام انفلات الاخلاق وحشرها بين شاقوق المخاصصات وسندان رأس المال آفة العالم بشراء الذمم تلك العقلية المتسلطة والمدعومة بقوة السلاح ورأس المال هي تلك السلطة اللامتناهية التى تمارسها امبراطورية الشر مع ثبات غياب استحقاقات كبرى مثل تسليم السيادى وتشكيل المجلس التشريعى ومجلس القضاء العدلى والنائب العام ورئيس القضاء وتأسيس المحكمة الدستورية وهيكلة القوات النظامية مؤسسات لا تستقيم من دونها المرحلة الانتقالية أو العملية الديمقراطة باسرها الاخطر ظهور الخلايا النائمة فى هذا التوقيت يعيد تكريس الكثير من الظواهر السلبية التى اقترنت بنظام الانقاذ فضلا أن المكون العسكرى يمنح نفسه صلاحيات شبه مطلقة ليست من صميم واجباته فى ادارة علاقات السودان الخارجية والانفتاح على هذا المحور أو ذاك والمضي ابعد فى التطبيع مع الصهاينة من دون تفويض من مؤسسات الحكم الانتقالى.
الانقاذ أدركت مبكراً انها ساقطة تركت ورائها ارثا مشؤوما من العنف والفوضي والارهاب تديرها ابنائها الخلص لتفرط اجندتها بعد سقوطها لتشهد ان مجلس امن النظام المخلوع لا يؤمن إلا بالديمقراطية الشكلية وليس لديه مشكلة لكن بشرط أن يتمخض عن نظام خاضع مثل تلك الانظمة التى تطالب بها دول المحور وقد شن حرب استباقية وليست استردادية بما أن الامر يتعلق باضفاء شرعية على الدمار الذى سيحدثه خطر لم يتجسد بعد يمكن أن يحدث شرخا فى المجتمع.
لقد اهدرنا وقتاً على النقاش العقيم والذى لم يلد افكاراً خلاقه بل مزيد من الغرف فى التكرار والافراط فى جلد الذات الم يحن وقت اجتراح البديل!!!!.
الخرطوم 5اكتوبر2021
