وكيف لا تكون كذلك وقد بدأت خطواتها الواثقة خطوة بخطوة في تلفزيون السودان فور تخرجها من جامعة الخرطوم ونيلها درجة الشرف من كلية الاداب، قسم اللغة الانجليزية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، شابة خلوقة طموحة اتت بها رغبتها في الاعلام المرئي والمسموع تسبقها موهبتها الفذة في سرعة التعلم هادئة الطباع لطيفة حبوبة احبها زملاؤها ومنذ لحظة دخولها مبني التلفزيون حين جاء دورها لتقف امام لجنة إختيار المذيعين الجدد كانت واثقة جدا من نفسها وابتسامة صافية تزين وجهها الطفولي البريئ. أول من لفتت نظره اليها ابو الاعلامين الاستاذ د.عمر الجزلي رئيس لجنة اختيارات المذيعين الجدد وبعين الخبير الحصيف تأكد له انها سابقة لعمرها وايضا موهبتها دون ال2031. ممن كانوا ضمن كشوفات الممتحنين للجنة ! طفق د. الجزلي يوجه اسئلته المباغتة والساخنة للشابة الصغيرة التي تقف امامه وكلنا ذهول من ثباتها وسرعة بديهتها واجاباتها الصحيحة والموزونة والعميقة ودون تردد! مما حدا بكل اعضاء اللجنة بعد الفراغ من الامتحان القاسي جدا والذي في مضمونه ومحتواه يظهر اصحاب المواهب الحقيقيون ان صفقوا وبحرارة بل وهنأها الجميع وابتسامات الرضا تغطي الوجوه.
وككل المذيعين المبتدئين كانت تخرج مع اتيام العمل للتدريب العملي وكان أكثرهم رغبة في التعلم واكثرهم هضما لكل ما تقع عليه عيناها من تفاعل المذيعين القدامى مع الاحداث فتحفظ وتراجع وتتعلم وتبدع وحيث انه في ذياك الزمان البهي النضر. كان ولوج المهنة الا لاصحاب المواهب الحقيقيين فلا مجال للمجاملات ابدا ذلك قبل ان تتدخل معاول الهدم الانقاذي لينفرط العقد وتتناثر حباته! لم يمض زمن طويل الا وكانت هي تطل علي شاشة القومي ببرامج من بنات افكارها صورة محتشمة صوت قوي وهادئ النبرات ثقه بالنفس كبيرة جدا وحضور مميز طاغ اكسبها في فتره وجيزة من انخراطها في العمل التلفزيوني حب الجماهير واعجاب المشاهدين الذين كانوا ينتظرون برامجها واطلالتها بكل الشوق عانت ماعانت من اعداء النجاح الذين يقفون بالمرصاد للابداع والمبدعين حوربت كما لم يحارب احد من قبل، فقد كانت تشكل عقبة كؤود لانصاف المواهب ومتبطلي المهنة لم تلين قناتها ولا عزيمتها ولم تنكسر ما زادها ذلكم كله الا ثباتا واصرارا علي تكملة المشوار وحلمها الذي راودها منذ نعومة اظفارها في ان تراه ماثلا امام ناظريها نجاحا فوق نجاح وتقوق يعقبه آخر وهكذا مضت سفينة احلامها الوردية تمخر عباب بحر متلاطم الأمواج وفي عمق مياه تختبئ الحيتان المتوحشه بداخلها. تتحين لحظه الانقضاض عليها ! وبحنكة الملاح. وربان السفينة الحازق تخطت المخاطر وقادت سفينتها الي بر الأمان . وسط اعجاب محبيها ومحبي فنها وتألقها وابداعها ورست علي شاطئ الابداع المحلي والاقليمي والعالمي لتأتلق مرات ومرات وتحصد الاعجاب تلو الاعجاب ومن منصات اعلامية اقليمية ودولية نالت برامجها ارقى الشهادات التقديرية من مؤسسات اعلامية كبري وطفقت هي تطوف علي بلدان العالم لتقطف لنا من بساتين الابداع الانساني والاعلامي احلي الورود والزهور وتقدمها لنا في اطباق العلم الحديث في كيفية صناعة البرامج التلفزيونية وكيف تكون المحاور والحوارات الذكيه ! لم استغرب ولم اندهش ابدا ليلة الاول من الامس وانا اطالع في قناة تتبع لدوله تركيا. وقائع حفل تسليم الجوائز والشهادات. للمشاركين والمشاركات. في البرنامج التدريبي والذي جاء تحت عنوان. الرخصة الدولية للمرأة القيادية والريادية (قوة التأثير نحو قيادة التغيير).
ولم اندهش ابدا وانا اري الشاشة امامي تهتز من تصفيق الحاضرين عند اعتلائها للمنصة لاستلام جائزتها وشهاده توثق لمشاركتها في البرنامج لم يكن وليد صدفة وشخصي كبيرة للمذيعات بالتلفزيون القومي ان منحتها لقب. ملكة التلقائية فالشاهد مامن برنامج تطل فيه او شاشة تطل عليها الا وتجبر الجميع علي متابعتها حتي شعار الختام ! تلقائية في الاداء مبهرة ثقافة وافرة تمتع بها نفسها اولا ومن ثم مشاهديها سلاسة الحوارات العميقة الجاذبة وراقية كيف لا وقد كانت ممن لا يتعجلون الشهرة. فجاءتها الشهرة صاغرة حتي قدميها وهنيئا لها بتلك العظمة وذلك المردود المهيب من بطاقات الاعجاب والتفرد والتميز… الاستاذة الاعلامية القديرة غاده عبد الهادي التميز انت وانت الابداع المستحيل.
